معسكر السراج يرفض «اتفاق» حفتر ومعيتيق حول إعادة إنتاج النفط

وسط صمت أميركي وأممي... وتعزيزات عسكرية في سرت ومصراتة

المشير خليفة حفتر بمكتبه في بنغازي بعد إعلانه استئناف إنتاج النفط الليبي (أ.ف.ب)
المشير خليفة حفتر بمكتبه في بنغازي بعد إعلانه استئناف إنتاج النفط الليبي (أ.ف.ب)
TT
20

معسكر السراج يرفض «اتفاق» حفتر ومعيتيق حول إعادة إنتاج النفط

المشير خليفة حفتر بمكتبه في بنغازي بعد إعلانه استئناف إنتاج النفط الليبي (أ.ف.ب)
المشير خليفة حفتر بمكتبه في بنغازي بعد إعلانه استئناف إنتاج النفط الليبي (أ.ف.ب)

وسط صمت السفارة الأميركية وبعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، بدا أمس أن معسكر حكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، ما زال يعيش ما بعد صدمة الإعلان المفاجئ عن الاتفاق المثير للجدل بين نائبه أحمد معيتيق، والمشير خليفة القائد العام لـ«الجيش الوطني»، لرفع الحصار النفطي. وتزامن ذلك مع دعوة حكومة شرق ليبيا للبعثة الأممية لـ{التعامل بإيجابية} مع إعلان استئناف إنتاج وتصدير النفط، وإعلان وزارة الخارجية التابعة للحكومة المؤقتة في شرق ليبيا تأييدها إعلان استئناف إنتاج النفط وتصديره،. كما رحبت روسيا بالاتفاق الليبي بشأن صادرات النفط وتوزيع عوائده.
وتحسباً لأي رد فعل من الميليشيات الموالية لحكومة «الوفاق»، عززت قوات «الجيش الوطني» مواقعها أمس، عبر تعزيزات عسكرية في محاور شرق مصراتة (غرب)، حيث أظهرت لقطات مصورة وصول تعزيزات مماثلة من اللواء التاسع، التابع للجيش الوطني، إلى محور مدينة سرت الاستراتيجية الساحلية. وأعلن اللواء أسامة جويلي، آمر المنطقة العسكرية الغربية التابعة لحكومة «الوفاق» وأبرز قادتها العسكريين، رفضه لاتفاق معيتيق وحفتر بشأن استئناف إنتاج النفط وتصديره، وقال في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس: «نعلن بجلاء، للداخل والخارج، أن هذه المهازل لن تمر، وأي اتفاق غير معلن سيكون مصيره الفشل»، مضيفاً: «ننتظر موقفاً من أعضاء المجلس الرئاسي للحكومة والنواب بشأن الاتفاق المزعوم». وعد أنه «على من يحرص على وحدة ليبيا أن يظهر تنازلاته، وليتعفف عن مصالحه الشخصية في الحوارات الدولية المقبلة»، في إشارة ضمنية إلى المشير حفتر.
لكن عبد الهادي الحويج، وزير الخارجية في الحكومة الموازية بشرق البلاد الموالية لـ«الجيش الوطني»، عد أن موقف جويلي جزء من سياسة الميليشيات المسلحة التابعة لـ«الوفاق»، وقال في تصريحات تلفزيونية أمس إن جهات أجنبية، من بينها تركيا، تسيطر على الأطراف الرافضة للاتفاق الذي طالب المجتمع الدولي بتأييده والترحيب به.
وفي حين التزم السراج الصمت، قال أحد كبار مساعديه لوكالة «بلومبرغ» الأميركية، أمس، إنه «لم يوافق على الاتفاق، مما سيلقي بمزيد من الشكوك على استئناف وشيك للإنتاج».
وتعرض أحمد معيتيق لسلسلة مضايقات، تمثلت في إلغاء مؤتمر صحافي كان على وشك أن يعقده أول من أمس، بأحد فنادق مدينة مصراتة التي ينتمي إليها، حيث أظهرت لقطات مصورة اقتحام أشخاص للمكان قبل انسحاب معيتيق الذي طلب لاحقاً من قناة تلفزيونية محلية عدم بث مقابلة كان قد سجلها حول الاتفاق.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر في مصراتة أن المعترضين على معيتيق على ارتباط بوزير داخلية «الوفاق»، فتحي باشاغا، وآمر ما يسمى «لواء الصمود»، صلاح بادي، أحد المطلوبين دولياً بتهمة ارتكاب «جرائم حرب».
وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «احتكاكات حدثت دفعت معيتيق إلى التراجع عن عقد المؤتمر الذي كان يفترض أن يشرح فيه ملابسات اتفاقه» مع وفد «الجيش الوطني». وكشفت عن دخول معيتيق في حوار جانبي مع بعض الشبان الغاضبين من الاتفاق، وعن ظهوره في مصراتة وليس طرابلس، مقر حكومة «الوفاق»، وأنه أبلغهم خلال الحوار أن تحركه تم دون علم السراج وحكومته.
وكان يفترض أن يزور معيتيق الذي أبرم الاتفاق الأسبوع الماضي، في سوتشي الروسية، مع وفد من «الجيش الوطني»، مدينة سرت الخاضعة لسيطرته، لكن أعضاء آخرين في حكومته منعوه. وقال معيتيق مساء أول من أمس إنه يعتقد أن السراج سيقبل الصفقة، وأنه يريد خروج المرتزقة من البلاد، لكنه أوضح أن القضية لم تطرح في المحادثات. وأكد معيتيق ثقته في أن السراج سيدعم الاتفاق الجديد، لكنه أقر أيضاً بأن المؤسسة الوطنية للنفط لم تكن جزءاً من المناقشات التي أدت إلى الصفقة.
في المقابل، ذهب المشير حفتر إلى ما هو أبعد من الاتفاق، حيث أكد المتحدث باسمه، اللواء أحمد المسماري، دعم معيتيق في تمثيل المنطقة الغربية للبلاد، وقال في مؤتمر صحافي إنه تم تشكيل لجنة فنية مشتركة لتوزيع إيرادات النفط بشكل عادل، مضيفاً: «دعمنا لأحمد معيتيق في تمثيل المنطقة الغربية دليل على أننا لا نحارب الليبيين».
وتوقع المسماري أن يواجه معيتيق تهديدات أو رداً قاسياً من الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس خلال الساعات المقبلة، وقال إن قيادة الجيش «لا تمانع» في رئاسة معيتيق اللجنة الفنية المشتركة للوصول إلى حل توافقي.
وتابع المسماري موضحاً: «فتحنا حواراً مع ممثلين عن القبائل الليبية ومختلف المناطق، بمشاركة معيتيق، وتوصلنا إلى اتفاق بشأن إعادة فتح الحقول النفطية»، محذراً من أن بعض الميليشيات سيكون ردها قاسياً، وستضغط على المصرف المركزي.
ونأى مصرف ليبيا المركزي بنفسه عن الاتفاق، ورفض في بيان رسمي، مساء أول من أمس، الزج باسمه، ومحافظه الصديق الكبير، في أي تفاهمات تتعلق بتوزيع عائدات النفط الليبي، لكنه جدد في المقابل مطالبته بضرورة إعادة إنتاج وتصدير النفط فوراً، وحذر من ما وصفها بالتداعيات السلبية المتفاقمة الناتجة عن عملية الإغلاق.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر مقربة من «الوفاق» معارضة تركيا للاتفاق، ورفضها الحد من إشراف الصديق الكبير على إدارة الموارد المالية، وتقييد صلاحياته.
وقال مسؤولون في شركات نفطية تابعة لمؤسسة النفط الحكومية إنهم لم يتلقوا «أي إشارة من مقرها بطرابلس برفع حالة (القوة القاهرة) عن منشآت النفط، بعدما رفض مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة، السماح برفعها في ظل ما وصفه بـ(فوضى ومفاوضات غير نظامية)».



مصر ترفض «حكومة موازية» في السودان... وتستعد لـ«إعادة الإعمار»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT
20

مصر ترفض «حكومة موازية» في السودان... وتستعد لـ«إعادة الإعمار»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره السوداني علي يوسف في القاهرة (الخارجية المصرية)

في أول موقف مصري رسمي من تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، أكد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد، رفض بلاده لأي دعوات تشكيل أطر موازية، للإطار القائم حالياً في السودان، فيما أعلن الاتفاق مع نظيره السوداني علي يوسف، على تشكيل فريق عمل مشترك للتركيز على إعادة الإعمار في السودان بمساهمة من الشركات المصرية.

وجاءت تأكيدات عبد العاطي، عقب جولة مشاورات سياسية جمعته مع نظيره السوداني، علي يوسف الشريف، في القاهرة، شدد خلالها على أن السلامة الإقليمية للسودان «خط أحمر» بالنسبة لبلاده، لا يمكن التهاون فيه.

ووفق تقارير إعلامية، وقعت «قوات الدعم السريع»، وتحالف مؤلف من جماعات سياسية ومسلحة، في العاصمة الكينية نيروبي، «وثيقة إعلان سياسي ودستور مؤقت، لتشكيل حكومة موازية، في مناطق سيطرة (قوات الدعم السريع)»، في مواجهة الحكومة السودانية التي تتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها حالياً.

مشاورات سياسية برئاسة وزيري خارجية مصر والسودان في القاهرة (الخارجية المصرية)
مشاورات سياسية برئاسة وزيري خارجية مصر والسودان في القاهرة (الخارجية المصرية)

واستضافت القاهرة آلية التشاور السياسي بين مصر والسودان، برئاسة وزيري خارجية البلدين، الأحد، وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، أكدت المشاورات «أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة السودان، واستقلاله، واحترام سيادته وكل مؤسساته الوطنية، بما في ذلك الجيش السوداني»، على وقع الحرب الداخلية في السودان.

ويشهد السودان حرباً داخلية اندلعت منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، وتسببت في نزوح آلاف السودانيين داخل البلاد وخارجها، بينهم نحو مليون و200 ألف إلى مصر، حسب إحصاءات رسمية.

وشدد البيان المشترك لآلية المشاورات السياسية، على «رفض التدخل في الشأن الداخلي السوداني تحت أي ذريعة»، إلى جانب «رفض أي خطوات من شأنها المساس بسيادة السودان»، وأشار البيان إلى أن «حل أزمة الحرب الداخلية حق أصيل للشعب السوداني، دون إملاءات خارجية».

وفي مؤتمر صحافي مشترك، أعقب المشاورات، أكد وزير الخارجية المصري على أن «بلاده ترفض أي دعاوى لتشكيل أطر موازية للإطار القائم حالياً في السودان»، وأن «السلامة الإقليمية للسودان خط أحمر لمصر».

بدوره، شدد وزير الخارجية السوداني على أن «بلاده لا تقبل قيام أي دولة أخرى بإقامة حكومة موازية للسودان»، وقال إن «الحرب ستنتهي في بلاده بانتصار الجيش والمقاومة الشعبية على ميليشيا (الدعم السريع)»، ودعا إلى «ضرورة تقديم كل الدعم للجيش للحفاظ على وحدة ووضع السودان».

واستعاد الجيش السوداني، أخيراً، عدداً من المناطق الرئيسية كانت تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، خصوصاً في العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة، غير أن هذا التقدم تزامن مع تحركات تشكيل «حكومة موازية» جديدة.

ويأتي الموقف المصري الرافض لأي تحركات لتشكيل حكومة موازية بالسودان، دعماً لوحدة واستقرار السودان الداخلي، وفق رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير محمد العرابي، مشيراً إلى أن «موقف القاهرة ثابت ويستهدف الحفاظ على السيادة السودانية».

وباعتقاد العرابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، تحركات بعض الأطراف لتشكيل حكومة موازية، «ستزيد من حالة الانقسام السياسي الداخلي، وتعمق الخلاف بين الأطراف المختلفة»، مشيراً إلى أن «الحل السياسي يجب أن يصدر من الشعب السوداني نفسه، وأن يكون موقفاً سودانياً خالصاً دون إملاءات من أطراف خارجية».

وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني (الخارجية المصرية)

وفي تقدير مدير وحدة العلاقات الدولية بالمركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية، مكي المغربي، فإن تحركات تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، «لم تنجح، بفضل الرفض الإقليمي والدولي لها»، مشيراً إلى أن «مساعي القوى والأطراف السودانية الساعية لتشكيل هذه السلطة لن تتعدى مرحلة توقيع ميثاق سياسي مشترك».

ولم تحظ تحركات تشكيل حكومة موازية في السودان بأي تفاعل إقليمي أو دولي. وأوضح المغربي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشاورات المصرية السودانية متواصلة ولا تنقطع طوال فترة الحرب، بحكم ارتباط الأمن القومي للبلدين»، منوهاً إلى أن «خطوة تشكيل فريق مشترك لبحث ملف إعادة الإعمار، تأتي ضمن مسار التكامل بين البلدين»، عادا الشركات المصرية «الأقرب للعمل داخل السودان».

وأشار وزير الخارجية المصري إلى أن «بلاده على ثقة كاملة في أن السودان سيتعافى، وسيكون لمصر دور رئيسي ومباشر للمساهمة في بناء السودان الجديد»، وقال إنه «تم الاتفاق على تشكيل فريق مشترك من البلدين لدراسة عملية إعادة الإعمار، مع وضع التصور للبدء في عملية إعادة الإعمار والجدول الزمني».

وعلى صعيد الأمن المائي، أكدت مصر والسودان «العمل المشترك لحماية حقوقهما المائية كاملة»، وحسب البيان المشترك لآلية التشاور السياسي، شدد البلدان على «رفض التحركات الأحادية بدول حوض النيل»، كما أكدا «ضرورة استعادة التوافق وإعادة مبادرة حوض النيل، والحفاظ عليها باعتبارها آلية التعاون الشاملة الوحيدة التي تضم جميع دول الحوض، وتمثل ركيزة التعاون المائي لجميع الدول».وأكد المغربي «أهمية التنسيق المشترك بين البلدين فيما يتعلق بملف الأمن المائي»، وقال إن «القاهرة والخرطوم، لن تقبلا بأي إجراءات تضر بمصالحهما المائية».

وكشف وزير الخارجية المصري عن انعقاد اجتماع «2+2» لوزراء الخارجية والري في البلدين بالقاهرة، الاثنين، بهدف «تعميق التنسيق بين البلدين».