بعد 24 ساعة من طرد مديرة الصندوق الإنمائي.. الخرطوم تمهل مسؤولا أمميا أسبوعا للمغادرة

الأردني علي الزعتري أكد في رسالة إلى زملائه أنه سيغادر دون توضيح الأسباب

بعد 24 ساعة من طرد مديرة الصندوق الإنمائي.. الخرطوم تمهل مسؤولا أمميا أسبوعا للمغادرة
TT

بعد 24 ساعة من طرد مديرة الصندوق الإنمائي.. الخرطوم تمهل مسؤولا أمميا أسبوعا للمغادرة

بعد 24 ساعة من طرد مديرة الصندوق الإنمائي.. الخرطوم تمهل مسؤولا أمميا أسبوعا للمغادرة

أمرت الحكومة السودانية مسؤولا أمميا كبيرا بمغادرة البلاد بعد يوم واحد من طرد مسؤولة أممية أخرى من دون إبداء أسباب. وأبلغت الخرطوم الأردني علي الزعتري، الذي يعمل منسقا لمكتب الشؤون الإنسانية والتنموية التابع للأمم المتحدة في السودان بمغادرة البلاد في غضون أسبوع.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر داخل بعثة الأمم المتحدة في السودان، أن السلطات السودانية أمرت منسق الشؤون الإنسانية والتنموية لدى بعثة الأمم المتحدة في السودان بمغادرة البلاد في غضون أسبوع، وأن الرجل أرسل رسالة إلكترونية داخلية ودع فيها زملاءه العاملين لدى البعثة الأممية في السودان، أبلغهم فيه بقرار السلطات السودانية الطلب منه مغادرة البلاد في فترة أقصاها يوم 2 يناير (كانون الثاني) المقبل. ولم تدل الخارجية السودانية بأية إفادات بشأن قرارها بطرد المسؤولين الأممين البارزين، فيما أغلق علي الزعتري هاتفه، بعد أن كان قد رفض التعليق على قرار أول من أمس بطرد مديرة صندوق الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) إيفون هيلي.
وطلبت السلطات السودانية من الزعتري مغادرة البلاد بعد يوم واحد من قرارها بالطلب من المدير القطري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السودان الهولندية إيفون هيلي مغادرة البلاد 72 ساعة. وقال الزعتري في رسالة بريد إلكتروني حصلت «الشرق الأوسط» على نصها، وهي موجهة لـ5 عناوين بريد إلكتروني كلها تحمل اسم الأمم المتحدة «أنا مغادر». وأضاف: «يؤسفني أن أبلغكم أن حكومة السودان طلبت مني مغادرة البلاد، وسأغادر يوم 2 يناير المقبل، مع تحياتي».
وقالت مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إيفون هيلي في رسالة مشابهة أول من أمس موجهة الحديث لرئيسها علي الزعتري، إن حكومة السودان طلبت منها المغادرة يوم الاثنين المقبل باعتبارها شخصا غير مرغوب فيه. وجاء في الرسالة: «يمكنكم تخيل الصدمة التي أصبت بها، وكما تعرفون فقد أحببت العمل والعيش في السودان، والقرار لا يتيح لي وقتا لأقول لكم وداعا». ونشبت الأزمة بين الخرطوم والزعتري في 2 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إثر نقل مركز صحافي مقرب من أجهزة الأمن السودانية «إس إم سي»، تقارير تحدثت أن الزعتري أساء للسودان ورئيسه في مقابلة أجرتها معه صحيفة نرويجية، لكن مكتب الزعتري نفى الأمر وقتها في الصحافة المحلية، وقال إن ما نسب إليه غير صحيح، مستبعدا احتمال طرده من البلاد.
وتوترت العلاقة بين الحكومة السودانية والأمم المتحدة إثر ذيوع أخبار عن عمليات اغتصاب جماعي بحق 200 امرأة في دارفور نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وتنفي بعثة حفظ السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد) في تقرير نشرته سابقا وقوع عمليات الاغتصاب، وطلبها إجراء تحقيق ثان رفضته الخرطوم. وطلبت الخرطوم وقتها من البعثة وضع «استراتيجية خروج»، بيد رئيس بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة هيرفي لادسوس قال إن البعثة لن تغادر السودان في القريب العاجل.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم