«الأوقاف» تتهم «قنوات خارجية» بالتحريض ضد القاهرة بشأن دور العبادة

افتتحت 72 مسجداً أحدها بتنزانيا

TT

«الأوقاف» تتهم «قنوات خارجية» بالتحريض ضد القاهرة بشأن دور العبادة

بينما افتتحت وزارة الأوقاف المصرية أمس 71 مسجداً جديداً في ربوع البلاد، ومسجد المركز الإسلامي المصري بدار السلام في تنزانيا بعد تطويره. هاجمت الوزارة «(قنوات) - لم تسمها - تبث من الخارج تحرض ضد الدولة المصرية بشأن دور العبادة». وقال مصدر في «الأوقاف» إن «الوزارة كانت تفتتح المساجد بأعداد كبيرة، ولا تلقي الضوء عليها؛ لكن البعض الآن يشكك في هذا، بسبب أهداف سياسية، ويدعي (كاذباً) هدم المساجد في مصر، وهو ما دفع الوزارة للإعلان عن هذه الافتتاحات»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «الوزارة تخطط لافتتاح 75 مسجداً جديداً الجمعة المقبلة».
وسبق أن اتهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في نهاية أغسطس (آب) الماضي، من وصفها بـ«قنوات مسيئة» بالسعي لـ«تخريب وتدمير الشعوب». وقال حينها «إنها (أي القنوات) تسعى دائماً إلى التشكيك فيما نفعله، وتزعم أننا نهدم المساجد؛ لكن أقول لهم: (أنتم تقومون بتخريب وتدمير الشعوب... لكن نحن نبني ونعمر)». ورغم أن الرئيس المصري لم يشر حينها بالاسم لتلك «القنوات»؛ فإن كثيرا من المسؤولين المصريين، دائماً ما ينتقدون ممارسات بعض وسائل إعلام تبث من خارج البلاد، وغالباً ما تركز برامجها على انتقاد الإنجازات المصرية.
وتطال عناصر جماعة «الإخوان» التي تصنفها السلطات المصرية «إرهابية»، اتهامات بنشر «أنباء غير صحيحة» على بعض صفحات التواصل، وبعض المواقع الإلكترونية، وبعض «القنوات الفضائية خارج مصر»، خاصة التي تتعلق بالأحوال المعيشية في مصر.
وتتهم «الداخلية المصرية» جماعة «الإخوان» بأنها «تهدف لنشر الأكاذيب لإثارة الرأي العام في البلاد». وفي نهاية يوليو (تموز) الماضي، أعلنت «الداخلية» عن «توقيف عناصر تابعة للجماعة خططت لإعداد تقارير وبرامج إعلامية (مفبركة) عن الأوضاع في البلاد». وسبق أن حذرت «الأوقاف المصرية» من «التهاون في الرد على (ادعاءات خلايا الإخوان) على (الإنترنت)». وقال وزير الأوقاف المصري، الدكتور محمد مختار جمعة، إن «الغفلة عن سموم (الخلايا النائمة) خطأ كبير وثمنه باهظ ولو بعد حين».
فيما هاجم وزير الأوقاف المصري خلال خطبة الجمعة أمس، من «يبتزون الناس - على حد قوله - من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عبر الصفحات الشخصية (المزيفة)». وافتتح وزير الأوقاف، وعدد من المسؤولين مسجد «الأحياء» بمدينة الغردقة المصرية، تزامناً مع افتتاح المساجد أمس. وقالت «الأوقاف» إنها «افتتحت مسجداً في تنزانيا، وتسلمت أعمال تطوير المركز الإسلامي المصري التابع للوزارة بدار السلام بتنزانيا، في إطار الاهتمام بالعمق الاستراتيجي الأفريقي ودور مصر الريادي في نشر الفكر الوسطي المستنير في مختلف دول العالم». وأكد الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، في تصريحات متلفزة له، أن «افتتاح مسجد بتنزانيا أبلغ رد على ما يتردد بأن مصر تهدم المساجد عبر عدد من (القنوات الإعلامية في الخارج)». فيما قال المصدر في «الأوقاف» إن «هذه القنوات التي تبث من الخارج، تتحدث كذباً عن هدم المساجد بمصر، وفي حقيقة الأمر هذا الملف شهد طفرة حقيقية خلال السنوات القليلة السابقة، وهناك اهتمام كبير به».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».