الغضب من نتنياهو في إخفاقات «كورونا» يتغلب على إنجازاته في السياسة الخارجية

TT

الغضب من نتنياهو في إخفاقات «كورونا» يتغلب على إنجازاته في السياسة الخارجية

رغم الإجماع في إسرائيل على أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، حقق إنجازات كبيرة في السياسة الخارجية، فإن إخفاقاته الكبيرة في مكافحة انتشار فيروس «كورونا»، وتفاقم الأزمة الاقتصادية والحرب التي يخوضها ضد مؤسسة القضاء للتهرب من محاكمته بتهمة الفساد، تتغلب على الإعجاب بسياسته الخارجية. وأشارت نتائج استطلاع جديد للرأي، أجري بعد الاحتفال في واشنطن بالتوقيع على معاهدة السلام مع الإمارات واتفاق مبادئ السلام مع البحرين، إلى تراجع في شعبية نتنياهو، وإلى تقدم إضافي في قوة اليمين المتطرف.
الاستطلاع كان لصالح القناة 13 للتلفزيون الإسرائيلي، بإشراف البروفسور كميل فوكس، سئل فيه نحو 700 شخص من المواطنين كيف سيصوتون لو جرت الانتخابات اليوم؟ وكانت النتيجة أن حزب الليكود بقيادة نتنياهو سيحصل على 30 مقعدا، وبذلك يخسر مقعدا إضافيا من نتائج الاستطلاع الأخير الذي جرى قبيل التوقيع على الاتفاقات في واشنطن، ويخسر عمليا 6 مقاعد من قوته الحالية (36 مقعدا). كما سيخسر حلفاء نتنياهو في الحكومة الحالية نسبة كبيرة من قوتهم، فحزب الجنرالات «كحول لفان»، الذي يتمثل اليوم بـ16 مقعدا في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، سيخسر نصف قوته ويهبط إلى 8 مقاعد. وحزب شاس لليهود الشرقيين المتدينين، بقيادة وزير الداخلية إريه درعي، سيخسر مقعدين (من 9 إلى 7 مقاعد). وحزب العمل بقيادة وزيري الاقتصاد عمير بيرتس والرفاه إيتسيك شمولي وكذلك حزب «ديرخ إيرتس»، بقيادة وزير الاتصالات يوعاز هندل وحزب «غيشر»، بقيادة وزيرة شؤون المجتمع المدني، أورلي آبي أكسيس، ستختفي من الساحة السياسية تماما ولا يعبر أي منها نسبة الحسم. والحزب الوحيد في الائتلاف الذي يحافظ على قوته، هو حزب اليهود الغربيين المتدينين «يهدوت هتوراة»، ستبقى معه 7 مقاعد. وسئل المستطلعون عن رأيهم في سفر نتنياهو، على رأس وفد إسرائيلي إلى واشنطن للتوقيع على الاتفاقات مع الإمارات والبحرين، رغم تفاقم أزمة «كورونا»، فقال 49 في المائة منهم إنهم يؤيدونه في ذلك، فيما قال 33 في المائة إنهم عارضوا هذه الخطوة وكانوا يفضلون بقاءه في البلاد لمعالجة «كورونا» والأزمة الاقتصادية، وقال 18 في المائة إنهم لا يعرفون الإجابة عن هذا السؤال.
وعليه فإن التفسير لتراجع نتنياهو هو أنه ناجم عن أزمة «كورونا». فقد قال 68 في المائة من الإسرائيليين في الاستطلاع إنهم يعتزمون الانصياع للإغلاق الشامل الذي تفرضه الحكومة في فترة الأعياد اليهودية ويبدأ ظهر اليوم الجمعة المقبل، مع أن 70 في المائة غير مقتنعين بأنه القرار الصحيح. وقال 58 في المائة إن إدارة حكومة نتنياهو لأزمة فيروس «كورونا»، فاشلة.
وفي تعليق على هذه النتائج، قال الجنرال عاموس غلبوع، المحاضر في الشؤون السياسية والأمنية، إن نتنياهو يعيش ذروة نجاحاته في مجال السياسة الخارجية والأمن الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته يعيش أيام الدرك الأسفل والفشل الأكبر له في مجال السياسة الداخلية والحرب الثانية ضد فيروس «كورونا».
فالتوقيع على اتفاقات السلام والتطبيع مع دولتين عربيتين في الخليج، يعكس عهدا جديدا في الشرق الأوسط، لكن مشكلة إسرائيل الخطيرة هي وضعها الداخلي، وضعفها السياسي والاجتماعي. فقد فشل نتنياهو جدا في الحرب الثانية ضد «كورونا»، وبتنا في وضع من شأنه أن يؤدي إلى الفوضى. والشعور هو أنه لا توجد زعامة، وذلك لاعتبارين: أولا، بسبب عوامل تنبع من سلوك وطبيعة نتنياهو اللذين يمنعانه من أن يضع جانبا الاعتبارات الحزبية والشخصية في صالح هدف آخر، أي الانتصار في الحرب ضد «كورونا». ثانيا، التآكل المتواصل، المفعم بالكراهية، في زعامته، ولا سيما في السنوات الخمس الأخيرة. في هذه السنوات أدخلت إلى الوعي العام كلمة «فاسد»، ولكونه فاسدا ظاهرا، فهو غير ملائم لأن يكون رئيس وزراء».
وكان الاستطلاع المذكور قد طرح السؤال التقليدي على المستطلعين، من من الشخصيات القيادية يصلح رئيسا للحكومة في هذه الظروف، فقال 31 في المائة من الإسرائيليين إن نتنياهو هو الأنسب، بينما قال 18 في المائة إن نفتالي بينيت هو الأنسب، يليه يائير لبيد 13 في المائة وبيني غانتس 10 في المائة. ويدل هذا الجواب على عمق أزمة القيادة في إسرائيل، التي تحدث عنها جلعاد. فالجمهور الإسرائيلي يعرف أن نتنياهو لم يعد يصلح رئيسا للوزراء، لكن لا يوجد بديل عنه أفضل. وإن بحثوا عن بديل فليس في أحزاب الوسط واليسار، التي تعاني من صراعات داخلية لكل منها وصراعات فيما بينها، بل تفتش عن بديل في اليمين الأكثر تطرفا، نفتالي بنيت.
وسيكون المستفيد الأول من خسارة نتنياهو وحلفائه، ليس أحزاب الوسط واليسار، بل اتحاد أحزاب اليمين المتطرف، «يمينا»، بقيادة وزير الأمن السابق، نفتالي بنيت، الذي يواصل التقدم ويضاعف قوته أربع مرات تقريبا، من 6 إلى 22 مقعدا، وفق هذا الاستطلاع. وعليه فإن معسكر اليمين بقيادة نتنياهو يستطيع تشكيل حكومة يمينية صرف، بأكثرية 66 مقعدا. وستكون المشكلة القادمة أن بنيت سيطلب تقاسم رئاسة الحكومة مع نتنياهو.
أما في معسكر المعارضة الآخرـ فيستعيد حزب «ييش عتيد - تيلم»، بقيادة يائير لبيد، قوته ويرتفع قليلا إلى 18 مقعداً، كما يرتفع حزب ميرتس اليساري، بقيادة نتسان خوروفتش، وحزب اليهود الروس «يسرائيل بيتينو»، بقيادة أفيغدور ليبرمان، إلى 8 مقاعد لكل منهما. وبشكل مفاجئ، أشار الاستطلاع إلى أن «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية بقيادة أيمن عودة، ستهبط من 15 مقعدا لها اليوم إلى 12 مقعداً فقط، مع العلم بأن آخر استطلاع أجري قبيل التوقيع على الاتفاق مع الإمارات والبحرين منح هذه القائمة 17 مقعدا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.