ألمانيا تقود استراتيجية أوروبية للمحيطين الهادي والهندي

TT

ألمانيا تقود استراتيجية أوروبية للمحيطين الهادي والهندي

أعلنت ألمانيا أنها ستعمل مع الهند للحفاظ على النظام القائم على القواعد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وبذلك تصبح ألمانيا ثاني دولة أوروبية تتخذ تلك الخطوة رسمياً بعد أن قادت فرنسا السير في ذلك الاتجاه في وقت سابق. وفي كتاب توجيهي سياسي جديد من 40 صفحة صدر الأسبوع الماضي، قالت ألمانيا إنها «ستروّج لاستراتيجية أوروبية للمحيطين الهندي والهادئ وإنها ستسهم بشكل فعّال في تشكيل النظام الدولي في تلك المنطقة من العالم».
وتعد ألمانيا أكبر اقتصاد في أوروبا وتتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي. وصرح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، في أثناء حديثه عن تبني سياسة للمحيطين الهندي والهادئ، بأنه «قد تبدو جبال الهيمالايا ومضيق ملقا بعيدة للغاية، لكن ازدهارنا وتأثيرنا الجيوسياسي في العقود المقبلة سيعتمدان على كيفية عملنا مع بلدان منطقة المحيطين الهندي والهادئ. اليوم نرسل برسالة واضحة مفادها أن منطقة المحيطين الهندي والهادئ هي إحدى أولويات السياسة الخارجية الألمانية».
وأشار براهما تشيلاني، أستاذ الدراسات الاستراتيجية في مركز أبحاث السياسات في نيودلهي، إلى أن «القرار أكثر تفجراً مما يبدو، إذ جاء إعلان ألمانيا بعد فترة وجيزة من جولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي، في عواصم أوروبية كبرى، حيث واجه كبير الدبلوماسيين الصينيين استجواباً صعباً من مختلف مضيفيه».
يمثل ظهور منطقة المحيطين الهندي والهادئ كمساحة جغرافية جديدة، الواقع الاستراتيجي الجديد للقرن الحادي والعشرين. فالمنطقة متعددة الأقطاب وتسهم بأكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي للعالم وأكثر من نصف عدد السكان.
في هذه الأثناء، ذكر السفير الألماني لدى الهند، والتر جيه ليندنر، في تفاعل إعلامي في دلهي، أن استراتيجية برلين في المحيطين الهندي والهادئ لا تستهدف أي دولة بمفردها، بل إنها ستعطي أيضاً إشارة إلى الدول «المتنمّرة والمسيطرة» على أنه سيكون هناك نظام دولي قائم على القواعد.
بات لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ أهمية اقتصادية وسياسية لعدة أسباب هي وجود قوى نووية بدءاً من الهند وباكستان وانتهاءً بالصين وكوريا الشمالية وغيرها، وهناك نزاعات حدودية والعديد من التحديات الأخرى، وليس هناك مجال للسماح للدول المتنمرة أو الدول المهيمنة بأن تمارس سطوتها. وأكد السفير الألماني أنه من المهم أن تكون هناك قواعد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ تستند إلى الاتفاقيات الدولية وتكون ديمقراطية مثل الهند وغيرها. وأضاف السفير الألماني أن بلاده تتنافس مع الصين في الأنظمة السياسية، قائلاً: «لسنا أعداء بل منافسون في أنظمتنا السياسية، ولدينا أنظمة مختلفة، لكنها لا تمنعنا من التبادل التجاري».
> كيف يقوّي ذلك من الدور الهندي؟
يعد دور الهند في منطقة المحيطين الهندي والهادئ حاسماً لدول مثل أستراليا واليابان والولايات المتحدة التي لديها تعاون استراتيجي وعسكري من خلال التحالف الرباعي الذي أبرمته، والمعروف أيضاً باسم «ناتو الآسيوي». في الوقت نفسه، تعمل الهند وأستراليا وإندونيسيا أيضاً على إنشاء تجمع صغير ضمن نطاق الهند والمحيط الهادئ الأكبر. تأتي هذه الخطوة بعد أن باتت نيودلهي عضواً نشطاً في شبكة سلسلة التوريد الموازية مع اليابان وأستراليا. ولوضع «أجندة تطلعية للمجموعة»، سيجتمع وزراء خارجية هذه البلدان الثلاثة: إس جايشانكار الهندي، وماريس باين الأسترالية، وريتنو مارسودي الإندونيسية ، في وقت لاحق من الشهر الجاري.
وقالت المصادر إن تشكيل هذه المجموعة من الدول كان من بنات أفكار إندونيسيا وأن هذه المجموعة تشكّلت بهدف إنشاء شبكة من الدول داخل منطقة المحيطين الهندي والهادئ للرد على عدوانية الصين المتزايدة، وبالتالي بناء جيش بديل وكذلك تحالف اقتصادي.
> لماذا تستثمر الهند في منطقة المحيطين الهندي والهادئ؟
يذكر الصحافي كيرتي باندي أن «تركيز الهند بات واضحاً وينصبّ أكثر على عنصر المحيط الهندي ضمن تحالف المحيطين الهندي والهادئ، أكثر مما يركز على عنصر المحيط الهادئ وحده. لقد عملت الهند على إقامة علاقات أمنية وتجارية أفضل مع عدد من اللاعبين الرئيسيين في المنطقة مثل اليابان وفيتنام وتايوان وإندونيسيا والفلبين وسنغافورة. وكشفت اليابان النقاب عن (رؤيتها الحرة والمفتوحة بين المحيطين الهندي والهادئ) وأعلنت الآسيان مؤخراً (توقعات تحالف دول المحيطين الهندي والهادئ) التي تتضمن تصور دور رئيسي للهند». من الواضح أن المحيط الهندي هو جزء رئيسي من جهود الصين لتنفيذ مشروعها الطموح والاستراتيجي الذي يحمل اسم «مبادرة الحزام والطريق». وأشار نائب الأدميرال ديدييه ماليتير، القائد المشترك للقوات الفرنسية في المحيط الهندي، مؤخراً إلى أن وجود الصين في سلسلة من المنشآت المدنية والعسكرية، بما في ذلك «هامبانتوتا» في سريلانكا، و«جوادار» في باكستان وجيبوتي، له تداعياته الأمنية.
من الواضح أن تركيز الهند سيكون على المزيد من المشاركة والتدريبات البحرية المشتركة مع دول مثل سنغافورة، وإندونيسيا، وتايلاند، وأستراليا وحتى مع قوة غربية مثل فرنسا التي لديها جزر في المحيطين الهندي والهادئ.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عقدت الهند حواراً حول «الشراكة بين الهند والمحيط الهادئ» بحضور وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي والمبعوثين الخاصين ونواب الوزراء وكبار المسؤولين من بروناي وكمبوديا ولاوس وميانمار وتايلاند وسيشل وجزر المالديف.



360 صحافياً مسجونون في العالم... والصين وإسرائيل في صدارة القائمة السوداء

عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)
عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)
TT

360 صحافياً مسجونون في العالم... والصين وإسرائيل في صدارة القائمة السوداء

عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)
عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)

أعلنت لجنة حماية الصحافيين، اليوم الخميس، أنّ عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024، مشيرة إلى أنّ إسرائيل احتلّت، للمرة الأولى في تاريخها، المرتبة الثانية في قائمة الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين، بعد الصين.

وقالت جودي غينسبيرغ رئيسة هذه المنظمة غير الحكومية الأميركية المتخصصة في الدفاع عن حرية الصحافة، في بيان، إن هذا التقدير لعدد الصحافيين المسجونين هو الأعلى منذ عام 2022 الذي بلغ فيه عدد الصحافيين المسجونين في العالم 370 صحافياً. وأضافت أنّ هذا الأمر «ينبغي أن يكون بمثابة جرس إنذار».

وفي الأول من ديسمبر (كانون الأول)، كانت الصين تحتجز في سجونها 50 صحافياً، بينما كانت إسرائيل تحتجز 43 صحافياً، وميانمار 35 صحافياً، وفقاً للمنظمة التي عدّت هذه «الدول الثلاث هي الأكثر انتهاكاً لحقوق الصحافيين في العالم».

وأشارت لجنة حماية الصحافيين إلى أنّ «الرقابة الواسعة النطاق» في الصين تجعل من الصعب تقدير الأعداد بدقة في هذا البلد، لافتة إلى ارتفاع في عدد الصحافيين المسجونين في هونغ كونغ، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

أمّا إسرائيل التي تعتمد نظام حكم ديمقراطياً يضمّ أحزاباً متعدّدة، فزادت فيها بقوة أعداد الصحافيين المسجونين منذ بدأت الحرب بينها وبين حركة «حماس» في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأكّدت المنظمة غير الحكومية ومقرها في نيويورك أنّ «إسرائيل حلّت في المرتبة الثانية بسبب استهدافها التغطية الإعلامية للأراضي الفلسطينية المحتلّة».

وأضافت اللجنة أنّ هذا الاستهداف «يشمل منع المراسلين الأجانب من دخول (غزة) ومنع شبكة الجزيرة القطرية من العمل في إسرائيل والضفة الغربية المحتلة».

وتضاعف عدد الصحافيين المعتقلين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية خلال عام واحد. وأفادت المنظمة بأنّ إسرائيل التي تعتقل حالياً 43 صحافياً جميعهم من الفلسطينيين تجاوزت عدداً من الدول في هذا التصنيف؛ أبرزها ميانمار (35)، وبيلاروسيا (31)، وروسيا (30). وتضمّ قارة آسيا أكبر عدد من الدول التي تتصدّر القائمة.

وأعربت جودي غينسبيرغ عن قلقها، قائلة إن «ارتفاع عدد الاعتداءات على الصحافيين يسبق دائماً الاعتداء على حريات أخرى: حرية النشر والوصول إلى المعلومات، وحرية التنقل والتجمع، وحرية التظاهر...».