عجز قياسي في ميزان المدفوعات اللبناني رغم تقلص الواردات

مخاوف من ارتفاع أكثر حدة لموجتي التضخم وانهيار النقد

تتعاظم المخاوف في لبنان من تفاقم موجتي التضخم وانهيار النقد وسط الأزمة الاقتصادية الحادة (رويترز)
تتعاظم المخاوف في لبنان من تفاقم موجتي التضخم وانهيار النقد وسط الأزمة الاقتصادية الحادة (رويترز)
TT

عجز قياسي في ميزان المدفوعات اللبناني رغم تقلص الواردات

تتعاظم المخاوف في لبنان من تفاقم موجتي التضخم وانهيار النقد وسط الأزمة الاقتصادية الحادة (رويترز)
تتعاظم المخاوف في لبنان من تفاقم موجتي التضخم وانهيار النقد وسط الأزمة الاقتصادية الحادة (رويترز)

سجل ميزان المدفوعات اللبناني عجزاً تراكمياً قياسياً في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، بلغت قيمته 5.53 مليار دولار، مدفوعاً بالتراجع الكبير والتاريخي على المستوى الشهري في صافي الموجودات الخارجية لدى القطاع المالي الذي تعدى 3 مليارات دولار في شهر يوليو (تموز) وحده، كحصيلة مجمعة لانخفاض الأصول الخارجية للبنك المركزي بمقدار 2.78 مليار دولار، وللجهاز المصرفي بمقدار 887 مليون دولار، ومعاكساً التقلص غير المسبوق أيضاً في انكماش عجز الميزان التجاري.
وعظَّم العجز الشهري المستجد تراجع صافي الموجودات الخارجية لدى البنك المركزي ليصل إلى 7.21 مليار دولار منذ بداية العام الحالي، الأمر الذي طغى على ارتفاع صافي الموجودات الخارجية لدى المصارف والمؤسسات المالية بحوالي 1.68 مليار دولار؛ بينما يقدر أن التحويلات الواردة التي كانت تفوق متوسط 7 مليارات دولار سنوياً، مقبلة بدورها على انكماش حاد، ربطاً بالتأزم المالي والقيود المشددة في العمليات المصرفية.
وينذر الانحدار القياسي على المستويين الشهري والمجمع، بتسريع دخول لبنان مرحلة انعدام القدرة لدى البنك المركزي على دعم تمويل استيراد السلع الاستراتيجية بالسعر الرسمي البالغ 1515 ليرة للدولار. وهو ما سيطلق العنان - بحسب الخبراء والمراقبين - لموجتين مرتفعتين يقودان التضخم وانهيار العملة الوطنية إلى اضطرابات معيشية واجتماعية خطيرة، بعدما تكفلت الانهيارات المحققة في توسع دائرة الفقر إلى نحو 60 في المائة من المقيمين، بفعل تقلص القدرات الشرائية للأجور بنحو 80 في المائة، وفقدان عشرات آلاف الوظائف في كافة مرافق القطاع الخاص.
ومن المثير في العجز المحقق، معاكسته للتقلص الحاد في المستوردات؛ حيث سجل العجز المقابل في الميزان التجاري تراجعاً كبيراً بنسبة 57.3 في المائة، وانخفض من 8.4 مليار دولار إلى 3.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي، وفقاً لإحصاءات التجارة الصادرة عن مصلحة الجمارك اللبنانية. وجاءت هذه الحصيلة الإيجابية نتيجة تراجع الواردات بنسبة 48.7 في المائة.
وكان من شأن هذا الفارق البالغ نحو 4.8 مليارات دولار، أن يضع القطاع المالي في موقف العجز التام عن تمويل الاستيراد والحد من تدهور الليرة؛ إذ إن الاحتياطات بالعملات الصعبة القابلة للاستعمال لدى البنك المركزي شارفت على النضوب، وهي بالكاد تكفي لدعم تمويل السلع الأساسية لشهرين أو ثلاثة. وهو ما حذر منه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تكراراً في الآونة الأخيرة، مؤكداً أنه سيتعذر المس بالاحتياطات الإلزامية العائدة للودائع في البنوك، والبالغة تقديرياً نحو 17 مليار دولار من أصل 19 مليار دولار متوفرة لديه.
في المقابل، يشير تقرير مصرفي إلى أن ودائع المصارف الموظفة في المصارف الأجنبية، والتي تمثل السند الائتماني لتمويل الاستيراد غير المدعوم والقناة المحدودة للتحويلات الملحة والمصدر الرئيسي للأوراق النقدية بالدولار الأميركي المخصصة لاحتياجات السيولة، قد وصلت إلى مستوى منخفض قياسي بلغ 4.5 مليار دولار في نهاية النصف الأول من العام الحالي، في حين أن المطلوبات تجاه القطاع المالي غير المقيم تصل إلى 7.7 مليار دولار، ما يشير إلى أن صافي وضعية السيولة بالعملات الأجنبية بات سلبياً عند 3.2 مليار دولار.
وريثما يتضح مسار التفاوض للحصول على برنامج دعم وتمويل مالي مع صندوق النقد الدولي وانطلاق الحكومة الجديدة «الموعودة» بمساعدات ومؤتمرات دعم إنقاذية، يسعى البنك المركزي إلى معالجة هذه الثغرات في الأصول الخارجية عبر الطلب من المصارف ضخ زيادات رأسمالية جديدة بنسبة 20 في المائة خلال 6 أشهر، وإلى تكوين حسابات جديدة لدى المصارف المراسلة بما يوازي 3 في المائة من الودائع المحررة بالعملات الصعبة لديها. إضافة إلى «حث» البنوك على استعادة أجزاء موزعة بين 15 في المائة للعملاء و30 في المائة لإداراتها وللأشخاص المعرضين سياسياً، من التحويلات التي تفوق نصف مليون دولار، والتي نفذتها خلال السنوات الثلاثة الماضية.
لكن المصارف، وبموجب مذكرة صادرة عن جمعيتها وموجهة إلى سلامة: «تخشى أن يزعزع القرار (استرجاع الأموال) ما تبقى من ثقة لدى العملاء في القطاع المصرفي، إذ إنه يلزمهم بإعادة أموال قاموا بتحويلها بشكل مطابق لأحكام القوانين المرعية الإجراء عن طريق ممارسة أكثر حقوقهم بداهة، وهو حق التصرف في إطار نظام اقتصادي حر، ويأتي القرار بإلزامهم بإعادتها. وما يزيد الأمور صعوبة هو أن نطاق تطبيق القرار يعود إلى 1/7/2017؛ بحيث يصعب حتى اتهامهم بأنهم كانوا يحاولون تهريب أموالهم، هذا في وقت اختاروا فيه ألا يستفيدوا من الفوائد المرتفعة التي كانت تدفعها المصارف للمودعين في هذه الفترة».
كما أبدت المصارف خشيتها من «ردة فعل المصارف المراسلة في الخارج من القرينة التي يضعها القرار لجهة اعتباره أن التحويلات المصرفية التي تمت تخفي عمليات تبييض (غسل) أموال، وأن ما تم استعادته منها يندرج في هذا الإطار». كذلك أن «يقوم العملاء غير المقيمين بتقديم دعاوى في الخارج ضد المصارف أو غيرها بحجة (مبررة أم لا) أنهم يتعرضون إلى التهديد لإجبارهم على تحويل مبلغ إلى لبنان».



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».