الكاظمي يدعو العشائر إلى مساعدة الحكومة في بسط الأمن

كشف من ميسان عن تعثر آلاف المشاريع بسبب صراعات وسوء التخطيط

الكاظمي مترئساً اجتماعاً للقيادات الأمنية في ميسان (واع)
الكاظمي مترئساً اجتماعاً للقيادات الأمنية في ميسان (واع)
TT

الكاظمي يدعو العشائر إلى مساعدة الحكومة في بسط الأمن

الكاظمي مترئساً اجتماعاً للقيادات الأمنية في ميسان (واع)
الكاظمي مترئساً اجتماعاً للقيادات الأمنية في ميسان (واع)

كشف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عن وجود آلاف المشاريع المتلكئة في الدولة العراقية وفي مختلف الوزارات والمحافظات يعود بعضها إلى عام 2008؛ أي إلى ولاية رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الأولى.
وقال الكاظمي خلال زيارته، أمس (الأربعاء)، إلى محافظة ميسان (400 كيلومتر جنوب بغداد) إن «سوء التخطيط أربك العديد من المشاريع في المحافظات»، عاداً ذلك بمثابة «جريمة بحق المواطن العراقي». وقال الكاظمي خلال لقائه المسؤولين بالمحافظة: «نحتاج إلى تضافر الجهود من أجل أمن المحافظة»، مؤكداً أهمية أن «يكون هناك فريق عمل متخصص واستثنائي لتذليل كل العقبات، فضلاً عن وضع استراتيجيات وبدائل حديثة وحضارية في الخدمات والبنى التحتية وبتكاليف أقل». وأوضح الكاظمي أن «كثيراً من الخروقات تستظل تحت عنوان النزاعات العشائرية»، داعياً العشائر إلى «مساعدة الحكومة في بسط الأمن والاستقرار».
وتأتي زيارة الكاظمي إلى محافظة ميسان بعد أيام قليلة على زيارته إقليم كردستان وبعد يومين من اتخاذه قراراً بتغيير عدد كبير من رؤساء الهيئات المستقلة ووكلاء الوزارات، مما أثار جدلاً واسعاً لدى الطبقة السياسية. وتعد خطوات الكاظمي؛ سواء قراراته وزياراته الميدانية من وجهة نظر المراقبين السياسيين العراقيين بمثابة استفزاز للطبقة السياسية التي لا ترغب في أن يخرج أي رئيس وزراء عن الخطوط التي ترسمها له دائماً هذه الكتل.
وفي ميسان، وبالإضافة إلى لقاءاته مع المسؤولين المحليين الخدميين، ذهب الكاظمي بعيداً في «استفزاز» الطبقة السياسية في البلاد؛ حيث التقى ممثلي المظاهرات، خصوصاً أن ميسان تعد واحدة من أهم المحافظات الجنوبية التي شهدت انطلاق مظاهرات ضخمة رافقتها عمليات تخريب وحرق للمقرات، لا سيما مقرات بعض الأحزاب والكتل.
وأشاد الكاظمي خلال لقائه أعداداً من ممثلي المظاهرات في ميسان، بـ«جهود القوات الأمنية» في المحافظة، داعياً إلى بذل مزيد من الجهود لتحقيق الأمن والاستقرار في عموم المحافظة. وأشار إلى أن «القائد الأمني في المحافظة لا يمثل نفسه ولا عشيرته، إنما يمثل الدولة العراقية التي هي أعلى وسام وأعلى عنوان اعتباري، وهذا الأمر سيوجد واقعاً أمنياً أكثر استقراراً، ويعزز ثقة المواطن بالأجهزة الأمنية».
ووجه الكاظمي بالاهتمام بالقوات المكلفة حماية وتنظيم المظاهرات وتدريبها جيداً، وشدد على عدم التسامح إزاء أي اعتداء على مؤسسات الدولة، داعياً إلى أن «يكون سلاح القوات الأمنية في التظاهرات هو سلاح الصبر، وعليها أن تستخدم أساليب مسؤولة في التعامل مع التظاهرات السلمية».
وأكد الكاظمي أن «هناك مناطق ظلمت في السابق، وإشاعة الفوضى ليست في مصلحتها ولا في مصلحة مستقبلها». وشدد على الوقوف بقوة وحزم إزاء أي تجاوزات أمنية. وقال مخاطباً القيادات الأمنية: «الفرصة سانحة اليوم للنجاح، وستواجهون صعوبات في تنفيذ مهامكم، لكن ما تبذلونه هو لمصلحة أولادنا، ولأجل أن نصنع أملاً لدى الناس، وسنخوض التحدي بلا تردد».
إلى ذلك؛ أكد عبد الزهرة الهنداوي، الناطق الرسمي باسم وزارة التخطيط، بشأن المشاريع المتلكئة التي تحدث عنها رئيس الوزراء، أنه «بعد عام 2008 وخلال الوفرة المالية بسبب ارتفاع أسعار النفط، أخذت تتوسع كثيراً في إدراج كثير من المشاريع في مختلف القطاعات في الزراعة والصناعة والنقل والسكن والصحة والتعليم؛ حيث أصبح هناك توسع كبير فيها». وقال الهنداوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «كان من المؤمل أن يتم إنجاز مثل هذه المشاريع فيما لو توفرت الأموال الكافية؛ حيث كان متوقعاً أن تتوفر مثل هذه الأموال في ضوء ارتفاع أسعار النفط التي كانت تغطي الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري».
وأضاف الهنداوي أن «الذي حصل أن العراق بعد سنوات واجه الأزمة المزدوجة والمتمثلة في ظهور (داعش) وانخفاض أسعار النفط بشكل كبير. ألقت هذه الأزمة بظلال قاتمة على تلك المشاريع؛ الأمر الذي أدى إلى توقف عدد غير قليل منها يقترب عددها من نحو 6 آلاف مشروع». وبين أن «مجلس الوزراء العراقي اضطر فيما بعد إلى إصدار قرار يقضي بإيقاف المشاريع التي لا يمكن توفير تخصيصات مالية لها»، مبيناً أن «هذا التوقف كانت له آثار سلبية على تلك المشاريع؛ حيث تسبب في حدوث حالة اندثار لهذه المشاريع، وهي ما تزيد من نسبة الخسارة، لا سيما أن تلك المشاريع أنفقت عليها أموال طائلة، علما بأن هناك نسب إنجاز متقدمة لبعض تلك المشاريع؛ حيث بلغت نسب إنجاز بعضها إلى 90 في المائة».
وأوضح أن «هناك قضايا كثيرة ترتبت على عدم إكمال تلك المشاريع، وهي المبالغ المالية التي تخص المقاولين وتبلغ نحو 4 مليارات دولارات». وتابع الهنداوي أنه «في الوقت الذي كانت هناك محاولات لإعادة النظر في بعض تلك المشاريع منذ عام 2018، فإن ما واجهه العراق من تظاهرات؛ ومن ثم الأزمات التي حصلت منذ بداية العام الحالي، أدى إلى عرقلة تلك المشاريع».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».