ضغوط حقوقية أممية على الجزائر بعد إدانة صحافي

أحكام بالسجن ضد وزيرين مقربين من بوتفليقة بتهم فساد

جانب من المظاهرات المطالبة بإطلاق سراح الصحفي خالد درارني (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات المطالبة بإطلاق سراح الصحفي خالد درارني (أ.ف.ب)
TT

ضغوط حقوقية أممية على الجزائر بعد إدانة صحافي

جانب من المظاهرات المطالبة بإطلاق سراح الصحفي خالد درارني (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات المطالبة بإطلاق سراح الصحفي خالد درارني (أ.ف.ب)

طالب خبراء دوليون مختصون في الدفاع عن حقوق الإنسان، وتنظيمات وأحزاب جزائرية بإنهاء سجن الصحافي ومراقب «مراسلون بلا حدود»، خالد درارني، الذي أدانته محكمة الاستئناف الاثنين الماضي بالسجن لعامين. وفي غضون ذلك، حكمت محكمة بالعاصمة أمس، على وزيرين من عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بالسجن ثماني وأربع سنوات بتهم فساد.
ونشر الموقع الإلكتروني لـ«مجلس حقوق الإنسان» بجنيف، التابع للأمم المتحدة، أمس، تقريرا تضمن تصريحات لخبراء مستقلين مكلفين من طرف «المجلس» بإعداد تقارير عن حقوق الإنسان عبر العالم، طالبوا فيها السلطات الجزائرية بإلغاء الحكم الصادر ضد الصحافي درارني، الذي «بات رمزا لحرية الصحافة في هذا البلد بشمال أفريقيا».
ونقل التقرير عن «الخبراء» أنهم «يدينون بشدة عقوبة السجن ضد صحافي، ذنبه أنه كان يؤدي عمله». وحكمت محكمة ابتدائية بالعاصمة في العاشر من أغسطس (آب) الماضي على درارني (40 سنة) بالسجن ثلاث سنوات مع التنفيذ، بتهمتي «تهديد الوحدة الوطنية»، و«التحريض على التجمهر من دون رخصة». فيما رأى خبراء، حسب التقرير أن العقوبة «ما زالت غير مناسبة بشكل صارخ لأن التهم الموجهة إليه تشكل انتهاكا فاضحا لحرية التعبير، والتجمع السلمي وتشكيل الجمعيات».
وذكر التقرير الوقائع التي قادت الصحافي، مراسل تلفزيون «موند 5» الفرنسي، إلى السجن، والتي تتمثل في التقاطه صورا بالفيديو لمظاهرة بالعاصمة في مارس (آذار) الماضي، وذلك في إطار الحراك الشعبي الذي أسقط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من أبريل (نيسان) 2019. وقد اعتقل الصحافي أثناء التصوير، وكان قبل ذلك قد تم استدعاؤه من طرف جهاز الأمن، الذي حذره من تغريدات على حسابه بـ«تويتر»، دافع فيها عن مطلب الحراك بتغيير النظام. كما حذره من بيانات للمعارضة كان ينشرها بحسابه بـ«فيسبوك»، وبلغه انزعاج السلطات من التقارير التي كان يرسلها لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، بخصوص «مضايقة» صحافيين، وإغلاق وحجب مواقع إلكترونية إخبارية بسبب حدة لهجتها ضد السلطات. وقال محامون إن «سبب متابعة درارني بتهم واهية هو أنه لم يأخذ تحذيرات مصالح الأمن محمل الجد». ويوجد من بين الخبراء، الذين تحدث عنهم تقرير «المجلس الأمي»، كليمان نيالتسوسي فول، المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وحرية تشكيل الجمعيات، وإيرين خان المقررة الخاصة لتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، وماري لولور المقررة الخاصة لوضع المدافعين عن حقوق الإنسان.
وعبّر الخبراء عن «أسفهم أيضا على أن السلطات الجزائرية تستخدم بشكل متزايد قوانين الأمن القومي لمقاضاة الأشخاص، الذين يمارسون حقوقهم في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتشكيل الجمعيات». وطالبوا بإطلاق سراح درارني «فورا، وكل المسجونين الآخرين حاليا، أو الذين ينتظرون محاكمتهم لمجرد قيامهم بعملهم والدفاع عن حقوق الإنسان».
إلى ذلك، أدانت «محكمة سيدي امحمد» الابتدائية بالعاصمة، وزيري التضامن سابقا جمال ولد عباس وسعيد بركات، بثماني وأربع سنوات حبسا نافذا على التوالي، في قضية شهيرة عرفت بـ«التلاعب بأموال خاصة بقطاع التضامن، موجهة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة والفئات الاجتماعية الهشة»، وذلك في فترة توليهما المسؤولية الحكومية (بين 2000 و2004).
وتم الحكم على الوفي، نجل ولد عباس، غيابيا، بالسجن 10 سنوات، مع إصدار أمر دولي بالقبض عليه حيث يقيم بفرنسا. وشملت الأحكام أيضا أمين عام وزارة التضامن السابق، خلادي بوشناق، بثلاث سنوات حبسا نافذا، وهو مقرب من ولد عباس.
وجاء في تحقيقات ضباط الأمن حول القضية أن نجل ولد عباس و«أمين سره»، كانا يتصرفان في أموال الوزارة في شؤون خاصة.
وكان ولد عباس وبركات من أبرز المتحمسين لاستمرار بوتفليقة في الحكم. وبعد تنحيه تمت متابعتهما مع العشرات من المسؤولين الحكوميين، أبرزهم رئيسا الوزراء السابقان أحمد أويحيى (15 سنة سجنا) وعبد المالك سلال (12 سنة سجنا).



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.