أحاطت بالاجتماعات التي احتضنتها المملكة المغربية على مدى اليومين الماضيين، بين ممثلي مجلسي النواب الليبي و«الأعلى للدولة» بعض التساؤلات حول إمكانية التعويل على هذه اللقاءات للوصول إلى حل توافقي يسهم في إنهاء الصراع الليبي، في وقت يجمع فيه عدد من السياسيين على أن جل الاجتماعات والمؤتمرات، الرامية لحل الأزمة الليبية، لم تتوصل إلى نتائج إيجابية بسبب استمرار وصول الأسلحة إلى طرفي النزاع، وبقاء «الميليشيات المسلحة والتدخلات الخارجية» دون حل، وركزت في المقابل على مناقشة «توزيع المناصب».
ويرى المحلل السياسي الليبي، رئيس مجموعة العمل الوطني خالد الترجمان، أن «الحديث عن اقتسام وتوزيع المناصب في أي حوار سياسي يتعلق بأزمة البلاد، بدلاً من التطرق إلى القضايا الرئيسية يعتبر بداية غير سليمة».
وأضاف الترجمان لـ«الشرق الأوسط» أن «بقاء الميليشيات المسلحة، وحشود المرتزقة السوريين، والهيمنة التركية على مدن غرب ليبيا، لن يسمح بالتوصل إلى أي حل مستقبلاً»، وقال بهذا الخصوص: «باعتقادي أن قبول رئيس البرلمان، المستشار عقيلة صالح، بالحوار مع خالد المشري (رئيس المجلس الأعلى للدولة) القيادي الإخواني، جاء ليثبت للمجتمع الدولي عدم تعنت معسكر الشرق في المشاركة بأي مفاوضات سياسية»، مستدركاً: «لكن حتى إذا ما حدث اتفاق بين الطرفين، وهو أمر مستبعد، فسيبقى حبراً على ورق لعدم توفر القدرة على تنفيذه!».
وكانت مصادر عدة مقربة من البعثة الأممية الراعية للاجتماعات، التي احتضنها المغرب يوم الأحد وأمس الاثنين، قالت إن النقاشات بين الأفرقاء ستتركز حول توزيع المناصب السيادية على الأقاليم الليبية الثلاثة، ضمن خطة لإعادة تشكيل السلطات المركزية، وفق مخرجات مؤتمر (برلين)، وفي مقدمة تلك المناصب التي سيتم التركيز عليها رئاسة المصرف المركزي، والنيابة العامة، والهيئات الرقابية.
وفي هذا السياق تساءل الترجمان عن «الجهة التي يمكن التعويل عليها بالغرب الليبي لتنفيذ أي اتفاق، وقال بهذا الخصوص: «المشري ومجلسه لا يتمتعان بأي سلطة على الأرض هناك، والسيطرة على الأرض هي للرئيس التركي (رجب طيب إردوغان) والمرتزقة السوريين والميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية»، مستكملاً: «وحتى المجلس الرئاسي لا يمكن التعويل عليه، فالجميع تابع مؤخراً مسلسل صراع القوى بين رئيسه فائز السراج، ووزير داخليته فتحي باشاغا، حيث حاصرت ميليشيات مصراتة الموالية للأخير العاصمة في أقل من ساعة عند عودته من أنقرة، وكذلك خلال جلسة التحقيق معه، وكلا الرجلين قمعا المتظاهرين بالعاصمة».
ويرى الترجمان أن «هدف الدول الأوروبية، الداعمة لهذه الاجتماعات، هو إعادة إنتاج وتصدير النفط والغاز الليبي إليها فقط، دون اعتبار لمصلحة الليبيين، أو تحقيق تقدم بأي ملف آخر»، «مشيراً إلى أن الحديث عن تجميد العوائد النفطية وليس توزيعها بشكل عادل «سيحرم الشعب من التمتع بثرواته، مثلما هو الحال في الأموال الليبية المجمدة منذ سقوط النظام السابق».
وتوقع الترجمان أن يكون اختلاف المواقف حول وضع مدينة سرت هو العقبة الكبرى التي قد تفجر هذه الاجتماعات، موضحاً: «كان هناك وعي من قبل الجيش الوطني لأهمية التمركز في سرت لحماية الثروة النفطية، ولذلك فإن الحديث الآن عن انسحاب للجيش خارج المدينة ولمساحات واسعة، دون أي إشارة لخروج الأتراك ومن جلبوه من المرتزقة، ونزع سلاح الميليشيات، هو أمر لا يمكن القبول به».
ويتخوف بعض المؤيدين للشرق الليبي من أن تكون الاجتماعات الراهنة مقدمة لإعادة إنتاج اتفاق جديد يجدد شرعية المجلس الرئاسي وداعميه في الداخل.
أما عبد القادر حويلي، عضو المجلس الأعلى للدولة ومقره بطرابلس، فقد اعتبر أن تعثر الحلول السياسية بالملف الليبي ناجم بالدرجة الأولى عن «استمرار التدخل الأجنبي، وعدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص القضية الليبية، وتجاوز الاتفاق السياسي».
وأوضح حويلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن حل الأزمة الليبية «يكمن ببساطة في إعطاء الشعب الليبي حقه في الاستفتاء على الدستور، الذي أعدته هيئة منتخبة، بدلاً من أن تقوم البعثة الأممية بمحاولة أخرى خاطئة باختيارها شخصيات ليس لها أي تأثير في المشهد الليبي لوضع خريطة طريق للحوار». معرباً في هذا الإطار عن انتقاده لتجاهل البعثة كفاءات وطنية عديدة قادرة على وضع خريطة حوار أكثر جدية وقابلية للتنفيذ على الأرض، وقال موضحاً: «لو أرادت البعثة وضع خريطة طريق للحوار والحل السياسي، لما تجاهلت مجلس التخطيط الوطني، وهو الجسم الاستشاري للدولة الليبية مند عام 1952. والذي قدم للمبعوثين الأمميين السابقين مبادرات ورؤى عدة لحل الأزمة الليبية، كان آخرها (الرؤية الوطنية لحل الأزمة الليبية) التي قدمت عام 2018 للمبعوث السابق غسان سلامة».
وشدد عضو مجلس الدولة على أن «الليبيين لا يتطلعون بعد هذه السنوات من الصراع إلى حل يرتكز على تقاسم السلطة بين مجلسي النواب و(الدولة)»، ورأى أن «الحل لا يجب أن يتضمن أي شخصية ممثلة للأجسام الموجودة بالمشهد الراهن».
واستطرد: «ببساطة يمكن أن يكون المجلس الرئاسي الجديد لتسيير الأعمال فقط لحين إجراء الانتخابات العامة، أي لا يعقد أي اتفاقيات أو معاهدات أو عقود جديدة».
السلاح والميليشيات والتدخل الأجنبي... عقبات أمام حل الأزمة الليبية
تساؤلات حول إمكانية التعويل على لقاء المغرب للوصول إلى حل توافقي
السلاح والميليشيات والتدخل الأجنبي... عقبات أمام حل الأزمة الليبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة