دراسات: تلوث الهواء داخل المنازل أشد من خارجها بسبب الطبخ والتنظيف

مستويات ملوثات الهواء في الأماكن المغلقة أعلى بمرتين إلى خمس مرات من الخارج

الطبخ قد ينتج مستويات خطرة من التلوث (أرشيفية - رويترز)
الطبخ قد ينتج مستويات خطرة من التلوث (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسات: تلوث الهواء داخل المنازل أشد من خارجها بسبب الطبخ والتنظيف

الطبخ قد ينتج مستويات خطرة من التلوث (أرشيفية - رويترز)
الطبخ قد ينتج مستويات خطرة من التلوث (أرشيفية - رويترز)

عندما أجبرتنا جائحة «كورونا» على الإغلاق والبقاء في المنازل، كان أحد الجوانب الإيجابية للجائحة هو قلة التعرض لتلوث الهواء الخارجي وإن كان مؤقتاً، فضلاً عن انخفاض مستويات التلوث خلال تلك الفترة، لكن هذا التركيز على تلوث الهواء الخارجي يتجاهل حقيقة صادمة وهي أن معظم تعرضنا لتلوث الهواء يحدث بالفعل داخل المنازل.
ووفقاً لوكالة حماية البيئة، يمكن أن تكون مستويات ملوثات الهواء في الأماكن المغلقة أعلى بمرتين إلى خمس مرات من الخارج، وقد أدى الإغلاق إلى تفاقم ذلك أكثر، حسبما أورد تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية.
وبين أوائل مارس (آذار) وأوائل مايو (أيار) 2020، قامت شركة «آير ثينجس»، الشركة النرويجية لتصنيع أجهزة مراقبة جودة الهواء الذكية، بتحليل بيانات مستخدميها في الولايات المتحدة وأوروبا، ووجدت أن مستويات ثاني أكسيد الكربون والجزيئات المحمولة جواً وتسمى المركبات العضوية المتطايرة زادت بمقدار من 15 إلى 30% في أكثر من 1000 منزل في عدة دول أوروبية.
وبالمثل، وجدت البيانات التي جمعتها شركة «دايسون» البريطانية عن أجهزة تنقية الهواء المسجلة لديها في 11 مدينة في أربع قارات، أن مستويات المركبات العضوية المتطايرة وثاني أكسيد النيتروجين (إن أوه تو) قد ارتفعت في منازل مستخدميها منذ الإغلاق.
وذكر تقرير هيئة الإذاعة البريطانية أن هناك بعض أنواع التلوث الأكثر فتكاً داخل المنزل، مثل أكاسيد النيتروجين والجسيمات النانوية، هي أيضاً أصغر الجسيمات -وهي صغيرة بما يكفي بحيث يمكنها الإبحار ليس فقط عبر جدران الرئتين وفي مجرى الدم، ولكن حول الأبواب المغلقة وفي المنازل.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يموت نحو 3.8 مليون شخص سنوياً بسبب التعرض لتلوث الهواء المنزلي. وتم ربط جودة الهواء الداخلي السيئة بمجموعة من الأمراض، بما في ذلك الربو والالتهاب الرئوي وسرطان الرئة ومرض الانسداد الرئوي المزمن وأمراض القلب والأوعية الدموية. ويأتي تلوث الهواء الداخلي من مجموعة كبيرة من الأنشطة مثل الطهي (القلي والتحميص على وجه الخصوص)، والتنظيف، ومن الحرائق والشموع.
وتشير التقديرات إلى أن ثلاثة مليارات شخص حول العالم لا يزالون يطهون بالنيران المكشوفة أو المواقد البسيطة التي تعمل بالكيروسين أو الفحم أو الكتلة الحيوية، والتي تنتج كميات كبيرة من التلوث الداخلي. ولكن حتى استخدام المواقد الحديثة يمكن أن يشكل خطراً.
وجدت إحدى الدراسات أن حتى إعداد وجبات الإفطار أو الشواء يُنتج جسيمات خطرة خصوصاً على الجهاز التنفسي، وفقاً لمارينا فانس، مهندسة البيئة في جامعة «كولورادو بولدر» وزملائها الذين أجروا الدراسة. ولذلك ينصح الخبراء بأنه يجب على الناس دائماً استخدام مروحة الشفط أو فتح نافذة عند الطهي.
كما يعد الكثير من المواد الكيميائية في المنازل مصدراً للتلوث، مثل المواد اللاصقة المستخدمة في الأثاث وكذلك في الدهانات والمواد المانعة للتسرب والخشب ومواد البناء. هناك أيضاً المركبات العضوية المتطايرة المنبعثة من منتجات التنظيف المنزلية ومنتجات العناية الشخصية مثل كريم الاستحمام والعطور والمواد اللاصقة والأحبار ومعطرات الجو.
وفي هذا الشأن، ينصح الخبراء باستخدام منتج تنظيف معطر أو معطر جو باعتدال، وضرورة تهوية الغرف جيداً.
كما يعد التنظيف بالمكنسة الكهربائية أيضاً مصدراً آخر لتلوث الهواء داخل المنازل ما لم يتم استخدام مرشحات مناسبة وعالية الجودة، ويمكن أن يؤدي المسح باستخدام منتجات تنظيف معينة أيضاً إلى زيادة مستويات المواد الكيميائية المحمولة بالهواء.
ومع ذلك، في حين أن مستويات تلوث الهواء داخل المنازل قد ترتفع في بعض الأحيان إلى حد كبير ويمكن أن تصل بعض المركبات إلى مستويات سامة، فإن الأمر يختلف في كل منزل، ويؤثر كل شخص على الهواء الداخلي بطرق مختلفة وفقاً لأنشطته وعاداته. هذا يعني أنه يختلف اختلافاً كبيراً ويمكن أن يكون أكثر صعوبة من تلوث الهواء الخارجي للبحث.
وينصح بن بارات، المحاضر الأول في التعرض البيئي والصحة العامة في جامعة إمبريال كوليدج بلندن بـ«استخدم موقد كهربائي بدلاً من موقد غاز. احذر من استخدام منتجات التنظيف ولا تفرط في استخدامها. احذر من استخدام الشموع والبخور ولا تفرط في استخدامها. في جميع الأحوال، إذا كنت تدرك أنك تسبب تلوثاً للهواء في الداخل، فقم بالتهوية الجيدة، وافتح النوافذ».


مقالات ذات صلة

رئيس وزراء منغوليا من الرياض: مشاريع سعودية تستهدف الانتقال للطاقة النظيفة

الاقتصاد رئيس وزراء منغوليا يتحدث إلى الحضور خلال «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس وزراء منغوليا من الرياض: مشاريع سعودية تستهدف الانتقال للطاقة النظيفة

أوضح رئيس وزراء منغوليا أويون إردين لوفسانامسراي أن مؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16» المنعقد حالياً في الرياض يتمحور حول مستقبل الأرض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد إحدى المناطق الخضراء في السعودية (الشرق الأوسط)

العبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات تكافح التصحر

أكد الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر السعودي، الدكتور خالد العبد القادر، أن مؤتمر «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات للتصحر.

آيات نور (الرياض)
يوميات الشرق الصورة المصاحبة لبوستر الفيلم الوثائقي (نتفليكس)

«اشترِ الآن!»... وثائقي «نتفليكس» الجديد يكشف دهاليز مؤامرة التسوق

تُغري عبارة «اشترِ الآن» ملايين المستهلكين من حول العالم، لتبضع الكثير من السلع الاستهلاكية التي غالباً لا يحتاجون إليها، خصوصاً في فترة نهاية العام.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

حذر علماء من أن الأنشطة المنزلية اليومية مثل طي الملابس والجلوس على الأريكة قد تنبعث منها سحب من البلاستيك الدقيق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رجل يركب دراجة نارية وسط ضباب كثيف بالقرب من نيودلهي (إ.ب.أ)

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

مع تفاقم الضباب الدخاني السام الذي يلف نيودلهي هذا الأسبوع، فرضت السلطات في العاصمة الهندية مجموعة من القيود الأكثر صرامة على حركة المركبات والسكان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

دعوة مستثمر مصري للعمل 12 ساعة يومياً تثير جدلاً

رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)
رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)
TT

دعوة مستثمر مصري للعمل 12 ساعة يومياً تثير جدلاً

رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)
رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)

في حين أوصت دراسة من جامعة كامبريدج بتقليص ساعات العمل وتطبيق «أربعة أيام عمل في الأسبوع» لتعزيز الإنتاجية والحفاظ على الصحة النفسية للموظفين والعاملين، صرّح محمد فاروق، المستثمر ورجل الأعمال المصري المعروف بـ«الشارك حمادة»، بضرورة زيادة ساعات العمل لتحقيق النجاح الاقتصادي وزيادة الإنتاجية.

وأثارت التصريحات جدلاً عبر «السوشيال ميديا» بمصر، فبينما عدّ البعض تلك التصريحات تضر بحقوق العمال، عدّها آخرون تستهدف الحماس والتفوق في العمل.

وقال رجل الأعمال المصري محمد فاروق، إنه من الضروري العمل 12 ساعة يومياً لمدة 6 أيام في الأسبوع، وأضاف في برنامج بودكاست بعنوان «حكاية مدير» أن الدول الناجحة والمتقدمة تطبق هذا الأمر، ضارباً المثل بالصين وأن الناس هناك تعمل من 9 صباحاً إلى 9 مساء لستة أيام في الأسبوع.

وانتقد فاروق ما يروجه البعض حول التوازن بين العمل والحياة الشخصية، عادّاً هذا الحديث الذي ظهر خلال «جائحة كورونا» نوعاً من «الدلع»، مؤكداً «عدم نجاح الدول التي اتبعت هذا الأسلوب»، وفق تقديره.

وعدّ عضو مجلس النواب المصري عن حزب التجمع، عاطف مغاوري، أن «هذا الكلام يذكرنا بعقلية بدايات النظام الرأسمالي الذي كان يستنزف العمال في أوقات عمل طويلة، إلى أن تمكنت حركات النضال العمالية من تنظيم عقد عمل وحقوق عمال ومواعيد للعمل، وهذا متعارف عليه عالمياً».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «التشريعات العمالية حين منحت العمال إجازات أو حددت لهم ساعات عمل كان هذا لمصلحة العمل وليس لصالح العامل، لأنك لو استنزفت العامل فلن تكون لديه قدرة على الاستمرار، كما أن منحه إجازات يجعله يجدد طاقته ونشاطه».

وأشار إلى أن «الاجتهاد يجب أن يكون في إطار الدستور والقوانين الموجودة لدينا، لكن المنطق الذي يطرح حالياً ربما يكون الهدف منه نبيلاً، وهو تحويل المجتمع إلى مجتمع منتج، ولكن ليس باستنزاف العامل».

وزارة القوى العاملة في مصر (فيسبوك)

ولفت إلى وجود «تشريعات حديثة تدعو لاحتساب الوقت المستغرق للوصول إلى العمل والعودة منه ضمن ساعات العمل».

وينظم ساعات العمل في القطاع الحكومي (العام) في مصر والقطاع الخاص، قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 وما طرأ عليه من تعديلات، بالإضافة إلى اللوائح والقرارات التنفيذية الداخلية بكل مؤسسة أو شركة، وتقر المادة 85 من قانون العمل المصري بأنه «في جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد ساعات العمل الفعلية على عشر ساعات في اليوم الواحد».

وعدّ الخبير في «السوشيال ميديا» محمد فتحي أن «البودكاست أصبح يتم استغلاله في الدعاية بشكل لافت»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض رواد الأعمال يستغلون هذه المنصة لبناء صورتهم الشخصية وعلاماتهم التجارية».

وأشار الخبير «السوشيالي» إلى سعي العديد من رجال الأعمال إلى بناء صورة إيجابية لأنفسهم وعلاماتهم التجارية من خلال المشاركة في البودكاست، حيث يمكنهم الوصول إلى جمهور واسع والتأثير في آرائه، للبحث عن الشهرة»، وفق تعبيره.

لكنه عدّ نقل الخبرات والمعرفة من الجوانب الإيجابية لظهور رجال الأعمال في البودكاست، بما يساهم في تطوير المهارات الريادية لدى الشباب، وكذلك إلهام الآخرين وتحفيزهم على تحقيق أهدافهم.

ووفق فتحي فإن «الأمر لا يخلو من جوانب سلبية لظهور رجال الأعمال في البودكاست من أهمها التسويق الخفي، بالإضافة إلى التركيز على النجاح الفردي بشكل مبالغ فيه، مما قد يخلق انطباعاً خاطئاً لدى المستمعين حول سهولة تحقيق النجاح».

وتوالت التعليقات على «السوشيال ميديا» حول تصريحات فاروق، بين من يعدّونه نموذجاً ويطالبون بتركه يتحدث، وآخرين عَدُّوه يتحدث بمنطق رجال الأعمال الذين لا يراعون العمال. وعلقت متابعة على الحلقة في «يوتيوب»، وكتبت: «المفروض يتعمل نادي لرجال الأعمال علشان يتجمعوا ويطوروا ويفيدوا بعض... وعجبتني جداً رؤية محمد فاروق للتكنولوجيا وحماسه تجاهها».

في حين كتب متابع آخر: «من السهل أن يعمل 12 ساعة وأكثر لأنها أعمال مكتبية، لا يمكن مقارنتها بعامل يقف على قدميه طوال اليوم لمدة 12 ساعة».

ويرى استشاري الأعمال الدولي، محمد برطش، أن «ساعات العمل لها قانون يحددها في أي مجتمع، لكن هناك ظروف استثنائية يمكن أن يعمل فيها الشخص 12 و20 ساعة لو هناك ما يتطلب ذلك».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أرفض المقارنة بين مصر ودول أخرى، خصوصاً أوروبا وأميركا وأستراليا، فهذه دول تحملت الكثير لكي تصل إلى ما هي عليه الآن، وظروفها لا تشبه ظروفنا».

وتابع: «فكرة 12 ساعة عموماً يمكن الموافقة عليها أو رفضها بعد الإجابة عن عدة أسئلة، مثل: في أية ظروف وبأي مقابل، في القطاع العام أو الخاص؟ فمثلاً لو قلنا إن مصر لديها مشروع قومي لتصبح دولة صناعية حقيقية وسنطبق 12 ساعة عمل لتنفيذ مشروع قومي في مجال إنتاج بعينه حتى يتحقق الهدف من المشروع فهذا مقبول، لكن في الظروف العادية فهذا يتنافى مع قانون العمل».

وتبلغ ساعات العمل الأسبوعية في القطاعات المختلفة بمصر نحو 55 ساعة عمل أسبوعياً، وفق إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء صادرة عام 2022.