على ارتفاع 30 ألف قدم فوق أجواء سوريا.. ركاب لا تقلقهم سوى المطبات الجوية

المشهد أراض جافة خلال 70 دقيقة تقطعها الرحلة بين بيروت وعمان

منظر عام لمدينة دمشق (غيتي)
منظر عام لمدينة دمشق (غيتي)
TT

على ارتفاع 30 ألف قدم فوق أجواء سوريا.. ركاب لا تقلقهم سوى المطبات الجوية

منظر عام لمدينة دمشق (غيتي)
منظر عام لمدينة دمشق (غيتي)

من داخل طائرة تحلق باتجاه الشرق على ارتفاع يبلغ 30 ألف قدم، وتخلف وراءها التلال والمزارع المتنوعة في لبنان، تظهر أمواج الصحراء السورية على الأفق كأنها شواطئ رسمتها حركات المد والجزر.
في مكان ما في الجنوب توجد العاصمة دمشق، حيث تقوم الطائرات الحربية الحكومية بقصف الضواحي المتمردة وتتطاير قذائف مدافع الهاون الخاصة بالمسلحين لتستقر في وسط المدينة تقريبا. وتوجد في شمال البلاد مدينة حمص، التي تحول وسطها إلى أكوام من الركام بفعل سنوات متواصلة من القتال، وتوجد أبعد من ذلك دير الزور، تلك المحافظة الصحراوية التي تقصف فيها المقاتلات الأميركية آبار النفط التي يديرها مسلحو تنظيم داعش.
لا يبدو أن أيا من هذه الفوضى الموجودة تحتنا على الأرض قد ألقت بالرعب في الركاب الموجودين على متن هذه الرحلة المتوجهة من بيروت إلى عمان، عاصمة الأردن.
تعتبر شركة «طيران الشرق الأوسط»، اللبنانية واحدة من الشركات القليلة التي لا تزال تعبر المجال الجوي السوري بشكل روتيني. والكثير من الأشخاص المنتظمين على هذه الخطوط، بمن فيهم هذه المراسلة الصحافية، فضلوا هذه الرحلة لأنها، حتى ولو انحرفت قليلا عن مسارها الذي كان موجودا قبل الحرب لتتجنب دمشق، تستغرق 70 دقيقة فقط وهو معدل يقل بمقدار 40 دقيقة عن الطرق الملتوية التي تسلكها شركات الطيران الأخرى.
قام ركاب كانوا محظوظين لدرجة أنهم حصلوا على صف من المقاعد بالاستلقاء عليها بأخذ غفوة قليلة من النوم، وتجاهلوا المضيفات اللاتي كن يحملن ساندويتشات بالجبن والزيتون. كان الأطفال يتأملون في المقاعد، بينما كان رجال الأعمال والمسؤولون الأمميون يطالعون أوراقهم. وكان الركاب السوريون الذين طردتهم الحرب إلى المنفى يتتبعون مسار الطائرة عبر خريطة موجودة على شاشات موجودة على ظهور المقاعد ويتأملون بحزن أثناء فترة ما بعد الظهر من خلال النافذة كما لو كانوا يتعلقون بأمل النظر إلى منازلهم.
أعلن الطيار، أثناء رحلة طيران ليلية مؤخرا: «نحن نحلق الآن فوق منطقة غير مستقرة. يرجى العودة إلى مقاعدكم». لم يكن يشير إلى وجود سياسات أو مناورات عسكرية موجودة في الأسفل، ولكنه كان يشير إلى وجود مطبات جوية.
أصدرت السفارة الأميركية في بيروت، الشهر الماضي، تحذيرا يحث رعاياها على تجنب رحلات الطيران في الأجواء السورية وحظرت على موظفيها القيام بمثل هذه الرحلات - وتعتبر هذه الرحلات مصدر قلق مبرر بعد إسقاط طائرة ماليزية في شهر يوليو (تموز) عن طريق صاروخ انطلق من منطقة صراع أخرى، وهي أوكرانيا.
ولكن بالنسبة لكثير من المسافرين على شركة «طيران الشرق الأوسط»، تتلاشى مثل هذه التحذيرات وسط ضجيج الصراع الدائم والدائر في المنطقة.
تعتبر الحركة الجوية من بيروت حاليا أكثر أمانا مقارنة بسنوات الحرب الأهلية، عندما كانت عمليات اختطاف الطائرات تتم على نحو روتيني، سواء على يد الميليشيات الشيعية التي قتلت غواص البحرية الأميركية الذي كان على متن طائرة «تي دبليو أي» الرحلة «847» عام 1985 وألقت به في مدرج المطار، أو الطيار الساخط الذي طالب بترقية ومعاطف شتوية لعمال المطار. لم يعد مطار بيروت يشبه المطار الذي كان موجودا في ثمانينات القرن الماضي، فهو يتلألأ بأضواء عيد الميلاد ومحلات بيع منتجات «شانيل» من مستحضرات التجميل، والأحذية المرصعة بالجواهر، والبقلاوة. ينتظر الركاب عند البوابات للقيام برحلات جوية إلى مدينة النجف في جنوب العراق وإلى دبي وإلى الرياض، ويحلق الكثير كذلك في أجواء سوريا دون ضجيج.
تحلق الطائرة التي تنطلق متجهة إلى عمان، شمالا بمحاذاة الساحل اللبناني، ثم تتجه نحو الشرق عبر الجبال الخضراء التي تزينها تجمعات من الفيلات والمباني السكنية. ثم تعبر وادي البقاع، الذي انطلق مقاتلو «حزب الله» من خلاله إلى داخل سوريا لمساعدة الحكومة على استعادة السيطرة على بلدة القصير، وفوق جبال القلمون السورية، التي لا تزال تؤوي متمردين.
تعرض الشاشات الموجودة خلف المقاعد مقطع ممنتج للدعاية لنسخة الشركة المعلنة من المعالم السياحية في لبنان: نعم توجد غابات الأرز وحلويات الفستق، ولكن يوجد كذلك أماكن حفلات الزفاف الفخمة وعيادات جراحات التجميل، حيث يمكن للعملاء التعافي في غرف موجودة بها تشبه أجنحة الفنادق. يستعرض الركاب الصحف المجانية لمعرفة آخر الأخبار اللبنانية. «مقتل 6 جنود في كمين للإرهابيين».
على متن رحلة حديثة، كان جوزيف كميد، وهو مصمم ديكور داخلي، متجها لوضع الديكور لمتجر جديد معفى من الرسوم الجمركية في مطار عمان المتلألئ الذي خضع لتوسيعات، وكان فرمان الشكري مسافرا من أجل عمله الخاص بصناعة الملابس، وقد ظهرت علامات الدهشة على الشخصين تفاعلا مع سؤال عما إذا كانت تنتابهم أي مخاوف من الطيران؟
قال شكري: «مشكلتي هي أن العمل سيئ». وأعرب عن شكواه من أن الصراع المتواصل منذ أكثر 3 سنوات تسبب في إغلاق مصانع النسيج السوري وتثبيط السوق. يبدو أن مخاطر الرحلة، ومعاناة هؤلاء الذين يستطيعون تحمل تذكرة ذهاب وعودة ثمنها 250 دولارا، ضئيلة مقارنة بما يواجهه السوريون العالقون على الأرض: فالمدن والاقتصادات في حالة خراب، ولقي أكثر من 200 ألف شخص مصرعهم. كما تسبب القتال في فرار أكثر من 3 ملايين لاجئ، مليون منهم في لبنان، و620 ألفا آخرين في الأردن.
وتشتمل الحرب في سوريا وتحذيرات السفر الحادة الصادرة من القنصليات في لبنان على مخاطر، على سبيل المثال لا الحصر، التعرض لهجمات صاروخية وتفجيرات انتحارية واندلاع اشتباكات بين السلطات والعناصر الإجرامية، والقتال الذي قد يندلع في أي وقت بين الجماعات المسلحة وإسرائيل.
كل تلك المخاطر موجودة، على أرض الواقع، ولكن هذه القائمة من الكوارث المحتملة تختفي أمام الخبرات اليومية في لبنان في مواقع البناء الصاخبة والاختناقات المرورية، ومراكز التسوق المتلألئة والمزارع الموحلة، فدولة لبنان بلد، رغم أزمة اللاجئين والصراع الموجود على الحدود وتنقلات الأغنياء والفقراء للعمل والمدارس، نادرا ما يواجه تهديدا مباشرا أكثر من نقطة تفتيش تابعة للشرطة.
بعد الهبوط في عمان في إحدى الأمسيات مؤخرا، ذكرت إحدى المضيفات أن تحذيرات السلامة «جميعها مدفوعة سياسيا، لتجعل صورة سوريا تبدو سيئة»، وأن الشركات المنافسة تتحاشى المجال الجوي السوري لأنهم يخشون من انتقام الطائرات الحربية الحكومية منها بسبب دعم دولهم للمعارضة ضد الرئيس بشار الأسد.
«لن نهدر حياتنا وحياة الطيار»، هكذا أضافت مضيفة الطيران التي تقوم برحلتين يوميا على الأجواء السورية وامتنعت عن ذكر اسمها لأنه غير مصرح لها بالحديث بالنيابة عن شركة الطيران. وقالت: إن «الركاب غالبا ما يسألون: هل هي آمنة؟ ولكنها تشك في أنهم خائفون لهذه الدرجة، وإلا فلن يكونوا على متن الطائرة».
من جانبها، قالت ايرينا برينتس، وهي مسؤولة أممية تقوم بهذه الرحلة بانتظام: إنه «عندما بدأ المسلحون السوريون في إسقاط طائرات عمودية وطائرات حربية تحلق على ارتفاعات منخفضة في بعض الأحيان قبل عامين، أعادت التفكير في خط سيرها، ولكن سرعان ما اختفت مخاوفها وقامت بشراء تذكرتها التالية».
ويرى المسؤولون الأمميون الذين يقومون برحلات مكوكية من وإلى دمشق، حيث تم قصف فندق فور سيزونز الذي كانوا يقيمون بها، أن التفكير في الطائرة يعتبر أقل اهتماماتهم.
تأملت برينتس وكان يعلو وجهها الأسى والحزن خلال رحلة طيران مؤخرا وهي تنظر إلى أراض جافة تخطها طرق رمادية وتجمعات متناثرة من المنازل، وقالت إنها «تتطلع إلى يوم ننظر فيه من الجو إلى الأرض ونعلم أن الحرب قد وضعت أوزارها».
* خدمة «نيويورك تايمز»



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.