الحوثيون يحولون مناطقهم إلى بيئة خصبة لجرائم القتل والخطف

اتهامات للجماعة برعاية «الانفلات الأمني» وترويع المدنيين بالقمع

اليمنيون يعانون من أزمات متعددة في ظل سيطرة الحوثيين على مناطق في محافظة حجة الغربية (إ.ب.أ)
اليمنيون يعانون من أزمات متعددة في ظل سيطرة الحوثيين على مناطق في محافظة حجة الغربية (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يحولون مناطقهم إلى بيئة خصبة لجرائم القتل والخطف

اليمنيون يعانون من أزمات متعددة في ظل سيطرة الحوثيين على مناطق في محافظة حجة الغربية (إ.ب.أ)
اليمنيون يعانون من أزمات متعددة في ظل سيطرة الحوثيين على مناطق في محافظة حجة الغربية (إ.ب.أ)

شهدت العاصمة اليمنية صنعاء ومدن أخرى واقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية على مدى الأسبوعين الماضيين انفلاتاً أمنياً غير مسبوق، تزايدت فيه جرائم القتل والاغتيال والاختطاف والنهب والسرقة وغيرها من الجرائم الأخرى التي تغذيها عناصر وقيادات الجماعة الانقلابية.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن ارتفاع ضحايا الانفلات الأمني الذي تشهده العاصمة وغيرها من المدن إلى عشرات القتلى والجرحى، بالإضافة إلى ضحايا آخرين تعرضوا لعمليات اختطاف وسرقة وابتزاز ونهب وترويع ومصادرة لممتلكاتهم وحقوقهم. وتحدثت المصادر عن أن العاصمة لا تزال تعيش في زمن الانقلابيين في فوضى أمنية عارمة زادت معها معدلات الجريمة والقتل اليومية وأعمال النهب والسطو على السكان والمواطنين والممتلكات العامة والخاصة.
في غضون ذلك، شكا مواطنون لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد الفوضى التي اجتاحت صنعاء، ورافقها انتشار واسع للعصابات المسلحة ومافيا القتل والفساد وارتفاع بمعدلات جرائم القتل والاختطاف والسرقة والنهب والتقطع.
قال «م.ن» وهو ضابط أمن متقاعد ومناهض للجماعة في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن معظم مناطق صنعاء تحولت اليوم في زمن حكم وسيطرة الحوثيين، وعلى غير عادتها، إلى أرض خصبة وساحة كبيرة لتصفية الحسابات والاختطاف والقتل غير المبرر والسطو والنهب والعبث».
وفي الوقت الذي روعت جريمة القتل الوحشية، التي تعرض لها أخيراً الشاب عبد الله الأغبري في صنعاء، السكان في صنعاء، أكد الضابط المتقاعد أن تلك الجريمة المروعة سبقها مئات الجرائم التي شهدتها مدن سيطرة الحوثيين طيلة الأشهر الماضية. وأشار المصدر الأمني إلى حدوث 3 جرائم قتل متزامنة، نفذتها عصابات مسلحة خلال الأيام الماضية في صنعاء، طالت واحدة منها مواطناً على متن سيارته في شارع القيادة، بينما الأخرى كان ضحيتها موزع في شركة أدوية بحي جامعة الإيمان، بينما الثالثة طالت رجل أعمال عندما أقدم مسلحون على الاعتداء عليه وخطفه إلى جهة مجهولة.
وتحدث المصدر عن العثور يوم الجمعة الماضي على الشاب هشام الأكحلي، ويعمل موزعاً للأدوية، مقتولاً داخل سيارته في شارع الستين بالعاصمة صنعاء، بعد أن تم خطفه على يد عصابة مسلحة. وتوالياً للجرائم المتنوعة التي شهدتها صنعاء، أشارت مصادر أمنية أخرى إلى تعرض رجل الأعمال محمد مرشد صاحب محل التضامن للصرافة، للاختطاف نهار الجمعة الماضي في العاصمة صنعاء. وتعتقد المصادر أن عصابة مسلحة تنتمي للجماعة الحوثية، اختطفت مالك محل الصرافة في شارع القيادة وسط صنعاء، بعد إصابته بعدة طعنات، ونهب سيارته. مشيرة إلى أن رجل الأعمال المختطف والمعتدى عليه يعاني الفشل الكلوي، وكان قد قدم من محافظة تعز لتلقي العلاج في أحد مستشفيات العاصمة.
وجاءت بعض الجرائم الأخيرة المرتكبة بحق الأبرياء بمناطق سيطرة الجماعة في صور أكثر بشاعة، كما حدث قبل أيام في محافظة الحديدة، عندما أقدم مسلح حوثي من أبناء مديرية الجراحي في الحديدة على قتل والده ووالدته وأحد أقاربه في ظروف غامضة.
وذكرت مصادر محلية بالحديدة لـ«الشرق الأوسط» أن شاباً يدعى محمد أقدم على قتل 3 أشخاص رمياً بالرصاص، هم والده عبد الله علي واصل، ووالدته عصماء، وإلى جانبهما ابن عمه حسن عبيد واصل، الذي يعمل ضابطاً برتبة عقيد، فيما أصيبت شقيقته بجروح بمنطقة الجراحي، دون معرفة أسباب ودوافع الجريمة.
ولفتت المصادر إلى أن الجاني أحد العناصر الموالية للجماعة الحوثية، والذي خضع في السابق لدورات ودروس مكثفة ومشبعة بالأفكار المتطرفة التي تحث على الحقد والقتل والكراهية والموت.
وسبقت تلك الجريمة الدخيلة على المجتمع اليمني بأيام جريمة أخرى مماثلة، تمثلت بإقدام مواطن أربعيني بمديرية عتمة بمحافظة ذمار الخاضعة لسيطرة الميليشيات على قتل والدته و5 من أفراد أسرته، بينهم طفل رضيع.
وقال مصدر محلي بذمار لـ«الشرق الأوسط»، إن المواطن صبري البروي، الذي التحق مع اثنين من إخوانه بصفوف الميليشيات قبل أشهر، ارتكب جريمته الشنعاء بحق أسرته مباشرة عقب عودته لمنزله من دورة حوثية أقيمت في مدينة ذمار.
وكانت التقارير الصادرة عن المجلس الاستشاري للأمن الخارجي في وزارة الخارجية الأميركية أكدت أن الجماعة الحوثية حوّلت اليمن إلى بيئة خصبة للجريمة والفساد، في حين كانت تقارير يمنية رصدت من جهتها حدوث أكثر من 7 جرائم قتل وتعذيب، نفذها عناصر حوثيون بحق أقاربهم خلال أقل من أسبوع.
وفي حين يحظر القانون اليمني أي اعتقال أو احتجاز تعسفي، فإن الميليشيات مستمرة في اختطاف واعتقال العشرات من المواطنين، ورجال الأعمال، والأكاديميين، وغيرهم من اليمنيين من مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية. بحسب ما أكدته المصادر اليمنية.
وفي السياق نفسه، كشفت مصادر حقوقية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن قيام الجماعة هذا الأسبوع باختطاف أكثر من 30 مواطناً في العاصمة أثناء ما كانوا يتظاهرون تضامناً مع قضية الشاب الأغبري الذي قتل تحت التعذيب قبل نحو أسبوعين.
وطبقاً للمصادر الحقوقية، اختطفت ذات الجماعة في اليوم نفسه مدرباً رياضياً وعدداً من اللاعبين اليمنيين في منتخب اليمن للشباب بنقطة تفتيش تابعة لها بمحافظة إب (170 كيلومتراً جنوب صنعاء). في حين لا تزال تواصل اختطاف الدكتور عدنان الشرجبي، أستاذ علم النفس بجامعة صنعاء، منذ الأربعاء الماضي. وعلى مدار السنوات الست الماضية، شهدت مناطق سيطرة الجماعة بما فيها صنعاء، حوادث وجرائم مروعة وسط انفلات أمني واتهامات للميليشيات بارتكاب آلاف الجرائم، من بينها القتل والاختطاف والإخفاء القسري والاستغلال الجنسي والتعذيب في السجون.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.