الحالات في ليبيا تتزايد واتهامات للمسؤولين بـ«التقصير»

مستشفيات العزل ترفض استقبال إصابات جديدة

حملة للتوعية ضد «كورونا» بمخيم لنازحي تاورغاء بطرابلس برعاية «يونيسيف» (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
حملة للتوعية ضد «كورونا» بمخيم لنازحي تاورغاء بطرابلس برعاية «يونيسيف» (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
TT

الحالات في ليبيا تتزايد واتهامات للمسؤولين بـ«التقصير»

حملة للتوعية ضد «كورونا» بمخيم لنازحي تاورغاء بطرابلس برعاية «يونيسيف» (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
حملة للتوعية ضد «كورونا» بمخيم لنازحي تاورغاء بطرابلس برعاية «يونيسيف» (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)

تصاعدت حدة الإصابات بفيروس «كورونا» في ليبيا بشكل متسارع خلال الأيام القليلة الماضية، وباتت تسجل أرقاماً كبيرة قياساً بما سبق، وسط مخاوف من تفشي الوباء في قادم الأيام، واتهامات للسلطات في البلاد بالتقصير في مواجهة الجائحة.
وسجل المركز الوطني لمكافحة الأمراض أن إجمالي الإصابات في البلاد خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وصل إلى 23515 حالة، تعافى منهم 12762، بينما توفي 368 حالة، مشيراً إلى أنه يواصل حملات التوعية التي ينظّمها بالتعاون مع منظمة «يونيسيف» والجمعية الليبية للمصالحة الوطنية حول الإجراءات الوقائية والتدابير اللازمة في بعض أحياء طرابلس.
وتعاني العاصمة من انتشار واسع للفيروس، حيث سجلت خلال أمس، 360 إصابة جديدة، في وقت ترفض مستشفيات العزل استقبال مصابين بالفيروس في عموم البلاد، وسط تمدد الوباء بين المدن والبلدات بشكل سريع.
ومع تغوّل الفيروس في ليبيا، يرى كثير من المواطنين أن السلطات التنفيذية في البلاد انشغلت بالحرب، ولم تولِ مكافحة الوباء اهتماماً منذ بدايته، حتى تمكن من الانتشار بشكل واسع. لكن مدير المركز الوطني الدكتور بدر الدين النجار، دافع عن مؤسسته وقال إن الخطة التي وضعها في السابق لمكافحة الفيروس منذ الإعلان عن ظهوره بالبلاد في مارس (آذار) الماضي، تم تجاهلها من السلطات التنفيذية، مما أحدث ارتباكاً في مواجهة هذه الجائحة.
وأضاف النجار في تصريح لقناة «ليبيا بانوراما» مساء أول من أمس (الاثنين)، إن ازدياد الإصابات بشكل كبير وضع المستشفيات ومراكز العزل تحت ضغط كبير، مشيراً إلى أن معظمها أصبح لا توجد به أماكن كافية لاستقبال المرضى، لكنه قال إن فرق الرصد والتقصي تعمل وفقاً لآلية وضعتها منظمة الصحّة العالمية في كلّ دول الإقليم ومنها ليبيا. وفي الوقت الذي لفت فيه النجار إلى أن النظام الصحّي في ليبيا يحتاج إلى دعم لمواجهة هذه الأزمة، رأى أن التوعية عليها عامل كبير في اجتياز المحنة، وبخاصة بين الطبقات البسيطة، التي لا تعتقد في وجود الفيروس من الأساس.
وقالت شركة (راس لانوف) لتصنيع النفط والغاز، إنها بدأت تجهيز مقر العزل الصحي في بلدية (راس لانوف) بكل المتطلبات المتاحة، بدعم مباشر من المؤسسة الوطنية للنفط وبالتعاون مع مكتبي الخدمات الطبية والرعاية الصحية.
وأوضحت الشركة في بيان أمس، أنها «نفّذت الصيانة الشاملة للمبنى وأسهمت بأجهزة للتنفس وبعض الاحتياجات الطبية المهمة الأخرى»، لافتة إلى أن «المسؤولية في محاربة هذه الجائحة تضامنية بين الجميع وأن المرحلة لا تتحمل التخاذل أو التهاون».
وأشارت الشركة إلى أنها مددت تعليق العمل في جميع إداراتها إلى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الجاري، ضمن الإجراءات الاحترازية والوقائية من الإصابة بالفيروس.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.