«خالد درارني صحافي حرّ»... «خالد درارني ليس خبارجيا»...
هكذا ردد عشرات الصحافيين بالجزائر العاصمة، أمس، عندما بلغهم خبر إدانة خالد درارني، مراقب منظمة «مراسلون بلا حدود»، بالسجن عامين، بينما كانوا متجمعين عند مدخل محكمة الاستئناف. وأثار الحكم ردود فعل ساخطة داخل البلاد وخارجها، وعدّه مراقبون «إخلالاً بتعهدات السلطة الجديدة بشأن احترام حرية الصحافة».
وتعامل الصحافيون مع الحكم على أنه «يوم أسود آخر في عمر الصحافة»، على حد تعبير الصحافية هاجر قنانفة، ذلك أن هوامش حرية الإعلام والتعبير بالنسبة لكثير من الصحافيين، «تزداد ضيقاً»؛ لأن السلطات، في نظرهم، زجت بخالد درارني في السجن «لمجرد أنه كان وسط مظاهرة لتغطيتها، ونشرها في صحيفته الإلكترونية (قصبة تريبيون)، فكيف سيكون الأمر لو كتب مقالاً يهاجم فيه الحكومة؟».
واتهمت النيابة درارني بـ«تهديد الوحدة الوطنية»، و«التحريض على التجمهر غير المرخص» به. فيما اتهمه رئيس البلاد عبد المجيد تبون، خلال لقاء مع صحافيين قبل 3 أشهر، بأنه «خبارجي (متخابر) لمصلحة سفارة أجنبية بالجزائر»، وكان يلمح بذلك إلى سفارة فرنسا، وإلى صفة درارني مراسلاً لتلفزيون «موند5» الفرنسي.
يذكر أنه تم النطق بالحكم في القضية نفسها بحق الناشطين سمير بن العربي وسليمان حميطوش، بالسجن 4 أشهر، مع التنفيذ وعام حبساً مع وقف التنفيذ. لكنهما استنفدا العقوبة بحكم المدة التي قضياها في الحبس الاحتياطي. وأعلن محامو الصحافي عزمهم إيداع طعن بالنقض على الحكم، وبذلك ستحال القضية إلى «المحكمة العليا»، وهي الدرجة النهائية في التقاضي، علماً بأن النيابة كانت التمست السجن 4 سنوات بحق الصحافي.
وفور صدور الحكم، علق عبد الغني بادي، رئيس فريق المحامين المدافعين عن الصحافي، قائلاً: «عندما يتأثر القضاء بقرارات مسبقة صادرة عن رأس الجهاز التنفيذي نصبح أمام وضع كهذا». في إشارة إلى اتهامات الرئيس تبون بحق درارني، التي عدّها الدفاع بمثابة أوامر للقضاة بإدانته بالسجن.
يذكر أن الرئيس حسب دستور البلاد هو «القاضي الأول» بحكم أنه رئيس «المجلس الأعلى للقضاء». وقد طالبت نقابة القضاء بإبعاده من هذه الهيئة، بمناسبة التعديل الدستوري الذي سيعرض على الاستفتاء بعد شهر ونصف، لكن تبون رفض واكتفى بتنحية وزير العدل كنائب له.
وكتب المحامي والناشط طارق مراح، بحسابه على «فيسبوك» بعد صدور الحكم مستنكراً: «العمل على بناء دولة الحق والقانون جريمة في نظر السلطة، وتلك هي التهمة الحقيقية للصحافي خالد درارني»، الذي عرف بانخراطه في الحراك الشعبي المطالب بالتغيير، وبمواقفه المعارضة لسجن النشطاء، وهو ما أزعج السلطات كثيراً، بحسبه.
من جهته، قال نور الدين أحمين، عضو «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» متسائلاً: «لست أردي إن كان القضاة الذين حكموا على الصحافي بعامين حبساً، وقبلهم الذين حكموا عليه في المحكمة الابتدائية بثلاث سنوات، ينتمون لهذا الشعب العظيم الذي خرج في 22 من فبراير (شباط) 2019 للمطالبة برحيل النظام، الذي أوصل الجزائر إلى الهاوية. لقد أثبت الحراك أن النظام بلغ درجة من الفساد لا يمكن لأي مواطن حر أن يقبل بها، لأن الأمر بات مرتبطاً بمصير أجيال وبمستقبل بلد». ووصف أحمين الحكم ضد درارني بأنه «ضربة موجهة للحراك الذي يسعى إلى تحرير البلاد من مخالب المستبدين».
يذكر أن المظاهرات الشعبية توقفت منذ 6 أشهر بسبب وباء «كورونا». فيما تجرى محاولات من ناشطين للعودة إلى الاحتجاج في الشارع. لكن السلطة ترفض ذلك بشدة، ولا تتردد في سجن من يدعو إلى مظاهرة.
من جانبها، نددت «مراسلون بلا حدود»، في بيان أول من أمس، بـ«الضغوط والمساومات التي استهدفت درارني». وعدّ أمين عام المنظمة كريستوف دولوار أن إبقاء درارني في السجن «دليل على انغلاق النظام في منطق القمع الظالم». وأضاف موضحاً: «نحن مصدومون من العناد الأعمى للقضاة الجزائريين الذين حكموا على درارني بالسجن عامين».
صدمة وسط صحافيي الجزائر بعد إدانة درارني بالسجن عامين
تبّون اتهمه بـ«التخابر» لجهات أجنبية
صدمة وسط صحافيي الجزائر بعد إدانة درارني بالسجن عامين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة