وزير ليبي لـ «الشرق الأوسط»: نتوقع تأجيلا جديدا لحوار الأمم المتحدة

رئيس الحكومة يحذر من انهيار الاقتصاد وتصدع الدولة.. وحكومة طرابلس تعلن بناء جيش

عنصران من الجيش الليبي يقفان فوق دبابتهما.. ويبدو في الخلفية أعمدة الدخان الكثيف أثناء المواجهات مع ميليشيا الإسلاميين (أ. ف. ب)
عنصران من الجيش الليبي يقفان فوق دبابتهما.. ويبدو في الخلفية أعمدة الدخان الكثيف أثناء المواجهات مع ميليشيا الإسلاميين (أ. ف. ب)
TT

وزير ليبي لـ «الشرق الأوسط»: نتوقع تأجيلا جديدا لحوار الأمم المتحدة

عنصران من الجيش الليبي يقفان فوق دبابتهما.. ويبدو في الخلفية أعمدة الدخان الكثيف أثناء المواجهات مع ميليشيا الإسلاميين (أ. ف. ب)
عنصران من الجيش الليبي يقفان فوق دبابتهما.. ويبدو في الخلفية أعمدة الدخان الكثيف أثناء المواجهات مع ميليشيا الإسلاميين (أ. ف. ب)

على الرغم من تحديد بعثة الأمم المتحدة في ليبيا يوم الخامس من الشهر المقبل لعقد الجولة المؤجلة من جلسات الحوار الوطني بين مختلف الفرقاء السياسيين، فإن مسؤولا ليبيا رفيع المستوى قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحوار قد لا يعقد في الموعد المحدد»، بسبب ما وصفه بـ«صعوبات تكتنف إمكانية اجتماع الفرقاء الليبيين على مائدة مفاوضات واحدة في الوقت الراهن».
وأبلغ وزير في الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني من مدينة البيضاء بشرق ليبيا «الشرق الأوسط» في تصريحات خاصة، أن «ثمة صعوبات تواجه الحوار، وسيتأجل أكثر من مرة لأن التحشيد العسكري على الأرض لا ينبئ مطلقا بإمكانية عقد أي حوار حاليا». وأضاف أن «الجيش الوطني الليبي يؤدي مهامه، والمعركة تفرض عليه لأن قوات ما يسمى عملية فجر ليبيا وميليشياتهم متمسكون بسلاحهم ويتقدمون ويتوسعون بعدوانهم».
وتابع الوزير الذي طلب عدم تعريفه: «في تقديرنا كحكومة، فإن الحديث عن حوار هو أشبه بمحاولة المبعوث الأممي برناردينو ليون شراء الوقت لصالح الطرف المعتدي، وهذا غير مقبول ولن نتجاوب معه».
وجاءت تصريحات الوزير الليبي لتقطع الطريق على نبرة تفاؤل بنجاح مساعي بعثة الأمم المتحدة في إقناع الفصائل المتنافسة في ليبيا بعقد جولة جديدة من محادثات السلام بهدف إنهاء الأزمة السياسية المتصاعدة في وقت مبكر من العام الجديد.
وأطلع ليون مجلس الأمن الدولي على أحدث التطورات عبر دائرة تلفزيونية مغلقة يوم الجمعة الماضي. وقال دبلوماسي حضر الجلسة المغلقة طالبا عدم نشر اسمه، إن ليون قال إنه «حصل على موافقة (مبدئية) على بدء المحادثات يوم الخامس من يناير (كانون الثاني)». وأضاف أنه «حدد أيضا 3 موضوعات أساسية لخريطة طريق.. حكومة وحدة وطنية، واستقرار البلاد من خلال وقف الجماعات المسلحة لإطلاق النار، ووضع دستور جديد».
وأكد سفير تشاد لدى الأمم المتحدة، محمد زين شريف، الذي يرأس المجلس هذا الشهر، موعد الخامس من يناير للاجتماع. وأضاف أن أعضاء المجلس عبروا عن القلق من استمرار القتال وتدفق الأسلحة إلى ليبيا.
وأشار شريف إلى أن ليون قال، إن الأطراف وافقت على خريطة الطريق، في حين قال مسؤول بالأمم المتحدة لـ«رويترز»، إن حمل الفصائل المختلفة على الاجتماع سويا يشبه «أن تسوق قططا مدججة بالسلاح».
وحذر أمس وزير الخارجية الليبي، محمد الدايري، من أن ليبيا التي يمزقها انقسام سياسي كبير يهدد بابتلاع حقولها النفطية قد تصبح مثل سوريا إذا لم توحد حكومتها المنقسمة وتتلقى المساعدة للتصدي للمتشددين الإسلاميين. وأضاف الدايري في مقابلة مع «رويترز»: «إذا لم نفعل الشيء الصواب الآن فقد نشهد خلال عامين - وآمل ألا يحدث ذلك - تكرارا لما حدث في سوريا عام 2014 لأن المجتمع الدولي لا يتحرك على نحو ملائم».
وكرر الدايري اتهام حكومته بأن القوات التي تهاجم منشآت النفط تضم عناصر من «أنصار الشريعة». وتصنف الولايات المتحدة «أنصار الشريعة» جماعة إرهابية وتتهمها بالضلوع في هجوم سبتمبر (أيلول) 2012 المميت على المجمع الدبلوماسي الأميركي في بنغازي.
وسئل عما إذا كان يشعر بالقلق من أن ليبيا لا تحتل مكانة بارزة في قائمة أولويات الرئيس الأميركي باراك أوباما، فقال: «أشعر بالقلق حقا من ذلك». وأضاف أنه تحدث خلال جلسة في الأمم المتحدة في نيويورك يوم الجمعة الماضي واجتمع مع مسؤولين في واشنطن «للفت انتباه المجتمع الدولي إلى تنامي أخطار الإرهاب الدولي في ليبيا وضرورة التصدي له».
وقال الدايري، إن حكومة رئيس الوزراء عبد الله الثني المتمركزة في شرق ليبيا تواجه ما وصفه بـ«أزمة مالية خطيرة.. أزمة تمويل»، وقد تسعى للحصول على قروض دولية. وتابع: «نستطيع الحصول على قروض، وهذا ما قد نسعى لتحققه في الأيام والأسابيع المقبلة»، مضيفا أنه أجرى مناقشات في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ليل الاثنين، مؤكدا التزام حكومته بمحادثات السلام، ولكنه أردف قائلا: «غني عن القول، إن العملية ستكون صعبة».
من جهته، اعتبر رئيس الحكومة الانتقالية، عبد الله الثني، أن بلاده تمر بمرحلة مشابهة لمرحلة نيلها الاستقلال عن الاحتلال الإيطالي قبل 63 عاما، داعيا في كلمة له بهذه المناسبة إلى «الإدراك الصحيح لخطورة الوضع وما يمكن أن يؤدي إليه من تصدع لأركان الدولة وانهيار للاقتصاد.. لا قدر الله».
وأضاف: «لن تغفر لنا ولن ترحمنا الأجيال القادمة إذا تناحرنا وتقاتلنا ودمرناها بأيدينا على الرغم مما أكرمها الله به من ثروة وموقع جغرافي استراتيجي وشعب متجانس، وسنندم على وطن لم نحافظ عليه ولم نكن في مستوى المسؤولية التي نحملها في أعناقنا جميعا».
في المقابل، استمر عمر الحاسي، رئيس ما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني التي تسيطر بقوة السلاح على العاصمة الليبية طرابلس، في تحدي شرعية حكومة الثني التي تحظى بالاعتراف الدولي. وقال في كلمة له مساء أول من أمس: «ما زلنا نرسم خططنا لبناء جيش ليبي قوي وتجهيز شرطة بكامل تخصصاتها وإعداد حرس وطني لحماية حدودنا مع دول الجوار».
وزعم الحاسي، أن «الجهود تبذل لحماية حقول النفط وموانئه وكل خطوطه والمواقع النفطية الأخرى التي تتقاطع فيها مصالحنا مع مصالح الشركاء الدوليين»، في حين ما زال العمل جاريا في صيانة المطارات والموانئ المدنية التي باتت الآن هدفا للهجمات الجوية.
وتحت شعار ندعم الثوار لنحمي الاستقلال، دعا أنصار الحاسي المحسوبون على جماعة الإخوان المسلمين، إلى تنظيم مظاهرات حاشدة غدا (الجمعة) في العاصمة طرابلس عدة مدن أخرى.
من جهته، حذر رئيس الهيئة العامة للثقافة والإعلام الدكتور عمر القويري وسائل الإعلام والصحافيين من خارج ليبيا من التعامل مع حكومة الحاسي، وقال إن الحكومة الليبية المؤقتة والشرعية غير مسؤولة عن حياة أي صحافي أو إعلامي لأن العاصمة مخطوفة ويحكمها الإرهاب والميليشيات المسلحة.
وأضاف القويري أن حكومته التي يترأسها عبد الله الثني وتتخذ من مدينة البيضاء بشرق البلاد مقرا مؤقتا لها «تحذر مختلف وسائل الإعلام العربية والدولية من التعامل مع المدعو الحاسي لأنه شخص سيلاحق قانونيا أمام القضاء الليبي والدولي بتهمة انتحال صفة رئيس الحكومة والتعدي على الشرعية التي ارتضاها الشعب الليبي واعترف بها المجتمع الدولي».
وحث القويري وسائل الإعلام العربية والدولية مع التواصل مع الحكومة الانتقالية برئاسة الثني ومجلس النواب باعتبارهما الجهتين اللتين تمثلان فقط الشرعية في ليبيا وتعبران عن إرادة الشعب الليبي.
وكان القويري يعلق بهذه التصريحات على إعلان حكومة الحاسي دعوتها لمختلف وسائل الإعلام الدولية بزيارة طرابلس في الفترة المقبلة للاطلاع على حقيقة الأوضاع السائدة فيها.
من جهة أخرى، أعلنت حكومة طرابلس أنها سترفع استئنافا جديدا يطالب بمحاكمة سيف القذافي، الابن الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي، أمام القضاء الليبي. وقالت لجنة متابعة الحالة الليبية أمام المحكمة الجنائية الدولية في بيان لها، أمس، إن حكومة الحاسي سترفع استئنافا جديدا لمحكمة الجنايات الدولية للمطالبة بمحاكمة نجل القذافي أمام القضاء الليبي، مما يعني استمرار تنازع الاختصاص بين السلطات الليبية والمحكمة الجنائية الدولية.
وادعت أن بعض العراقيل المادية التي دخلت على المشهد الليبي منذ 15 يوليو (تموز) الماضي حالت دون بسط الحكومة الليبية سيطرتها المادية على نجل القذافي الذي يخضع لسيطرة ميليشيات خارجة عن شرعية الدولة، على حد تعبيرها.
إلى ذلك، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنها وزعت مواد إغاثة أساسية لأكثر من 1500 أسرة نازحة في ليبيا. ولفتت المفوضية مع ذلك في بيان لها إلى أن الحالة الأمنية ما زالت تتدهور بسرعة في ليبيا، مما يؤدى إلى نزوح وإعادة نزوح أعداد كبيرة من الأشخاص، خاصة في الأطراف الغربية للعاصمة طرابلس وفي مدينة بنغازي في الشرق ومنطقة أوباري في الجنوب.
ويتنافس برلمانان وحكومتان على الشرعية في ليبيا منذ سيطرت جماعة تسمى «فجر ليبيا» على العاصمة في أغسطس (آب)، وشكلت حكومة، ودفعت حكومة رئيس الوزراء المعترف به عبد الله الثني للانتقال إلى الشرق.
وتخشى القوى العالمية أن يؤدي الصراع الليبي إلى حرب أهلية مع اندلاع قتال حول السلطة والثروة النفطية بين جماعات للثوار السابقين الذين ساعدوا في الإطاحة بالقذافي في 2011.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.