لبنان: حوار «المستقبل ـ حزب الله» ينطلق برسالة «طمأنة سياسية» إلى الحلفاء

الفريقان حذران من عقد أي صفقة «سنية ـ شيعية»

لبنان: حوار «المستقبل ـ حزب الله» ينطلق برسالة «طمأنة سياسية» إلى الحلفاء
TT

لبنان: حوار «المستقبل ـ حزب الله» ينطلق برسالة «طمأنة سياسية» إلى الحلفاء

لبنان: حوار «المستقبل ـ حزب الله» ينطلق برسالة «طمأنة سياسية» إلى الحلفاء

بعد نحو 4 سنوات من الانقطاع، انطلق قطار الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» بما تحمله هذه الخطوة من إيجابيات يفترض أن تنعكس إيجابا على الوضع اللبناني، سياسيا واجتماعيا وحتى أمنيا، في موازاة الحراك الدولي - الإقليمي على خط إنجاز الملف الرئاسي.
وكان لافتا في البيان الختامي المشترك الذي صدر عن المجتمعين، رسالة «الطمأنة السياسية» إلى حلفاء الفريقين المسيحيين تحديدا، بالتأكيد على أنّ هذه اللقاءات لا تهدف إلى تشكيل اصطفاف سياسي جديد على الساحة الداخلية، وليست في مواجهة أحد، ولفتوا إلى أن «هذه اللقاءات لا تهدف للضغط على موقف أي من القوى السياسية في الاستحقاقات الدستورية، بل هي من المساعدة لاتفاق اللبنانيين. وهو ما أشار إليه مصدر مطّلع على أجواء اللقاء، مبينا أنّ هذا الحوار الذي يخدم الطرفين لن يكون سببا في نقل الخلاف المذهبي إلى خلاف طائفي، وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «الفريقان حذران من عقد أي صفقة (سنية - شيعية) بعيدا عن المسيحيين، وبالتالي هذا الانفتاح لن يكون سوى تمهيد لتفاهمات رئاسية وليس التفاهم حول اسم الرئيس الذي لن يحصل بمعزل عن الأفرقاء المسيحيين»، موضحا أنّ الملف الرئاسي تخطى الحدود اللبنانية وصار جزءا من ملفات المنطقة. كذلك، ومن جهتها، رأت مصادر في حزب القوات اللبنانية، في الحوار، أيا كانت أطرافه، خطوة إيجابية، مؤكدة في الوقت عينه في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أنّ الملف الرئاسي وإن كان حاضرا في عناوينه العريضة في لقاءات «حزب الله - المستقبل»، لكن أي قرار بشأن الموقع المسيحي الأول والوحيد في الشرق، يجب أن يكون له البعد المسيحي.
وفيما من المتوقع أن تعقد الجلسة الثانية في بداية السنة المقبلة، أوضح المصدر المطلع على الحوار أنّ الفريقين متفقان على فرز الملفات، بين «الخلافية الجذرية» وتلك التي يمكن النقاش حولها والوصول إلى نتائج إيجابية، وذلك من خلال إبعاد الأولى ومناقشة الثانية. وشرح المصدر أنّه مجرد حصول الحوار وإنهاء القطيعة سيؤدي إلى تخفيف التشنّج بين الفريقين ونقله من الشارع إلى طاولة التفاوض، كما أنّه سيؤدي في مرحلته الثانية حول تسيير عمل المؤسسات والعمل على أن تسلك الملفات الخلافية التي كانت تحكم بالكيدية، طريقها سليما.
وحضر الجلسة الأولى التي عقدت مساء أول من أمس، وامتدت لـ4 ساعات، عن حزب الله حسين الخليل، المعاونُ السياسي لأمين عام حزب الله حسن نصر الله، والوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله، ومن جانب «المستقبل» نادر الحريري، مديرُ مكتبِ رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، ووزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر.
وعكس الحوار بين الخصوم ارتياحا لبنانيا، عكسته المواقف السياسية من مختلف الأطراف المرحبة بخطوات مماثلة.
وقد نقل النواب بعد لقاء الأربعاء النيابي عن رئيس المجلس نبيه بري «راعي الحوار»، أن أجواء اللقاء الأول كانت إيجابية ومشجعة. وقد شدّد على أهمية انعكاس مناخه على البلاد. وأمل أن تحصل عملية تدحرج لهذا الحوار ويتوسع في مرحلة لاحقة، لتحقيق المزيد من التوقعات والأهداف التي تخدم اللبنانيين جميعا، مؤكدا أن لا سبيل لتعزيز الوفاق والوحدة سوى الحوار فيما بينهم.
من جهته، أكد رئيس الحكومة تمام سلام، إثر لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي، أن ما نشهده من حوار بدأ بالأمس بين مرجعيتين أساسيتين في البلد، لا بد أن يشكل أجواء من الراحة والاطمئنان للبنانيين، متمنيا على المتحاورين أن يمضوا في حوارهم ويعطوا نتائج إيجابية.
ورأى أن هناك استحقاقا كبيرا علينا جميعا السعي إليه وهو انتخاب رئيس للجمهورية. وقال: «لا يمكن الاستمرار من دون رئيس للجمهورية والوضع غير مريح، والجسم بلا رأس لا يمكن أن يكتمل».
وعدَّ نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، «الحوار يؤدي إلى بعض الحلول المناسبة لساحتنا بدل أن يبقى التقاذف والتحريض قائما من دون فائدة». وقال في حفل تخريج طالبات في دورات ثقافية أقامته الهيئات النسائية في «حزب الله»: «هذا الحوار هو جزء من الاستقرار السياسي والاجتماعي، وهو يوقف الشحن والتحريض المذهبي ويخفف من الاحتقان، ويهيئ أرضية مناسبة لنكافح جميعا الإرهاب الذي أصبح خطرا على الجميع الذين يدركون هذا الخطر من دون استثناء، حيث يمكن أن نصل لحلول في بعضها ولا نصل لحلول في بعضها الآخر، لكن الحد الأدنى من نتائج الحوار إيجابية مهما كانت لأنها تحقق الأهداف التي ذكرتها».
وتابع: «لاحظوا كيف حصل التأييد الواسع في المجتمع اللبناني لهذا الحوار، هذا دليل أنه حاجة فعلية. ستكون خياراتنا بناء على مصلحة الناس والبلد، على قاعدة أن هذا الحوار إيجابي، ونحن سابقا أيدنا الحوار الذي حصل بين (التيار الوطني الحر) و(تيار المستقبل)، ونؤيد أي حوار يحصل بين أي مجموعتين أو عدة مجموعات على قاعدة أننا في بلد واحد ويجب أن نتفاهم ونتعاون».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم