بسبب انعدام التمويل.. توجه لإغلاق المستشفى الوحيد في عرسال

«الرحمة» استقبل جرحى المعارضة السورية وطبب 60 ألف مريض

بسبب انعدام التمويل.. توجه لإغلاق المستشفى الوحيد في عرسال
TT

بسبب انعدام التمويل.. توجه لإغلاق المستشفى الوحيد في عرسال

بسبب انعدام التمويل.. توجه لإغلاق المستشفى الوحيد في عرسال

نبّه «اتحاد الجمعيات الإغاثية لرعاية اللاجئين السوريين في لبنان»، إلى أنه سيتم إغلاق مستشفى «الرحمة»، وهو المستشفى الوحيد في بلدة عرسال الحدودية الواقعة شرق البلاد، مطلع العام الجديد بسبب انعدام التمويل.
وكان المستشفى أنشئ تحت إشراف الاتحاد وبدعم عدد كبير من الجمعيات الإغاثية قبل نحو عام، وبالتحديد في شهر يناير (كانون الثاني)، مع تضخم أعداد اللاجئين السوريين الذين فروا إلى عرسال هربا من المعارك في منطقة القلمون السورية، ليبلغ عددهم حاليا نحو 100 ألف، محولين بذلك عرسال لأكبر تجمع للاجئين في لبنان.
وتبلغ مصاريف المستشفى الشهرية نحو 60 ألف دولار أميركي، لم تعد الجمعيات المعنية قادرة على تأمينها، وهو ما أشار إليه منسق اتحاد الجمعيات الإغاثية حسام الغالي، موضحا في بيان أنه «أمام الضغط الشديد والاحتياجات الضخمة للاجئين السوريين وأمام محاولاتنا الكثيرة لتأمين الدعم اللازم، وأمام الاستنزاف الكبير لمواردنا المالية وأمام عدم كفالة المستشفى من أي جهة خلال عام 2015»، فقد تقرر وبعد محاولات حثيثة لتأمين التمويل، إغلاق المستشفى وإيقاف خدماته ابتداء من مطلع العام الجديد.
ويشكل المستشفى الوجهة الطبية الوحيدة في البلدة لنحو 40 ألفا من أهلها، بالإضافة لنحو 100 ألف لاجئ سوري، وهو كان يهتم في السنوات الـ3 الماضية بإغاثة جرحى المعارضة السورية الذين كانوا يحاربون على جبهة القلمون قبل سقوط القسم الأكبر منها في قبضة قوات النظام السوري وعناصر «حزب الله».
ومع إغلاق كل المنافذ غير الشرعية باتجاه عرسال، وإخضاع مداخلها الأساسية للحراسة المشددة من قبل الجيش اللبناني، توقف تدفق المقاتلين المصابين الذين كانوا يطببون أيضا في مستشفى ميداني داخل البلدة.
ولا يزال المستشفى منذ افتتاحه قبل نحو عام مقتصرا على طابق واحد بسبب عدم توفر التمويل اللازم لإتمام باقي الطوابق، وهو يفتقر للكثير من المقومات الأساسية للمستشفيات، ويضم حاليا قسم طوارئ، وقسما للعمليات وآخر للأشعة ولا يحوي إلا 10 أسرّة.
وأكد الدكتور عبد الله العمري، رئيس مجلس إدارة المستشفى ومسؤول الملف الطبي في اتحاد الجمعيات الإغاثية، أنهم ماضون في قرار الإغلاق «طالما لا تعهد من الجهات المانحة بتأمين التمويل اللازم لعام 2015»، لافتا إلى أن «جمعيات محلية وعربية ودولية أسهمت في العام الماضي في هذا المجال، وبالتالي هي مدعوة لتجديد التزامها».
وقال العمري لـ«الشرق الأوسط»: «عواقب إغلاق المستشفى ستكون كبيرة جدا، علما بأنه استقبل نحو 4500 مريض في العام الماضي 30 في المائة منهم من اللبنانيين من أهل عرسال»، موضحا أن 60 ألف مريض تلقوا الخدمات الطبية والصحية في عام 2014 بشكل مجاني أو شبه مجاني، وأن المستشفى شهد إجراء 900 عملية جراحية.
ويستقبل مستشفى «الرحمة» يوميا 200 مريض، كما أكد الدكتور باسم الفارس، مدير المستشفى، لافتا إلى أن عدد المرضى يزداد مع حلول موسم الشتاء، في حين يبقى عدد الكادر الطبي على حاله «باعتبار أنه يعمل في المستشفى ما بين 45 و50 موظفا 10 منهم أطباء والباقون من الكوادر التمريضية والإداريين».
وقال الفارس لـ«الشرق الأوسط»: «ازداد الضغط علينا مؤخرا وازدادت إنتاجيتنا، لكن بالمقابل التمسنا تراجعا صاروخيا بالتمويل دفعنا للتوجه لإغلاق المستشفى».
وأوضح الفارس أن نحو 1500 عائلة سورية تعيش في مخيمات في منطقتي وادي حميد ووداي عجرم في جرود بلدة عرسال، كانت تستفيد من خدمات المستشفى لم تعد قادرة على ذلك بعد إغلاق المنافذ باتجاه الجرود. كما أن عددا كبيرا من اللبنانيين والسوريين غادروا البلدة بعد المعارك بين الجيش اللبناني ومسلحين حاولوا احتلال عرسال في أغسطس (آب) الماضي. وعانت البلدة الحدودية في الأيام الماضية من حصار قسري فرضه عليها أهل منطقة البزالية المتاخمة بعد إعدام «جبهة النصرة» ابن البلدة الجندي علي البزال الذي كان محتجزا مع رفاقه في الجرود.
ولم تعد الجمعيات الإغاثية، وخاصة تلك الدولية تزور عرسال لمساعدة اللاجئين الذين يعيشون في مخيمات عشوائية غير مجهزة، نظرا للأوضاع الأمنية المتوترة هناك.
وسيضطر أهالي عرسال، وفي حال تم إغلاق المستشفى، للتوجه من جديد إلى مستشفيات المناطق القريبة للاستشفاء، في حين سيجد اللاجئون السوريون أنفسهم من دون أي رعاية طبية نظرا لصعوبة تنقلهم بين المناطق وحساسية الوضع في منطقة البقاع الشرقية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.