باسيل يقدم أوراق اعتماده لأميركا بإعلانه استعداده التمايز عن «حزب الله»

من لقاء سابق بين الوزير جبران باسيل وحسن نصر الله (الشرق الأوسط)
من لقاء سابق بين الوزير جبران باسيل وحسن نصر الله (الشرق الأوسط)
TT

باسيل يقدم أوراق اعتماده لأميركا بإعلانه استعداده التمايز عن «حزب الله»

من لقاء سابق بين الوزير جبران باسيل وحسن نصر الله (الشرق الأوسط)
من لقاء سابق بين الوزير جبران باسيل وحسن نصر الله (الشرق الأوسط)

توقفت مصادر سياسية واسعة الاطلاع أمام المواقف التي أعلنها أخيراً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وقالت إنه أراد تمرير رسالة إلى الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية يُبدي فيها استعداده لتحسين سلوكه على قاعدة تمايزه عن حليفه «حزب الله» في أمور عدة ذات الصلة المباشرة بالملفين الداخلي والخارجي في محاولة منه لتعويم نفسه في الشارع المسيحي المأزوم الذي لم يتردد في تلقُّف المبادرة الفرنسية التي يتعامل معها على أنها الوحيدة القادرة على إعادة إعمار ما دمّره الانفجار الذي حصل في مرفأ بيروت.
- فرصة مواتية
ولفتت إلى أن باسيل انتهز الفرصة المواتية التي فتحت الباب أمام تشكيل حكومة جديدة، وبادر إلى تقديم أوراق اعتماده إلى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي انطلاقاً من رغبته بألا تنسحب عليه الأحكام الدولية التي تستهدف «حزب الله»، وبالتالي أراد للمرة الأولى وبهذا الوضوح أن يرسم لنفسه مسافة عن حليفه المفروضة عليه عقوبات أميركية.
وعزت المصادر السياسية استعداد باسيل لإطلاق إشارات يُفهم منها ابتعاده سياسيا عن «حزب الله» إلى أن الأبواب باتت موصدة في وجه طموحاته الرئاسية بسبب التصاقه به، وبالتالي لم يعد أمامه سوى الالتفات إلى الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية لعل هذه الالتفاتة تؤدي إلى تلميع صورته مجدداً في محاولة لإدراج اسمه على لائحة المرشحين لرئاسة الجمهورية، خصوصاً أنه لا قدرة لديه لتصحيح علاقاته بعدد من الدول العربية.
وأكدت أن باسيل يراهن حالياً على تحقيق فك اشتباكه بالكنيسة المارونية وعلى رأسها البطريرك بشارة الراعي، وهذا ما برز برفضه مبدأ المثالثة وبانفتاحه على دعوة الأخير لحياد لبنان الناشط وعدم تأييده بأن تبقى وزارة المال من الحصة الشيعية في الحكومة، إضافة إلى انتقاده للزيارة التي قام بها رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) للبنان.
وسألت المصادر نفسها عن الأسباب التي أملت على باسيل من دون أن يلقى الضوء الأخضر من «حزب الله» التطرّق إلى عزم حليفه على الانسحاب تدريجياً من سوريا وأيضاً عن إغفاله للعقوبات الأميركية المفروضة على الوزير السابق يوسف فنيانوس (تيار المردة) والمعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب علي حسن خليل الذي هو حليف حليفه أي «حزب الله» ويتواصل معه باستمرار؟
كما سألت عن الحيادية التي تناول فيها وجود القوات الدولية «يونيفيل» في الجنوب باعتبار أنها مطلب الجنوبيين لتطبيق القرار الدولي 1701 إضافة إلى عرضه لواقع الحال المترتب على دخول هذه القوات إلى الأملاك الخاصة من دون أن يتبنّى موقف «حزب الله» في هذا الخصوص؟
- رسائل هنية
وانتقد باسيل تفلُّت الساحة اللبنانية للذين يودّون استخدامها لتوجيه الرسائل، في إشارة إلى التهديدات التي أطلقها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وغيره من الذين يزورون لبنان لهذه الغاية ما اضطر مصدر في «قوى 14 آذار» سابقاً إلى التعليق على مواقفه المستجدة بقوله لـ«الشرق الأوسط» إنه يستحضر مواقفنا التي سبق له وانتقدها مراعاة منه لحلفائه في محور الممانعة.
لذلك فإن باسيل ليس في وارد التفريط بالمبادرة الفرنسية لأنه سيصطدم - كما تقول المصادر السياسية - بموقف مسيحي رافض يعوّل على الدور الذي يلعبه الرئيس إيمانويل ماكرون لإعادة إعمار بيروت وتوفير الدعم المالي لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يدفع باتجاه ارتفاع منسوب هجرة اللبنانيين وعلى رأسهم المسيحيون إلى الخارج. واعتبرت المصادر أن رد الفعل المسيحي حيال إفشال المبادرة الفرنسية لن يتناغم مع رد فعل الشارع الشيعي ولا يمكن أن يلتقيا حول قواسم مشتركة، وقالت إن للثنائي الشيعي القدرة على شد عصب السواد الأعظم من الشيعة بذريعة أن هناك من يستهدفه بعدم إسناده وزارة المال إلى شخصية شيعية، لكنه يجد صعوبة في كسب تأييد الشارع المسيحي.
- ماكرون بالمرصاد
وعليه، فإن التمهُّل في تشكيل الحكومة الجديدة إفساحاً في المجال أمام المزيد من المشاورات وبتوافق بين رئيس الجمهورية ميشال عون وبين الرئيس المكلف بتشكيلها السفير مصطفى أديب في اجتماعهما أمس لن يعيد الاتصالات إلى المربّع الأول لأن الرئيس ماكرون يقف بالمرصاد لمن يحاول إجهاض الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان، خصوصاً أن هدر هذه الفرصة سيوصد الأبواب أمام البحث عن بديل يتمتع بهذا الحجم من التأييد الخارجي لملء الفراغ الناجم عن سحب المبادرة الفرنسية من التداول.
وفي ضوء كل ذلك فإن قرار «الثنائي الشيعي» بعدم التدخُّل في عملية التأليف يبقى في إطار الاعتكاف وتوجيه الرسائل من دون أن يؤدي اعتراضه إلى صرف النظر عن تطبيق المداورة، إلا إذا قرر عون مراعاته مع أنه يدرك سلفاً أنه سيوقع نفسه في صدام مع الشارع المسيحي الذي يدعم مبادرة ماكرون انطلاقاً من أنها تعبّر عن المزاج الشعبي الذي يسوده حالياً وبات بأكثرية هيئاته المدنية وبقواه السياسية الرئيسة على خلاف مع رئيس الجمهورية وتياره السياسي.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.