مفوضية الانتخابات العراقية تضع 5 شروط لإجرائها

TT

مفوضية الانتخابات العراقية تضع 5 شروط لإجرائها

وضعت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق 5 شروط لإجراء الانتخابات المقررة العام المقبل، بعد يوم من بيان المرجع الشيعي الأعلى السيستاني بشأنها إثر لقائه ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جينين هينيس بلاسخارت في النجف أول من أمس.
وقالت المفوضية، في بيان لها أمس الاثنين، إنها «استقبلت البيان التاريخي والمهم للمرجعية الرشيدة والمتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني في أثناء اجتماعه مع السيدة جينين هينيس بلاسخارت». وأضافت المفوضية أنها «تجدد تأكيدها أنها ستكون مستعدة للانتخابات بعد أن تتحقق الشروط الموضوعية التي أعلنتها مراراً». وحددت المفوضية 5 شروط لإجراء الانتخابات؛ هي «أن يقوم البرلمان بإنجاز قانون الانتخابات بأسرع وقت ممكن، وثانياً أن يقوم البرلمان بإكمال تشريع قانون المحكمة الاتحادية، وثالثاً أن تقوم الحكومة بتهيئة الموازنة الانتخابية، ورابعاً أن يقوم مجلس الوزراء بالمصادقة على تعيين المديرين العامين المنتخبين من قبل مجلس المفوضين، وخامساً تدعو المفوضية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى المختصة إلى تقديم المساعدة الانتخابية وتوفير الرقابة اللازمة لإنجاز انتخابات حرة وشفافة ونزيهة».
إلى ذلك، أعلن الرئيس العراقي برهم صالح دعمه الشروط التي وضعها السيستاني خلال استقباله بلاسخارت. وقال صالح خلال استقباله جينين بلاسخارت في مقر إقامته بمدينة السليمانية عقب لقائها السيستاني في النجف، إن «الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها العام القادم مصيرية، ويجب توفير الشروط الضرورية التي تُضفي على نتائجها المصداقية والثقة، وإنجاز البرنامج الحكومي في تطبيق العدالة الاجتماعية، وملاحقة المجرمين ومكافحة الفساد، وتعزيز أداء القوات الأمنية، وفرض هيبة الدولة وحصر السلاح بيدها». وشدد صالح خلال اللقاء على «ضرورة اتباع خارطة طريق لإجراء الانتخابات، تبدأ أولاً من استكمال تشريع قانون انتخابي عادل، يضمن التمثيل الحقيقي لجميع العراقيين، ويعكس إرادتهم الحرة في اختيار ممثليهم من دون تأثيرات وضغوط، لتكون نتائجها متوافقة مع الإرادة الشعبية نحو التغيير، والإيمان الكامل في تمثيلهم في الحكومة ومجلس النواب». ولفت إلى أن «المرحلة الثانية، والأهم، تكمن في توفير أقصى درجات النزاهة والشفافية في عملية الاقتراع، وضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لمنع حصول التزوير والتلاعب في العملية الانتخابية».
وأكد رئيس الجمهورية أن «الانتخابات المقبلة مفصلية ومهمة، وتأتي بعد تظاهرات شعبية مطالبة بالإصلاح والتغيير»، مضيفاً أن «الاقتراع القادم يجب أن يكون استجابة حقيقية للرأي العام الوطني ومتطلبات الحياة السياسية والخدمية التي يستحقها العراقيون، ولتكون المسار السلمي في تحقيق الإصلاحات المنشودة».
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تعهد من جانبه باستمرار الحكومة في الخطوات التي بدأتها «على طريق الحفاظ على السيادة وفرض هيبة الدولة ومحاربة الفساد، رغم ما واجهته وتواجهه من تحديات وعراقيل».
وبشأن ما إذا كانت الانتخابات المقبلة سوف تجرى وفق المعايير التي ينتظرها الناس، يقول عضو البرلمان العراقي عن محافظة بغداد آراس حبيب كريم لـ«الشرق الأوسط» إن «الشروط المطلوبة لإجراء الانتخابات التي حددها المرجع الأعلى آية الله السيستاني تتطلب من جميع القوى والكتل والأحزاب التعامل معها بوصفها خريطة طريق وينبغي أن تكون ملزمة للجميع». وأضاف حبيب أن «الشروط التي وضعتها المفوضية المستقلة للانتخابات هي الأخرى تحتاج تفاعل الجميع معها؛ كل على قدر مسؤوليته».
في السياق ذاته، يقول فرهاد علاء الدين، رئيس المجلس الاستشاري العراقي، لـ«الشرق الأوسط» إن «المماطلة ستكون سيدة المشهد بشكل عام خلال الفترة المقبلة رغم كل الوضوح الذي عبر عنه المرجع الأعلى السيد السيستاني»، مبيناً أن «المرجعية الدينية قالت ما كانت قد عبرت عنه سابقاً لجهة الالتزام بالثوابت الوطنية». وحول ما إذا كانت الانتخابات سوف تجرى في موعدها خلال الشهر السادس من العام المقبل، يقول علاء الدين إن «الموعد الذي تم تحديده لن يكون مقدساً، لكنه أصبح أكثر احتمالاً لإجرائها ربما في خريف العام المقبل».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.