تقنيات ثورية جديدة في عالم الكومبيوترات الشخصية

بطاقات رسومات ومعالجات تتيح إنشاء استوديوهات بث منزلية ومحاكاة تعابير وجوه المستخدمين وأجسادهم رقمياً

تقدم لعبة «ووتش دوغس ليجيون» أمثلة باهرة على استخدام تقنية تتبع الأشعة الضوئية من مصدرها
تقدم لعبة «ووتش دوغس ليجيون» أمثلة باهرة على استخدام تقنية تتبع الأشعة الضوئية من مصدرها
TT

تقنيات ثورية جديدة في عالم الكومبيوترات الشخصية

تقدم لعبة «ووتش دوغس ليجيون» أمثلة باهرة على استخدام تقنية تتبع الأشعة الضوئية من مصدرها
تقدم لعبة «ووتش دوغس ليجيون» أمثلة باهرة على استخدام تقنية تتبع الأشعة الضوئية من مصدرها

قليلا ما يشهد العالم التقني نقلة ثورية، ولكن هذا الأمر سيختلف عما قريب، حيث كشفت شركة «إنفيديا» nVidia عن مجموعة بطاقات رسومات تقلب الموازين رأسا على عقب لعدة سنوات مقبلة، مقدمة أكبر قفزة بين الأجيال على الإطلاق، إلى جانب كشف شركة «إنتل» عن الجيل 11 من معالجاتها التي تغير من سرعة نقل البيانات من وسائط التخزين إلى الذاكرة بأضعاف عديدة. وسينجم عن هذه التقنيات تطبيقات جديدة وتجارب استخدام غير مسبوقة. ونذكر في هذا الموضوع أبرز مزايا هذه التقنيات النوعية.

ثورة في عالم الرسومات
بداية كشفت شركة «إنفيديا» عن سلسلة بطاقاتها GeForce RTX 3070 و3080 و3090 التي تقدم ضعف مستويات أداء الجيل السابق و1.9 ضعف كفاءة الطاقة، إلى جانب تقديم مزايا مدمجة تسرع من تنافسية اللاعبين الاحترافيين مع الآخرين بشكل ملحوظ عبر تقنية nVidia Reflex التي تخفض زمن الاستجابة بنسبة تصل إلى 50 في المائة للرياضات الإلكترونية. وتستخدم ميزة nVidia Broadcast تقنيات الذكاء الصناعي لتحويل كاميرات الإنترنت والميكروفونات القياسية إلى أجهزة ذكية والحصول على استوديو بث مباشر متقدم عبر الإنترنت (يتم ذلك من خلال تأثيرات خاصة تشمل إزالة الضجيج الصوتي وتأثيرات الخلفية الافتراضية - سواء للرسومات أو الفيديو - وتركيز الكاميرا تلقائيا على المستخدم لتقديم مصور احترافي افتراضي)، إلى جانب سهولة إنشاء الأفلام ثلاثية الأبعاد باستخدام تعابير وجه وجسد المستخدم عبر كاميرا الإنترنت بكل سهولة عبر تقنية nVidia Omniverse Machinima، والتي تدعم كذلك تحريك عضلات وجه وشفاه الشخصية وفقا لصوت المستخدم، إلى جانب دعم محاكاة القوانين الفيزيائية المتقدمة للجسيمات والسوائل.
تقنيا تتميز البطاقات الجديدة بدعمها عرض الصورة بدقة تصل إلى 8K وبسرعات عالية، وذلك بسبب القدرات المتقدمة على معالجة الصورة ونقل البيانات مباشرة من وحدة التخزين إلى بطاقة الرسومات دون المرور بالمعالج أو الذاكرة الرئيسية، إلى جانب دعم تقنية HDMI 2.1 لنقل المزيد من البيانات إلى الشاشة، وعرض الصورة بالمجال الفائق الديناميكي HDR بدقة 8K أيضا. كما تقدم هذه البطاقات حلا حراريا مزدوج المحاور وأداء تبريد يصل إلى الضعف، مع خفض صوت مروحة التبريد أكثر من السابق.
وبالنسبة للمواصفات التقنية للبطاقة الأولى GeForce RTX 3070، نجد أنها تتفوق على أداء أفضل بطاقة في الجيل السابق RTX 2080 Ti بشكل واضح، وبأكثر من نصف السعر (499 مقارنة بـ1200 دولار)، وهي أسرع من بطاقة RTX 2070 المكافئة من الجيل السابق بنحو 60 في المائة. وتستخدم البطاقة 8 غيغابايت من ذاكرة GDDR6 وتتعامل مع البيانات بتقنية 256 بت، وتستخدم 17. 4 مليار ترانزستور وتنقل 448 غيغابايت من البيانات في كل ثانية، مع تقديم 5888 نواة CUDA، و46 نواة لتقنية تتبع الأشعة الضوئية من مصدرها Ray Tracing، و184 نواة Tensor لتقديم أداء ذكاء صناعي أعلى. وتقدم البطاقة 20 تيرافلوب (التيرافلوب الواحد يعادل تريليون عملية حسابية في الثانية الواحدة) لإضافة مؤثرات Shader البصرية، و40 تيرافلوب لتقنية تتبع الأشعة الضوئية، و163 تيرافلوب لأنوية Tensor، وستطلقها الشركة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. ومن شأن هذه البطاقة منافسة جهازي «بلايستيشن 5» و«إكس بوكس سيريز إكس» المقبلة في القدرات التقنية المتقدمة والفئة السعرية، وبشكل كبير.
أما البطاقة الثانية فهي GeForce RTX 3080 وتستهدف عرض الألعاب بدقة 4K الفائقة وبسرعة 60 صورة في الثانية، وذلك باستخدام 28 مليار ترانزستور في رقعة صغيرة الحجم، مع استخدام 10 غيغابايت من ذاكرة GDDR6X الجديدة وفائقة الأداء (الأسرع في قطاع بطاقات الذاكرة إلى الآن وتستطيع نقل 760 غيغابايت من البيانات في كل ثانية). وتقدم البطاقة 30 تيرافلوب لإضافة مؤثرات Shader البصرية، و58 تيرافلوب لتقنية تتبع الأشعة الضوئية من مصدرها عبر 68 نواة متخصصة، و239 تيرافلوب لأنوية Tensor. وتعتبر هذه البطاقة أسرع من نظيرتها RTX 2080 من الجيل السابق، وتتعامل مع البيانات بتقنية 320 بت، مع تقديم 8704 نواة CUDA، و272 نواة Tensor، وستُطلق يوم الخميس المقبل 17 سبتمبر (أيلول) بسعر 699 دولارا.

تشغيل الألعاب
ونذكر أخيرا بطاقة GeForce RTX 3090 التي تعتبر أسرع وحدة معالجة رسومات على الإطلاق مصممة لتشغيل الألعاب بدقة 8K وبسرعة 60 صورة في الثانية، وذلك بسبب استخدام 24 غيغابايت من ذاكرة GDDR6X تنقل 935 غيغابايت من البيانات في كل ثانية، إلى جانب استخدام تقنيات الذكاء الصناعي المدمجة و28 مليار ترانزستور. هذه البطاقة أسرع من بطاقة Titan RTX بالغة التقدم من الجيل السابق بنحو 50 في المائة، وتأتي مع كاتم للصوت بتصميم ذي 3 فتحات وثنائي المحور، حيث يتدفق الهواء عبرها أكثر هدوءا بنحو 10 أضعاف للمحافظة على حرارة معالج الرسومات بنحو 30 درجة مئوية أكثر برودة مقارنة ببطاقة Titan RTX. وتقدم البطاقة 36 تيرافلوب لإضافة مؤثرات Shader البصرية، و69 تيرافلوب لتقنية تتبع الأشعة الضوئية، و285 تيرافلوب لأنوية Tensor. وتتعامل البطاقة مع البيانات بتقنية 384 بت، مع تقديم 10496 نواة CUDA، و82 نواة لتقنية تتبع الأشعة الضوئية من مصدرها، و328 نواة Tensor، وستتاح في 24 سبتمبر بسعر 1499 دولارا.

قفزة نوعية للمعالجات
ومن جهتها كشفت شركة «إنتل» عن الجيل 11 من معالجاتها الذي ستطلقه في خريف العام الحالي، والذي يقدم قفزة كبيرة في مستويات الأداء واستهلاك الطاقة بسرعات تصل إلى 4.3 غيغاهرتز (يصل بعضها إلى 4.8 غيغاهرتز في نمط الأداء العالي)، مع دعم تقنية PCIe 4.0 التي تنقل البيانات من وسائط التخزين بضعف السرعة مقارنة بتقنية الجيل السابق بمعدل 2 غيغابايت في الثانية لكل مسار داخلي، أي يمكن الانتقال من سرعات 32 إلى 64 غيغابايت في الثانية لدى استخدام PCIe 4 بـ16 مسارا (تم استخدام تقنية PCIe 3 منذ عام 2010)، وهذه هي أول مرة يتم فيها استخدام هذه التقنية في الكومبيوترات المحمولة. وتقدم هذه المعالجات ذاكرة Cache السريعة بسعات تصل إلى 12 ميغابايت.
ويدعم الجيل الجديد شبكات «واي فاي 6» اللاسلكية السريعة، ويقدم 1.8 ضعف مستويات الأداء و38 في المائة عمرا أطول لأداء البطارية في الكومبيوترات المحمولة مقارنة بمعالجات شركة AMD للفئة نفسها. وتستطيع هذه المعالجات الانتقال من نمط النوم Sleep Mode إلى العمل في أقل من ثانية واحدة، مع دعم تقنيات الشحن السريع للبطارية بحيث يمكن شحنها لمدة 30 دقيقة فقط واستخدامها لنحو 4 ساعات.



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».