في الوقت الذي لا يزال فيه موقف الجماعة الحوثية محاطاً بالغموض بخصوص «الإعلان المشترك» الذي يحاول المبعوث الأممي مارتن غريفيث انتزاع موافقة الشرعية اليمنية على مسودته النهائية، جدد قادة الأخيرة في لقاءتهم به، أمس (الأحد)، تمسكهم بـ«المرجعيات الثلاث» لإحراز أي سلام ترعاه الأمم المتحدة مع الجماعة الانقلابية.
وأظهرت التصريحات الرسمية لقيادات الشرعية في أثناء لقائهم غريفيث استياءهم الواضح من غياب الحزم الأممي والدولي تجاه الميليشيات الحوثية التي تعمدت أخيراً التصعيد العسكري باتجاه محافظة مأرب بوتيرة تنم عن عدم وجود أي نية لتحقيق السلام أو خفض التصعيد. وفي المقابل، تقول مصادر غربية إن غريفيث أصدر بيانات متعددة تندد بتصعيد الحوثيين في مأرب.
ورغم الضغوط المستمرة من قبل غريفيث على قيادات الشرعية، واستعانته على نحو لافت بجهود عدد من السفراء الغربيين لدى اليمن، فإن ملاحظات الشرعية -بحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»- لا تزال جوهرية بخصوص كثير من النقاط التي تضمنتها مسودة «الإعلان المشترك» الذي يتضمن إعلان لوقف شامل للأعمال العسكرية، وتدابير إنسانية واقتصادية، والعودة لطاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق سلام شامل.
وفي حين كان آخر حديث للجماعة الحوثية حول خطة غريفيث هو مزاعمهم عن رفض وفدهم لقاءه في أثناء زيارته مسقط في يوليو (تموز) الماضي، يبدو أن المبعوث الأممي لجأ أخيراً إلى طرق أبواب طهران مباشرة، بصفتها الراعي الأول للجماعة الذي يملك اتخاذ أي قرار حاسم بالنيابة عنها.
وفي هذا السياق، ذكرت المصادر الرسمية اليمنية أن رئيس البرلمان سلطان البركاني شدد خلال لقائه غريفيث «على ضرورة أن تتخذ الأمم المتحدة، ومبعوثها الخاص إلى اليمن، خطوات جادة في اتجاه تحقيق السلام العادل والشامل، في ضوء المرجعيات المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن، لا سيما القرار (2216)».
وقال البركاني -بحسب ما وزعه مكتبه على وسائل الإعلام: «إن الوضع الذي وصل إليه اليمن والشعب اليمني جراء ما تمارسه ميليشيات الحوثي لا يتحمل مزيداً من التهاون أو المهادنة أو الصمت من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي».
وأضاف: «المساعي والجهود التي تبذل من أجل السلام تواجه بتعنت من قبل ميليشيات الحوثي، وما تقوم به هذه الميليشيا من حرب شاملة في مأرب والجوف، وقتل وترويع للآمنين، وهدم للمساكن والمنشآت يؤكد إصرار الميليشيات على خيار الحرب، وتقويض كل الجهود والمساعي الرامية للسلام».
وتطرق البركاني إلى الجهود المبذولة بشأن معالجة مشكلة خزان النفط العائم «صافر»، مشدداً على ضرورة الإسراع في حل هذه المشكلة حتى لا تتحول إلى كارثه بيئية تؤثر على المنطقة بأسرها، وقال: «الحوثي اتخذ من مشكلة خزان صافر وسيلة لابتزاز العالم، وهو ما لا يفترض القبول به».
ونسبت المصادر الرسمية اليمنية كذلك إلى غريفيث قوله: «هناك جهود تبذل وتفاهمات ومباحثات مع جميع الأطراف والمكونات السياسية لاستكمال مسودة الإعلان خلال الفترة المقبلة»، مؤكداً حرصه على تحقيق التوافق في هذا الشأن.
وفي حين تواترت تسريبات عن أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لم يرغب في لقاء غريفيث، كانت المصادر الرسمية أفادت بأنه عقد مساء السبت، بالتزامن مع وصول غريفيث إلى الرياض، لقاء مع كبار قادة الدولة، وهم نائبه علي محسن الأحمر، ورئيس البرلمان سلطان البركاني، ورئيس الحكومة المكلف معين عبد الملك، وذلك لمناقشة المستجدات التي تمر بها البلاد.
ومن جهته، عبر وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال محمد الحضرمي، خلال لقائه غريفيث أمس (الأحد)، عن «إدانته لاستمرار التصعيد العسكري لميليشيا الحوثي على محافظتي مأرب والجوف، واستهدافها المناطق الآهلة بالسكان بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة»، مشيراً إلى أن ميليشيا الحوثي تستغل اتفاق الحديدة للزج بالأطفال والمغرر بهم إلى المحرقة في جبهات مأرب والجوف، دون الاكتراث للخسائر البشرية الكبيرة من اليمنيين.
ونسبت المصادر الرسمية للحضرمي أنه جدد القول أمام غريفيث عن أن «اتفاق الحديدة أصبح غير مجدٍ، وأن استغلال الحوثيين له بات أمراً مرفوضاً، ولن يستمر».
وأكد وزير الخارجية اليمني ضرورة أن يضطلع مجلس الأمن بمسؤولياته، ويدين التصعيد والانتهاكات الحوثية المستمرة، خاصة أن محافظة مأرب التي يصعد الحوثيون باتجاهها تحتضن أكثر من 3 ملايين مواطن، جلهم من النازحين والمهجرين بسبب حروب الجماعة.
وشدد الحضرمي -بحسب ما نقلته وكالة «سبأ»- على ضرورة الإسراع في معالجة قضية خزان النفط «صافر»، وعدم السماح باستمرار تلاعب ميليشيا الحوثي بهذا الملف البيئي والإنساني وتسييسه، وتعريض منطقة السواحل اليمنية والبحر الأحمر والبحار المجاورة لخطر وكارثة بيئية لا يحمد عقباها. كما أكد أهمية استمرار الضغط على الميليشيات من قبل مجلس الأمن للسماح للفريق الفني الأممي بالوصول إلى الخزان والقيام بمهامه، من تقييم الأضرار وتفريغ حمولته والتخلص منه قبل فوات الأوان.
وقال: «الحكومة لا يمكن أن تستمر في الالتزام بتعهداتها في اتفاق الحديدة إذا استمر الحوثيون في إفشال عمل البعثة الأممية، والتهرب من التزاماتها تجاه الاتفاق، واستغلاله للتحشيد لحروبهم العبثية في مأرب والجوف».
يشار إلى أن مصادر دبلوماسية أبلغت «الشرق الأوسط»، في وقت سابق، بأن غريفيث يرتب لعقد اجتماع بين الشرعية والحوثيين على مستوى الخبراء، وأن اللقاء سيعقد في سويسرا قريباً لمناقشة ترتيبات، أبرزها ملف المعتقلين.
وكان المبعوث الأممي التقى مسؤولي الشرعية اليمنية في الرياض، في 12 أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب أمين عام مجلس التعاون الخليجي، والسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، وبحث معهم جهوده لإنهاء الأزمة اليمنية.
وأكد الرئيس عبد ربه منصور هادي، خلال لقائه غريفيث في الأول من يوليو (تموز) الماضي، الحرص على تحقيق السلام، وفق المرجعيات الثلاث، الذي يفضي إلى تحقيق الأمن والاستقرار المستدام في اليمن والمنطقة، بعيداً عن الحلول الترقيعية وترحيل الأزمات، على حد تعبيره.
غريفيث يلتقي قادة الشرعية لانتزاع موافقة على مسودة «الإعلان المشترك»
وسط غموض يلف موقف الحوثيين وتصعيد للقتال على أطراف مأرب
غريفيث يلتقي قادة الشرعية لانتزاع موافقة على مسودة «الإعلان المشترك»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة