سوء الأحوال المعيشية يوحّد الليبيين

حراك جنوبي يدخل على خط المطالبة بالإصلاحات

شبان يقطعون طريقاً بإطارات مشتعلة في بنغازي ليل السبت (أ.ف.ب)
شبان يقطعون طريقاً بإطارات مشتعلة في بنغازي ليل السبت (أ.ف.ب)
TT

سوء الأحوال المعيشية يوحّد الليبيين

شبان يقطعون طريقاً بإطارات مشتعلة في بنغازي ليل السبت (أ.ف.ب)
شبان يقطعون طريقاً بإطارات مشتعلة في بنغازي ليل السبت (أ.ف.ب)

وحدت الأوضاع المعيشية السيئة غالبية المدن الليبية، في ظل انقسام سياسي حاد تشهده البلاد، ودفعت الأزمات المتلاحقة التي تتنقل من منطقة إلى أخرى، شباب هذه المدن إلى الشوارع، في تحرك بدا نادراً في جوانب منه، قصد المطالبة بتحسين مستوى الخدمات والتصدي لـ«الفساد» الذي يقولون إنه «تفشى في مؤسسات الدولة».
ويرى المتابعون لحركة الاحتجاجات الشبابية التي خرجت في غرب البلاد وشرقها بالتزامن مع اجتماعات نخبوية في عواصم عربية وأوروبية، وانتقلت بالتبعية إلى جنوبها، أنها جاءت وفقاً لمعاناة جمعية يحركها «تزايد الأزمات الاقتصادية والمعيشية، كنقص السيولة، وانقطاع التيار الكهربائي، وشح المياه»، فضلاً عن «غياب دور الأجهزة الحكومية في التخفيف من وطأة هذه الأزمات». ولم تسلم هذه الأجهزة من اتهامات المحتجين بـ«الفساد».
ويقول سياسي ليبي ينتمي إلى غرب البلاد لـ«الشرق الأوسط» إن «موجات المحتجين الذين ينزلون إلى الشارع كل مساء باتت ظاهرة تعبر عن سلوك رافض للمشهد السياسي الراهن وغير مهتم بما يجري من لقاءات سياسية لتقسيم المناصب». ورأى أن هذه الظاهرة «مرشحة للزيادة في قادم الأيام نظراً لعدم قدرة الحكومتين في شرق البلاد وغربها على تنفيذ مطالب المحتجين، أو التصدي للفساد».
وبالتزامن مع هتافات مئات المتظاهرين في شرق ليبيا ضد الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني، وبعد احتجاجات شهدتها العاصمة طرابلس لأيام عدة ضد حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، انتقلت هذه الاحتجاجات إلى وادي البوانيس، إحدى مناطق الجنوب الليبي الذي يشكو منذ سنوات عدة من «التهميش والتمييز وغياب مؤسسات الدولة وارتفاع أسعار الوقود، وغلاء الأسعار».
وهذا الوادي المترامي في الصحراء، يضم مجموعة قرى هي سمنو والزيغن وتمنهت، ويمتد على مسافة نحو 50 كيلومتراً، ويبعد عن مدينة سبها 80 كيلومتراً. وكغيره من مناطق الجنوب يعاني من نقص الوقود الذي يباع في السوق الموازية بأسعار مضاعفة عنه في وسط البلاد. ونظم مجموعة من مواطني المنطقة أطلقوا على أنفسهم «حراك شباب وادي البوانيس» وقفة احتجاجية على الطريق العام في منطقة سمنو، مطلع الأسبوع، تنديداً بـ«تردي الأوضاع المعيشية والخدمية في المنطقة»، مهددين بقطع شبكة الإنترنت عن المناطق المحيطة، وتعطيل شاحنات الوقود التي تمر بمناطقهم.
وتلا أحد المحتجين بياناً باسم مواطني الوادي موجهاً إلى حكومتي الثني والسراج، قائلاً إنهم يعيشون «ظروفاً قاهرة ومزرية بسبب نقص الوقود وانعدام الكهرباء، مما تسبب بتعطيل مظاهر الحياة ونقص في الغذاء والدواء». واعتبر أن «جنوبنا الحبيب يتعرض لتهميش فاق التوقعات من إغلاق لمحطات الوقود وزيادة انتشار ظاهرة التهريب واستغلال النفوذ، وانتشار السوق السوداء، بجانب انقطاع الكهرباء لأيام متواصلة».
وطالب محتجون بمساواتهم ببقية المدن والبلديات، لافتين إلى أنهم يشاهدون «أكثر من 30 شاحنة لنقل الوقود بشكل يومي مروراً بوادي البوانيس من دون معرفة وجهتها ومكان تسلمها».
ودعا الحراك «الشباب والهيئات والجهات ذات الاختصاص كافة للتكاتف وتشكيل لجان مدنية للتنظيم ومتابعة سير نقل الوقود والحيلولة دون وصوله إلى غير مكانه الأصلي». وحذروا من «استمرار تهميش مناطق البوانيس والجنوب»، قبل أن يهددوا بأنه في حال عدم تحقيق مطالبهم في غضون يومين، فإنهم «سيضطرون آسفين إلى قطع شبكة الإنترنت عن المنطقة، وتعطيل شاحنات الوقود المتجه إلى مناطق التهريب». وعبر كثير من الليبيين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عن امتعاض من تعدد لقاءات الساسة خارج البلاد في المغرب ومصر وسويسرا، وما صدر عنهم من توصيات وترشيحات أربكت المشهد العام، وأوحت أن هناك «حالة لهاث» على المناصب، وفقاً لخريطة يجري رسمها للبلاد. وزاد هذا الانطباع حالة الاحتقان في الشارع الليبي، خصوصاً أنه يتواكب مع تزايد الأزمات، وارتفاع نسبة البطالة وتفشي فيروس «كورونا».
وشهدت مدن بوزنيقة المغربية، والعاصمة المصرية القاهرة، ومونترو السويسرية، لقاءات عدة بين وفود تمثل مجلس النواب في طبرق، وحكومة «الوفاق» والمجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب في طرابلس، وخرج عن كل منها تصريحات وتوصيات وبيانات أدت إلى ردود أفعال متباينة ومشككة.



غوتيريش يندد بضربة المواصي بغزة

آثار القصف الإسرائيلي على المواصي (أ.ف.ب)
آثار القصف الإسرائيلي على المواصي (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يندد بضربة المواصي بغزة

آثار القصف الإسرائيلي على المواصي (أ.ف.ب)
آثار القصف الإسرائيلي على المواصي (أ.ف.ب)

قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوغاريك إن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش ندد بشدة بالغارة الجوية الإسرائيلية التي أسقطت قتلى في منطقة مخصصة للنازحين في جنوب غزة قبل فجر اليوم الثلاثاء.

وأضاف دوغاريك: «استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المكتظة بالسكان أمر غير مبرر. لقد انتقل الفلسطينيون إلى هذه المنطقة في خان يونس بحثاً عن مأوى وعن الأمان بعد أن تلقوا تعليمات متكررة بذلك من قبل السلطات الإسرائيلية نفسها».

من جانبها، أكدت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة مقتل 19 شخصاً على الأقل تم التعرّف على هوياتهم في القصف الإسرائيلي على المنطقة الإنسانية في المواصي، فجر الثلاثاء.

ووفقاً لـ«رويترز»، قالت الوزارة في بيان: «جيش الاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجزرة مروّعة بقصف خيام للنازحين في منطقة المواصي بخان يونس فجر اليوم، حيث وصل منها إلى المستشفيات 19 شهيداً ممن عرفت بياناتهم»، مشيرة إلى أنه «ما زالت هناك جثث في الطرق وتحت الركام لم يصل المسعفون إليها».

وقال الجيش الإسرائيلي إنّ مقاتلاته «قامت بمهاجمة عدد من الإرهابيين البارزين في منظمة حماس كانوا يعملون داخل مجمّع للقيادة والسيطرة مموّه في منطقة إنسانية في خان يونس».

وأكد المتحدّث باسم الجيش أفيخاي أدرعي: «اتّخاذ العديد من الخطوات لتقليل احتمال إصابة المدنيين، بما في ذلك استخدام ذخائر دقيقة ومراقبة جوية ومعلومات استخباراتية إضافية».

وتابع: «هذا مثال آخر على الاستخدام المنهجي من المنظمات الإرهابية في قطاع غزة للسكان والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المناطق الإنسانية، لتنفيذ عمليات إرهابية ضد دولة إسرائيل وقوات جيش الدفاع».

ووصفت «حماس» الاتهامات بأنها «كذبٌ مفضوح، يسعى من خلاله (الجيش) لتبرير هذه الجرائم البشعة»، مكررة نفيها وجود «أيّ من عناصرها بين التجمعات المدنية، أو استخدام هذه الأماكن لأغراض عسكرية».