قلق جزائري من شبح مقاطعة الاستفتاء

TT

قلق جزائري من شبح مقاطعة الاستفتاء

أطلقت السلطات الجزائرية حملة لحشد التأييد لاستفتاء تعديل الدستور المقرر مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وسط قلق من تأثير الدعوات إلى مقاطعة الاقتراع. ويتمثل الرهان الأكبر بالنسبة إلى الرئيس عبد المجيد تبون، في إقناع منطقة القبائل الأمازيغية بالتصويت، بعد أن قاطعت بشكل كامل انتخابات الرئاسة التي جرت نهاية العام الماضي.
واستبق «التجمع الوطني الديمقراطي» الأحزاب المؤيدة للحكومة، بتنصيب «لجنة الترويج لاستفتاء الدستور» السبت الماضي. وعُدت الخطوة «عربون ولاء» ومحاولة للعودة إلى حضن السلطة بعد سجن الأمين العام للحزب رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى 15 سنة بتهم فساد خطيرة.
وكان تبون قد أبدى برودة في التعاطي مع الأمين العام الجديد لـ«التجمع» الطيب زيتوني، وحرصاً على ألا تظهر في واجهة المؤيدين له الأحزاب والشخصيات والتنظيمات التي انخرطت في حملة ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. لكنه لا يمانع عملياً في أن تخدم مشاريعه، نظراً إلى انتشارها الواسع في الميدان.
وأكد قيادي في حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني» لـ«الشرق الأوسط» أن الأمين العام الجديد للحزب أبو الفضل بعجي اجتمع بأعضاء المكتب السياسي في العاصمة، أمس، وطلب منهم النزول إلى هياكل الحزب في البلديات للقاء الكوادر وحثهم على تشجيع الناخبين على التصويت لصالح تعديل الدستور، الذي اعتبره تبون «مدخلاً ضرورياً لجزائر جديدة».
وصرح بعجي عندما تسلم قيادة «جبهة التحرير» قبل ثلاثة أشهر، بأنه يدعم البرنامج الذي على أساسه انتخب تبون رئيساً. وجاءه الرد سريعاً من الرئاسة التي أكدت أن تبون «لم يعد له أي انتماء إلى جبهة التحرير».
يُشار إلى أن تبون ورئيس وزرائه عبد العزيز جراد، كانا عضوين في اللجنة المركزية لـ«جبهة التحرير». غير أن ارتباط الحزب بتفشي الفساد في عهد بوتفليقة، دفعهما إلى الابتعاد عنه مع إظهار الحرص على إنكار أي علاقة لهما بالحزب الذي سُجن الأمينان العامان السابقان له محمد جميعي وجمال ولد عباس، بتهم فساد.
ويجري مستشار الرئيس المكلف المساجد والجمعيات الدينية عيسى بن الأخضر، اجتماعات ماراثونية مع الأئمة في الولايات، لمطالبتهم بالانخراط في حملة التشجيع على التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع يوم الاستفتاء. وأثنى بن الأخضر على «التوجه الجديد الذي يكرسه التعديل الدستوري، خصوصاً ما تعلق بإنهاء وصاية السلطة التنفيذية على باقي السلطات».
وخاطب المسؤول في الرئاسة الأئمة بقوله إن «واجبكم كمواطنين يعتلون منابر المساجد، يتمثل في توحيد كلمة الجزائريين وتنبيههم إلى المخاطر المحدقة بالبلاد، وإرشادهم إلى ما فيه مصلحة المجتمع». وأشار إلى أن تعديل الدستور «يصب في مصلحة المجتمع».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.