كرة القدم تتطلع لموسم جديد بلا عنصرية واحترام أكثر للسود

الأحكام والانتقادات لا بد من أن تعتمد على المحتوى الذي يقدمه اللاعب من دون النظر للون بشرته أو جنسيته ودينه

لاعبو فولهام يركعون في المباراة الافتتاحية للدوري الإنجليزي تعبيراً عن رفضهم للعنصرية ضد السود (رويترز)
لاعبو فولهام يركعون في المباراة الافتتاحية للدوري الإنجليزي تعبيراً عن رفضهم للعنصرية ضد السود (رويترز)
TT

كرة القدم تتطلع لموسم جديد بلا عنصرية واحترام أكثر للسود

لاعبو فولهام يركعون في المباراة الافتتاحية للدوري الإنجليزي تعبيراً عن رفضهم للعنصرية ضد السود (رويترز)
لاعبو فولهام يركعون في المباراة الافتتاحية للدوري الإنجليزي تعبيراً عن رفضهم للعنصرية ضد السود (رويترز)

سيبقى عام 2020 باقياً في أذهان الكثيرين لأسباب كثيرة ومختلفة وصعبة للغاية. لقد توقفت حياتنا فجأة، وودع الكثيرون منا مشاعر راحة البال واللامبالاة. ونظراً لامتداد موسم كرة القدم الماضي على مدار عام بأكمله في ظل ظروف غير مسبوقة كانت عطلة صيف للاعبين قصيرة للغاية وها نحن مع عودة المنافسات من جديد.
داخل الولايات المتحدة، تسبب مقتل بريونا تايلور داخل منزلها، الذي تبعه بعد فترة وجيزة مقتل جورج فلويد على نحو أحمق، في حدوث صعود قوي في حركة «حياة السود مهمة». وشارك أشخاص من خلفيات وألوان بشرة مختلفة في مظاهرات اعتراضاً على صور الظلم الاجتماعي التي لا تزال تعصف بحياة أبناء البشرة الداكنة. ولا تعد هذه المظاهرات بالأمر الجديد، لكن يبدو اليوم أنها أصبحت تحمل ثقلاً أكبر وتتسع على رقع أوسع على الصعيد العالمي، في الوقت الذي أدرك الكثير من الرياضيين أن أصواتهم تحمل قوة كبيرة وينتظرون أن يجري الإنصات لها.
وجاء حادث إطلاق النار الجبان على جاكوب بليك بمثابة القشة الأخيرة التي قصمت ظهر البعير والتي أشعلت ردود فعل قوية من جانب العاملين بالحقل الرياضي الأميركي وصدور إعلانات بمقاطعة مباريات، بجانب صدور بيانات وردود أفعال قوية. الواضح أن اللاعبين فاض بهم الكيل. واليوم، يقف النجوم الرياضيون الأميركيون متضامنين في وجه هذه المظالم، وعلى الصعيد العالمي يتعين علينا الوقوف إلى جوارهم، ليس فقط عبر الكلمات، وإنما أيضاً على نحو بناء من خلال أفعالنا.
وتواترت الأنباء عبر وسائل الإعلام التي عكست نبرتها شعوراً بالصدمة، لكننا عايشنا شعوراً بالصدمة في كل مرة يفقد واحد منا حياته ولا يجد من يحميه. وبدأنا ندرك أن تجاربنا كأشخاص بشرتنا سمراء، وقصصنا متشابهة للغاية. اليوم، نشعر بالتمكين، ونزداد قوة وأصبحت صفوفنا موحدة.
وهنا تكمن المشكلة أمام الذين ظلوا قابعين في أماكنهم مرتاحي البال على امتداد فترة طويلة للغاية. اليوم، نسمع همهمات تقول: «هذا يكفي الآن، دعونا نعود لما كان الحال عليه، فقد أعرب الجميع عن آرائهم وانتهى الأمر». وما يزال هناك الكثيرون يرغبون في أن تبقى الأوضاع كما هي، وألا يمس أحد التاريخ وأن تظل الفئات المميزة متمتعة بميزاتها التي لطالما حظيت بها.
قبل فرض إجراءات الإغلاق بسبب تفشي وباء فيروس «كورونا»، كان موسم 2019 - 2020 هو الآخر واحدا من المواسم التي تعرض خلالها اللاعبون أصحاب البشرة السمراء لإساءات وتجاوزات لمجرد أن بشرتهم داكنة وأنهم يبدون براعة فيما يفعلونه، على جميع مستويات اللعبة. من روميلو لوكاكو مع إنتر ميلان خلال زيارة ملعب كالياري إلى ما تعرض له ماريو بالوتيلي من جماهير لاتسيو، إلى طرد تايسون، لاعب شاختار دونتيسك، بسبب رد فعله على إساءات عنصرية تعرض لها، إلى الإهانات التي تعرض لها لاعبو المنتحب الإنجليزي السود في بلغاريا. ومن إقدام توم لويزو، مدرب هارينجي بورو، على سحب لاعبيه من الملعب خلال مباراة في بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي بعد تعرضهم لتجاوزات عنصرية، إلى جوناثان ليكو، من وست بروميتش ألبيون، الذي انتظر ما يقرب من ستة شهور كي يثبت أمام المسؤولين أنه يعي جيداً معنى ما سمعه من أحد لاعبي ليدز. وهناك كذلك سايرس كريستي، لاعب فولهام، الذي تعرضت شقيقته للضرب واعتداءات عنصرية في المدرجات بينما كان يلعب في أرض الملعب، أو التجاوزات التي استهدفت ثيو روبنسون، وكان في ساوث ايند حينها، وأسرته هناك.
ومع هذا، يظل هناك الكثيرون من الأخيار الذين ينصتون ويتعلمون ويتفهمون ويقدرون. وعليه، أطرح فيما يلي بعض الأماني والأحلام التي تراودني للموسم الجديد.
أرغب في مجال رياضي يمكن في إطاره سماع أصوات أصحاب البشرة السمراء واحترامها، جنباً إلى جنب مع أقرانهم البيض، وحيث يمكن سماع صوت المرأة بذات القوة التي نسمع بها صوت الرجل.
وأتمنى أن تعتمد الأحكام الصادرة على المحتوى وطبيعة المرء، وليس لون بشرته أو نوعه أو خلفيته أو دينه، وأحلم بمجال رياضي يمكننا خلاله تحدي ما نواجهه من عقبات دونما خوف وأن نشعر في ذلك بموجة من الدعم، وليس الهجوم.
أتمنى أن نرى مجالا رياضيا تعني فيه كلمة «متساوية» أننا نقدر الاختلافات وأننا سنقبل كل ما تحمله هذه الكلمة، وألا تصبح الجماهير في حاجة للخوف من تأييد فرقها لأن رياضة كرة القدم للجميع بالفعل، وأن تصبح الرياضة قوة قادرة على توحيد الصفوف من القمة إلى القاع، ومن المستويات الرياضية الشعبية حتى الدوري الممتاز.
إننا جميعاً نتوق شوقاً لرؤية الجماهير تعود إلى الاستادات. وخلال الفترة القادمة، سيستمر الحديث حول حركة «حياة السود مهمة»، وهذا ما يجب أن يحدث. وآمل من جانبي أن يستمر إصرار اللاعبين على أن يجثوا على ركبهم للتعبير عن الاعتراض خلال الموسم الجديد، وأن نعلي جميعاً نبرة حاسمة ضد أي تساهل حيال العنصرية.
الواضح أن هذا الأمر يراه البعض مثيرا للجدل من وجهة نظر البعض، وإذا استشهدنا بشبكات التواصل الاجتماعي، فإن هناك من يبدون على استعداد للتخلي عن التذاكر الموسمية التي بحوزتهم إذا ما أقدم اللاعبون والأندية على في وجودهم. تجدر الإشارة هنا إلى أن أقلية من جماهير نادي دالاس رفعت أصواتها بصيحات الاستهجان ضد لاعبيها في وقت قريب لأنهم جثوا على ركبتهم أثناء عزف النشيد الوطني قبل مباراة في الدوري الأميركي. وبالتأكيد، نتوقع من الجماهير ما هو أفضل عن ذلك.
جدير بالذكر أن المساواة المنصوص عليها في قانون الرياضة الكروية المقرر إعلانه من جانب اتحاد كرة القدم في أكتوبر (تشرين الأول)، تهدف إلى تحسين درجة التنوع على مستوى الأندية. ومن المقرر أن يكون القانون اختيارياً، ولا أملك هنا سوى الاعتراف بأنني أشعر بالحذر إزاء أي شيء يحمل لقب اختياري الذي تحول إلى سمة مميزة هذه الأيام. وأجدني أتساءل فيما بيني كم عدد البرامج الاختيارية الأخرى التي ننتظر صدورها قبل أن نحصل أخيراً على التمثيل الأفضل الذي نسعى نحوه. ومع هذا، دعونا اليوم ننتظر صدور القانون قبل أن نحكم عليه.
علاوة على ذلك، فإن جمع اللاعبين معاً تحت مسمى «الأقليات» أراه أمراً مثيراً للجدل. عندما أستفسر عن المدربين والمديرين الفنيين من أصحاب البشرة السمراء، لا أود الاطلاع على أرقام مشتركة حول المدربين المنتمين إلى الأقليات السمراء والآسيوية والعرقية الأخرى. وإذا رغبت في تفهم السبب وراء غياب المسارات المتاحة أمام اللاعبين الآسيويين، لا أرغب في معاينة أرقام عن اللاعبين أصحاب البشرة السمراء، وإنما أود في استيعاب وتقدير الوضع من منظور شخص ولاعب آسيوي. ويجب أن نقر تعريفاً واضحاً لما تعنيه كلمة أقلية، لأننا على ما يبدو نطرح هذا التوصيف على الجميع.
من بين المسائل الأخرى التي لا يمكننا الاستمرار فيها على النحو ذاته الذي كان قائماً الموسم الماضي، الإساءات المستهدفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وفي هذا الصدد، كشف أمثال إيان رايت وويلفريد زاها عن تعرضهم لرسائل مباشرة مروعة. أما أعمار الأشخاص المتورطين في هذه الإساءات، فتدفعني للتساؤل حول من أين جاءت كل هذه الكراهية. أما المنصات الإلكترونية التي تحدث تحت مظلتها هذه الإساءات، فغالباً ما اتسمت بالبطء في ردود أفعالها، وأحياناً تتجاهلها ببساطة، والمفارقة أنها المنصات ذاتها التي سارعت لإصدار بيانات داعمة لحركة «حياة السود مهمة».
جدير بالذكر هنا أن الدوري الممتاز أطلق منظومة إبلاغ خاصة به تتعلق باللاعبين والمدربين والمديرين الفنيين وأفراد أسرهم ممن يتعرضون لإساءات تنطوي على تمييز عبر شبكات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يعتبر خطوة نحو الأمام نرحب بها كثيراً.
وداخل حملة «كيك إت أوت» المناهضة للعنصرية داخل الملاعب، نعمل جنباً إلى جنب مع شركة تدعى «سيغنيفاي» التي تسعى هي الأخرى لتسليط الضوء على المستخدمين المسيئين وتعقب آثار تاريخهم عبر شبكة الإنترنت وربطهم بتجاوزاتهم السابقة. وتبدو جميع هذه التطورات إيجابية، نظراً لأن كرة القدم تقع في صدارة العوامل المحركة للكراهية عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
والآن، دعونا نتخلى جميعاً بالإيجابية والانفتاح وتقديم الحلول فيما يخص المجالات التي أخفقنا فيها من قبل ودعونا نصر على ألا نفشل أبداً مرة أخرى. ومن خلال قوة رياضة كرة القدم، يمكننا توحيد صفوفنا، ورغم أن بيننا كثيرين يؤمنون بكرة القدم ويثقون فيها، فإن كرة القدم هي التي تحتاج اليوم لأن تؤمن بنا وتثق فينا.


مقالات ذات صلة

«البريميرليغ»:هدف جوتا ينقذ ليفربول أمام فولهام... ونيوكاسل يضرب برباعية

رياضة عالمية صلاح يتحسر على إحدى الفرص المهدرة أمام فولهام (أ.ف.ب)

«البريميرليغ»:هدف جوتا ينقذ ليفربول أمام فولهام... ونيوكاسل يضرب برباعية

أحرز ديوغو جوتا لاعب ليفربول هدف التعادل في اللحظات الأخيرة لينقذ فريقه، الذي أنهى المباراة بعشرة لاعبين، بالتعادل 2-2 في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية صلاح لقيادة ليفربول إلى فوز جديد في الدوري الإنجليزي (أ.ب)

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

تتجه الأنظار الأحد، إلى استاد الاتحاد، حيث يتواجه مانشستر سيتي حامل اللقب، مع ضيفه وغريمه مانشستر يونايتد في ديربي المدينة، بينما يسعى ليفربول المتصدر إلى مواصل

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية المدرب الإيطالي يهنئ لاعبيه عقب إحدى الانتصارات (إ.ب.أ)

كيف أنهى ماريسكا كوابيس تشيلسي في لمح البصر؟

في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، كان الإيطالي إنزو ماريسكا يلعب محور ارتكاز مع إشبيلية، عندما حل فريق برشلونة الرائع بقيادة المدير الفني جوسيب غوارديولا ضيفاً

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية  فيرنانديز دعا إلى إصلاح الأخطاء الفنية في فريقه (إ.ب.أ)

فيرنانديز: علينا إصلاح أخطائنا قبل التفكير في مان سيتي

قال البرتغالي برونو فيرنانديز قائد فريق مانشستر يونايتد إن فريقه يجب أن يعمل على إصلاح أخطائه بدلاً من التفكير في الأداء السيئ لمنافسه في المباراة المقبلة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية استبدل بوستيكوغلو المهاجم فيرنر ودفع بالجناح ديان كولوسيفسكي (إ.ب.أ)

مدرب توتنهام يهاجم فيرنر: لم تكن مثالياً أمام رينجرز

وجه أنجي بوستيكوغلو، مدرب توتنهام هوتسبير، انتقادات لاذعة لمهاجمه تيمو فيرنر بعدما استبدله بين الشوطين خلال التعادل 1-1 مع رينجرز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
TT

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة

تسببت صاعقة برق خلال مباراة كرة قدم محلية في وسط بيرو بمقتل لاعب وإصابة 4 آخرين يوم الأحد، بحسب شبكة «سي إن إن».

وأظهرت لقطات من المباراة اللاعبين وهم يغادرون الملعب في ملعب كوتو كوتو ببلدة تشيلكا، على بعد نحو 70 كيلومتراً جنوب شرقي ليما، بعد توقف المباراة بسبب عاصفة.

وفي مقطع فيديو، شوهد كثير من اللاعبين وهم يسقطون على وجوههم على الأرض في اللحظة نفسها عندما ضربت الصاعقة الملعب.

وحسبما ظهر على محطة التلفزيون المحلية «أوندا ديبورتيفا هوانكافيليك»، لوحظت شرارة قصيرة وسحابة صغيرة من الدخان بالقرب من أحد اللاعبين. بعد ثوانٍ، بدا أن بعض اللاعبين يكافحون من أجل العودة إلى الوقوف.

وقالت السلطات ووسائل الإعلام الحكومية إن المتوفى هو المدافع هوجو دي لا كروز (39 عاماً).

وقالت البلدية المحلية في بيان: «نقدم تعازينا الصادقة لعائلة الشاب هوجو دي لا كروز، الذي فقد حياته للأسف بعد أن ضربته صاعقة أثناء نقله إلى المستشفى، نعرب أيضاً عن دعمنا وتمنياتنا بالشفاء العاجل للاعبين الأربعة الآخرين المصابين في هذا الحادث المأساوي».

وحتى مساء الاثنين، خرج لاعبان من المستشفى، بينما لا يزال اثنان تحت المراقبة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الحكومية «أندينا». وأضافت أن حارس المرمى الذي أصيب في الحادث كان في حالة حرجة، لكنه أظهر تحسناً.

ويمكن أن تسبب ضربات البرق إصابات خطيرة للإنسان، وفي حالات نادرة، يمكن أن تكون قاتلة. وفرصة التعرض لها أقل من واحد في المليون، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC).

ووفقاً لـ«سي دي سي»، ينجو ما يقرب من 90 في المائة من جميع ضحايا ضربات البرق، ولكن الآثار يمكن أن تكون خطيرة وطويلة الأمد. «لقد عانى الناجون من إصابات وحروق وأعراض خطيرة بما في ذلك النوبات وفقدان الذاكرة».