«سوني» تتحدى التهديدات وستعرض فيلم «المقابلة»

سيعرض في 200 صالة عوضا عن 2500

«سوني» تتحدى التهديدات وستعرض فيلم «المقابلة»
TT

«سوني» تتحدى التهديدات وستعرض فيلم «المقابلة»

«سوني» تتحدى التهديدات وستعرض فيلم «المقابلة»

تراجعت شركة "سوني بيكشترز" عن قرارها وسمحت بعرض فيلم "المقابلة" (ذي انترفيو)، الذي انتجته في عدد من دور السينما في الولايات المتحدة يوم عيد الميلاد، كما كان مقررا رغم التهديدات التي تردد أن كوريا الشمالية تقف خلفها.
وقال ناطق باسم الشركة إن الفيلم سيعرض في يوم عيد الميلاد "في أكثر من 200 صالة"، بينما كان من المفترض أن يعرض في 2500 صالة لو وزع على الشبكات الوطنية الكبرى لصالات العرض.
وصرح المدير العام لـ"سوني بيكتشرز" مايكل لينتون في بيان "لم نتخل عن فكرة توزيع (المقابلة) ونحن سعداء بعرض الفيلم للمرة الاولى (...) يوم عيد الميلاد". وأضاف "سنواصل في الوقت نفسه جهودنا لتأمين منصات (للتوزيع عبر الانترنت) وسيعرض في مزيد من الصالات".
وسيعرض الفيلم في صالات فنية أو للتجارب مثل "بلاتزا اتلانتا" في جورجيا وشبكات صالات "الامو درافتهاوس" في تكساس، التي تملك عشرات من صالات العرض.
وأكد المخرج مايكل مور المعروف بأفلامه الوثائقية التي تتضمن انتقادات حادة، أنه سيعرض الفيلم في صالته "ذي بيجو" في ترافرس سيتي في ميشيغن (شمال). وكتب في تغريدة على تويتر "لا رقابة أبدا.. شكرا سوني".
أما الممثل سيث روغن فقد كتب في تغريدة على "تويتر" أن "الشعب تكلم. حرية التعبير انتصرت. سوني لم تستسلم. (المقابلة) سيعرض". وكتب الممثل جيمس فرانكو في تعليق "انتصار".
وكانت شركة "سوني بيكتشرز" أثارت استياء هوليود عندما أعلنت الاسبوع الماضي تخليها عن عرض الفيلم. ورأى ممثلون ومخرجون في هذه الخطوة مساسا خطيرا بحرية التعبير وانتصارا للارهاب.
وفي الطبقة السياسية أدان عدد من البرلمانيين بينهم جون ماكين قرار "سوني"، بينما عبر الرئيس الاميركي باراك أوباما عن أسفه "لهذا الخطأ"، الذي ارتكبته "سوني".
وعند إعلان نبأ عرض الفيلم أمس، قال الناطق باسم البيت الابيض ايريك شولتز لصحافيين، إن أوباما عبر عن ارتياحه لهذه الخطوة. وقال "نحن بلد يؤمن بحرية التعبير وحق التعبير الفني" و"نرحب" بقرار سوني.
وكانت الاتصالات عبر الانترنت قطعت لعدة ساعات في كوريا الشمالية الاثنين ولحوالى ساعة الثلاثاء، وسط شائعات بأنه رد أميركي على الهجوم المعلوماتي ضد "سوني"، الذي نسبته إليها واشنطن.
وذكرت مجموعة داين التي ترصد انقطاعات الانترنت في كوريا الشمالية، أن شبكات الانترنت الاربع التي توفرها للبلد الشيوعي شركة "تشاينا يونيكوم" الصينية للاتصالات، توقفت عند الساعة 15:41 تغ وعادت إلى العمل بعد نحو الساعة.
وأضافت المجموعة أن كوريا الشمالية تواصل مواجهة "مشاكل في الاتصال بالانترنت"، وحدث انقطاع وجيز بعد عدة ساعات من اضطراب الاتصال في حالة تشبه التعرض لهجوم خارجي.
وجاء هذا الشلل بعد بضعة أيام فقط على تعهد الرئيس أوباما برد أميركي على الهجوم المعلوماتي الكثيف، الذي تعرضت له "سوني" ونسبه مكتب التحقيقات الفدرالي الاميركي إلى بيونغ يانغ.
وأدى الهجوم الذي كشفت عنه "سوني" في اواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، إلى شلل النظام المعلوماتي للشركة، وترافق مع عرض على الانترنت لخمسة أفلام تنتجها الشركة بعضها لم يعرض على السينما بعد، والكشف عن البيانات الشخصية لـ47 الف موظف ووثائق سرية مثل سيناريو فيلم جيمس بوند الجديد ومجموعة من الرسائل الالكترونية التي شكلت احراجا كبيرا لمسؤولي الشركة.
وكان أوباما صرح في مقابلة عرضتها شبكة "سي ان ان" الاحد أنه "لا يعتبر الامر عملا حربيا، بل تخريب معلوماتي مكلف جدا". وتعهد تقديم رد "مناسب" للهجوم من دون أن يحدد طبيعته.
وتتهم الولايات المتحدة كوريا الشمالية بالوقوف وراء الهجوم على "سوني بيكتشرز"، الذي حمل الشركة على إلغاء عرض فيلم "المقابلة" (ذي انترفيو) الكوميدي، الذي كان مقررا خلال فترة الاعياد، ويتناول مؤامرة وهمية لاغتيال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون.
واقترحت بكين الثلاثاء أن تجري واشنطن وبيونغ يانغ محادثات عن القرصنة المعلوماتية. إلا أن المسؤولين الاميركيين رفضوا عرضا كوريا شماليا لإجراء تحقيق مشترك في الهجوم على "سوني"، ودعوا في المقابل النظام الشيوعي إلى تعويض الشركة.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.