انطلاق المرحلة الأولى لإعادة إعمار أكبر كنيسة في الموصل

بإشراف «اليونسكو» وتمويل إماراتي

جانب من الخراب الذي خلفه «داعش» في الموصل (رويترز)
جانب من الخراب الذي خلفه «داعش» في الموصل (رويترز)
TT

انطلاق المرحلة الأولى لإعادة إعمار أكبر كنيسة في الموصل

جانب من الخراب الذي خلفه «داعش» في الموصل (رويترز)
جانب من الخراب الذي خلفه «داعش» في الموصل (رويترز)

بدأت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، أمس، بتنفيذ المرحلة الأولى من إعادة إعمار كنيسة الطاهرة بمدينة الموصل التي قام تنظيم «داعش» بتفجيرها في فبراير (شباط) عام 2015، بعد أشهر من سيطرته الكاملة على المدينة في يونيو (حزيران) عام 2014.
وقالت «اليونسكو»، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن المرحلة الأولى من إعادة الإعمار التي تجري بتمويل من دولة الإمارات العربية، وتنسيق مع السلطات المحلية في الموصل، «تتمثل بإزالة الأنقاض والذخائر غير المنفجرة، وتأمين موقع المشروع بشكل كامل».
وطبقاً لليونسكو والمصادر التاريخية، فإن كنيسة الطاهرة للسريان الكاثوليك تعد من أكبر كنائس العراق، وهي إحدى كبريات كنائس الشرق الأوسط سعةً وهندسةً وجمالاً. وافتتحت الكنيسة 1947 وتتألف من ثلاثة فضاءات شاهقة وتضم قبة شاهقة تخترقها اثنتا عشرة نافذة. أما الفضاءات الداخلية الكبرى الثلاثة فترتكز على 18 عموداً رخامياً ضخماً تتلاقى في أقواس شاهقة وجميلة.
وتقول اليونسكو إن «عملية إعادة الإعمار تمر بمراحل معقدة بعد تعرض كنيسة الطاهرة لعملية تدمير أجزاء كبيرة من أروقتها الداخلية وجدرانها الخارجية، حيث من المقرر أن يقوم المقاولون المحليون تحت إشراف خبراء الآثار بإعادة ترميمها بمشاركة حرفيين في مجال التراث المحلي». وأضافت أنها «بدأت مؤخراً في استقبال العطاءات من الشركات المحلية لإعادة إعمار الكنيسة والدير الملحق بها».
ونقل بيان اليونسكو عن وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية نورة بنت محمد الكعبي، قولها: إن «هذه الخطوة تبعث رسالة أمل للمجتمع الموصلي، وتعيد الوجه المشرق لمدينة الموصل التي كانت دوماً حاضنة لمختلف الديانات، كما تسهم في إعادة بناء النسيج المجتمعي، وعودة المهجرين إلى ديارهم في مدينة الموصل القديمة من خلال توفير دور عبادة لمختلف أطياف المجتمع الموصلي بما يعيد للموصليين هويتهم وقيمهم المتسامحة، التي حاول الإرهابيون طمسها عبر تدمير المواقع التاريخية والدينية والتراثية». وأشارت إلى أن «إعادة إعمار كنيسة الطاهرة ليس فقط لمكانتها كتراث ثقافي فقط، بل لأنها أيضاً دليل على تنوع مدينة الموصل، واحتضانها للثقافات، والديانات المختلفة على مر السنين».
وأوضحت الوزيرة أن «مشاريع دولة الإمارات في مدينة الموصل هدفها تمكين شباب الموصل عبر خلق فرص عمل لهم، وتوفير التدريب المهني والفني، وتعزيز قدرات الحرفيين في مجال صون التراث الثقافي من خلال مشروع استراتيجي يجري تنفيذه بالتعاون مع منظمة (الإيكروم)».
أما ممثل «اليونسكو» في العراق باولو فونتاني، فاعتبر أن «كنيسة الطاهرة تحتل مكانة كبيرة في مدينة الموصل باعتبارها رمزاً تراثياً ثقافياً، فقد كانت أيقونة مهمة لمدينة الموصل ومصدراً لتنوع المدينة وجمعها مختلف الثقافات والحضارات والديانات». وأضاف أن اليونسكو «تعمل على تعزيز المصالحة والتماسك الاجتماعي في الموصل من خلال ترميم وإعادة بناء المواقع التاريخية كجزء من مبادرة اليونسكو (إحياء روح الموصل)».
كان فونتاني اجتمع في 9 سبتمبر (أيلول) الحالي مع وزير الثقافة العراقي حسن ناظم، وأعلنا انطلاق المسابقة الخاصة بتصميم الجامع النوري والمنارة الحدباء التي فجرها تنظيم «داعش» في يونيو 2017. وظهر زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي، الذي قتل في غارة أميركية في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، لأول مرة في خطبة ألقاها في الجامع النوري بعد سيطرة تنظيمه على المدينة عام 2014.
وتقول منظمة اليونسكو ووزارة الثقافة العراقية، إن انطلاق المسابقة الخاصة بتصميم الجامع النوري تنطلق مطلع شهر أكتوبر المقبل، بعد الانتهاء من عمليات رفع الأنقاض. وأوضح فونتاني أن باب التقديم سيكون مفتوحاً لجميع المعنيين في المجال، ولمدة شهرين، على الموقع الإلكتروني الخاص بالمسابقة، كما سيتم إعلان الفائز في شهر أبريل (نيسان) من العام المقبل. ويتوقع أن تساهم دولة الإمارات بجهود إعادة الإعمار للجامع ومنارته، بجانب مساهمتها في إعمار الكنيسة.
ورغم الترحيب الواضح الذي يبديه الموصليون بخطوات إعادة الإعمار لجوامع وكنائس المدينة، إلا أن بعضهم لا يخفي امتعاضه من إهمال منازل المواطنين العاديين في عموم المدينة، خصوصاً في شطرها الأيمن، حيث المدينة القديمة التي تعرضت لدمار كبير خلال الحرب ضد «داعش»، وعدم الاكتراث بإعادة إعمارها، والاهتمام فقط بإعمار دور العبادة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».