الجيش العراقي يحبط عملية تسلل لـ«دواعش» من سوريا

مقتل «والي صلاح الدين» في التنظيم... واعتقال «إرهابي بارز» في كركوك

TT

الجيش العراقي يحبط عملية تسلل لـ«دواعش» من سوريا

أعلن العراق عن إحباطه عملية تسلل من سوريا قام بها تنظيم «داعش» تتضمن نقل أسلحة وأدوية ونساء إلى العراق. وقالت خلية الإعلام الأمني في بيان لها أمس السبت إن «قوة مشتركة من لواء المشاة 71 والأمن الوطني، ناحية ربيعة، ضمن قاطع قيادة عمليات غرب نينوى، نفذت واجباً بعد ورود معلومات استخبارية استباقية عن نية عناصر من تنظيم «داعش» إدخال أسلحة وأدوية ونساء من قاطع الفوج الثاني في لواء المشاة 71».
وأضاف البيان: «قامت القوة بنصب كمائن متعددة على الحدود العراقية السورية وتتبع الكاميرات الحرارية، وبالفعل جرى إدخال الأسلحة والأدوية والنساء من الجانب السوري إلى الأراضي العراقية،   تحت مراقبة ومشاهدة  الاستخبارات العسكرية، وفوراً تحركت  قواتنا وتمكنت من إلقاء القبض على المتهم  الذي كان يريد تسلم الأسلحة في منطقة (أبوني) قرب مخيم العملة - قرية عوينات - ناحية ربيعة وكان يستقل عجلة (سيارة)». وأضاف البيان أن القوة ألقت القبض على «متهم آخر يستقل عجلة نوع (کیا) حمل، وبحوزته مبلغ من المال قدره 230 ألف دينار عراقي (حوالي 190 دولاراً)»، مبيناً أنه «تم إلقاء القبض على أربع سيدات بصحبتهن خمسة أطفال إلى جانب كمية من البنادق وأنواع من الأدوية». إلى ذلك، وبينما تم الإعلان عن اعتقال «إرهابي بارز» في محافظة كركوك، تقول مصادر الاستخبارات العراقية إنه يمثل «شيفرة مهمة» لدى تنظيم «داعش»، أعلن مصدر أمني عراقي في محافظة صلاح الدين مقتل والي صلاح الدين في تنظيم «داعش». ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن العقيد محمد خليل البازي الذي ينتمي إلى قيادة شرطة المحافظة، أن «قوة مشتركة من الجيش والشرطة نصبت كميناً الليلة الماضية لعدد من عناصر (داعش) في منطقة الفرحاتية جنوب شرقي سامراء، أعقبه حصول اشتباك مع الجماعة المسلحة أسفر عن مقتل وهب إبراهيم والي صلاح الدين وثلاثة من مرافقيه». وأضاف أن «اثنين من مرافقيه كانوا يرتدون أحزمة ناسفة جرى إبطال مفعولها فيما بعد»، موضحاً أن «الكمين تم بناء على معلومات استخبارية تؤكد دخول الوالي إلى محافظة صلاح الدين قادماً من محافظة الأنبار».
وبشأن عمليات التسلل من الحدود السورية - العراقية يقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط» أن «الحدود العراقية - السورية غرب نينوى منطقة شاسعة جداً من حيث المساحة، وكانت بالأمس القريب تمثل نقطة انطلاق لـ(داعش) من وإلى الحدود السورية - العراقية التي لا تبعد أكثر من 125 كيلومتراً». وأضاف أبو رغيف أنه «بالإضافة إلى قيام قيادة قوات الحدود بمهامها، فإننا ما زلنا نحتاج إلى كاميرات ليزرية حساسة، ونحتاج كذلك إلى طائرات (درون) تتابع وتراقب على مدار اليوم السابع». وأوضح أن «عملية ضبط الحدود هذه أمر متعذر؛ لكن نكتفي بما هو موجود على أمل الوصول إلى الطموح».
ورداً على سؤال بشأن الانسحاب الأميركي من العراق في وقت لا يزال فيه تنظيم «داعش» يشكل خطراً وبدا أن هناك توافقاً بين بايدن وترمب بشأن ذلك، يقول أبو رغيف إن «جو بايدن أعلن أنه سينسحب أيضاً في حال فاز بالانتخابات، مع أنه قال إنه سيكتفي بأقل عدد ممكن من الجنود الأميركيين من باب التسليح والتجهيز والتدريب والتطوير، وبالتالي فإن الأميركيين سينسحبون في النهاية وقد يبقى أقل من 1000 من جنودهم».
في السياق نفسه يقول الدكتور معتز محي الدين، رئيس «المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية والأمنية»، لـ«الشرق الأوسط» إنه «منذ أكثر من عام بدأت رحلات تنظيم (داعش) من دول الجوار عبر طرق تنظيمية أنشأتها جماعات إرهابية بعيداً عن أنظار القوات الأمنية»، مشيراً إلى أن «عمليات التسلل لا تزال مستمرة منذ إعلان بغداد أواخر عام 2017 نهاية تنظيم (داعش)، وبالتالي فإنه منذ أكثر من سنتين انتقل (داعش) من مرحلة التقاط الأنفاس إلى مرحلة إعادة الهيكلة وإعادة الظهور، وقد ترتب على ذلك أن الموقع البديل للتنظيم بات يبدأ من جبال مكحول إلى حمرين الذي يضم عدداً كبيراً من الكهوف والمواقع التي يعرفها التنظيم جيداً». وأوضح محيي الدين أن «المعلومات التي لدينا تفيد بأن طريق التواصل يبدأ من جبال مكحول إلى منطقة خانوكة وصلاح الدين إلى الشرقاط إلى ربيعة، ومن ثم الحدود، وهو طريق مناسب وغير مكشوف للقوات الأمنية لتسلل عائلات المنتمين للتنظيم». وعدَّ محي الدين أن «إلقاء القبض على هؤلاء يعد إنجازاً كبيراً للجهد الأمني والاستخباري العراقي».
وحول التوافق بين بايدن وترمب بشأن البقاء في العراق من عدمه، يقول محي الدين إن «القوات الأميركية باقية؛ حيث إن ترمب يحاول خلال الحملة الانتخابية إعطاء انطباع بأن العسكر سوف ينسحبون من القواعد في العراق ومناطق أخرى؛ لكن في رأيي أن القواعد باقية لفترات طويلة من الزمن»، موضحاً أن «السياسة الأميركية للحزبين الديمقراطي والجمهوري هي أن يبقى العراق تحت سيطرة القوات الأميركية خوفاً من النفوذ الإيراني والتدخل الإيراني في العراق؛ حيث إنهم يريدون تأمين المناطق الغربية من العراق».
إلى ذلك، أعلن الجنرال كينيث ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأميركية: «لقد تعرضنا في العراق لهجمات نيران غير مباشرة حول قواعدنا وضدها في النصف الأول من هذا العام أكثر مما حصل في النصف الأول من العام الماضي». وأضاف في مقابلة متلفزة أن «الهجمات لم تسقط قتلى، وهذا شيء جيد؛ لكنهم مستمرون».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.