تساؤلات في واشنطن عن أسباب نشر موسكو «منظومة مضادة للدروع» في إدلب

TT

تساؤلات في واشنطن عن أسباب نشر موسكو «منظومة مضادة للدروع» في إدلب

ظهرت تساؤلات في واشنطن حول أسباب نشر روسيا منظومة الصواريخ «هيرميس» الدفاعية المضادة للدروع في سوريا لمواجهة الدبابات التركية والمركبات المدرعة الأخرى لدول أخرى تنتشر في المنطقة. ونشر الخبر أولاً موقع «آفيا برو» الروسي المتخصص في الشؤون العسكرية، حيث أشار إلى أنه يتم اختبار هذا السلاح في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري التي تدعمها روسيا، وأن الجيش الروسي هو الذي يقوم بتلك الاختبارات.
ونشر هذه المنظومة قد يشكل تطوراً عسكرياً ولوجيستياً كبيراً في الحرب الدائرة في سوريا، ورسالة روسية تصعيدية ضد تركيا التي تتمسك بوجودها في مناطق شمال سوريا، ورفضت في الآونة الأخيرة أي حديث عن انسحاب قواتها منها. ويعكس هذا التصعيد طبيعة العلاقة المعقدة المركبة بين «الأعدقاء» روسيا وتركيا، بحسب وصف صحيفة «ناشيونال إنترست» التي تناقلت التقرير.
وبحسب المعلومات العسكرية المنشورة عن نظام «هيرميس» الجديد، فإنه يستطيع أن يدمر عدة مركبات مدرعة للعدو من مسافة تصل إلى 100 كيلومتر، وهو ما يمكن أن يوفر للنظام السوري القدرة على تدمير القوة المدرعة التركية بأكملها في غضون ساعات. ولكن رغم ذلك، يستبعد حتى الساعة أن تتطور الأمور بين «الأعدقاء» الروس والأتراك إلى هذا المستوى، غير أنه يشكل رسالة واضحة لأنقرة.
ولم يصدر حتى الساعة أي تعليق عن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). كما أنها لم ترد على أسئلة «الشرق الأوسط» حول هذه المنظومة الصاروخية، وما قد تحدثه من تغيير في التوازن العسكري في سوريا.
وكشفت روسيا مؤخراً عن هذه النسخة المطورة من المنظومة في معرض المنتدى العسكري التقني الدولي للجيش الروسي الشهر الماضي، في مدينة كوبينكا قرب موسكو. وبعدما كانت نسخته الأولى لا يتجاوز مداها 30 كيلومتراً، قالت روسيا إن مدى النسخة الجديدة قد يبلغ 100 كيلومتر. ويتكون من عدة طائرات استطلاع وتوجيه من دون طيار لرصد الهدف وإرسال الإحداثيات للمنظومة الصاروخية التي تتكون من 6 صواريخ مدمجة يمكنها إصابة 6 أهداف معاً، مع رأس حربي بقوة 30 كيلوغرام من مادة «تي إن تي» الشديدة الانفجار.
ولم يعرف حتى الساعة ما إذا كانت روسيا ترغب في تسليم هذه النسخة المطورة إلى دمشق، علماً بأن الجيش الروسي ينشر المنظومة الأقدم مع قواته التي تقاتل في سوريا. ورغم ذلك يبقى أن امتلاك سوريا حتى للمنظومة القديمة من صواريخ «هيرميس» أمراً لافتاً، نظراً للقوة التي يتمتع بها هذا السلاح في مناطق قتالية مكشوفة، كما في شمال سوريا.
ويرى بعضهم أن نشر روسيا لتلك المنظومة يعد تصعيداً أيضاً مع الولايات المتحدة، بعدما شهد التنسيق العسكري بينهما حوادث متفرقة أدت أخيراً إلى إصابة عدد من الجنود الأميركيين بجروح، نتيجة تصادم دوريات مدرعة أميركية بمدرعات روسية، والرسائل المتبادلة حول رؤيتهما المختلفة تجاه حل الأزمة السورية. غير أن إجماعاً يشير إلى أن المستهدف الأساسي هو تركيا التي تشهد علاقاتها مع روسيا تعقيدات تمتد من سوريا إلى ليبيا وحوض البحر المتوسط.
ويقول أيكان إرديمير، مدير برنامج تركيا في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» في واشنطن، إن روسيا التي تدعم النظام في دمشق منذ بداية الحرب الأهلية ستواصل تقديم الدعم السياسي والعسكري له.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الهدف من تسليم صواريخ «هيرميس» إلى سوريا هو ردع تركيا، ومنعها من الاشتباك مع القوات الموالية للأسد في محافظة إدلب، كما جرى في بدايات عام 2020. وبهذه الخطوة، تكون روسيا قد قررت تحييد القوات المدرعة التركية، كما حيدت قبل نحو 5 سنوات قواتها الجوية، ومنعتها من التحليق في أجواء المنطقة. ويرى إرديمير أن روسيا ستعمل على فرض مزيد من القيود على تحركات تركيا في المستقبل. لكن رغم وجود خلافات بين بوتين وإردوغان ليس فقط في سوريا، ولكن أيضاً في ليبيا، فإنهما تمكنا مراراً وتكراراً من إيجاد طرق للتعاون في مجالات أخرى. وعد أنه بعد تسليم صواريخ «هيرميس»، من المرجح أن تستمر هذه الطبيعة المجزأة المعقدة للعلاقات الثنائية.
وسبق لروسيا أن اعترفت باختبار كثير من أسلحتها الجدية في سوريا منذ تدخلها المباشر عام 2015. وقد لا يكون مستغرباً قيامها باختبار منظومتها «هيرميس» الجديدة، في سياق محاولتها تسويق أسلحتها واستعراض قوتها، في الوقت الذي يقترب فيه موعد رفع الحظر عن مبيعات السلاح لإيران. ويعتقد على نطاق واسع أنها ستكون من بين أكبر مشتري السلاح في العالم، فيما لو نجت من العقوبات الأميركية التي يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لفرضها، في حال فشل مجلس الأمن في تمديد القرار (2231) الذي يحظر السلاح عنها. ويراهن الجيش الروسي على نجاح منظومته الجديدة، بعد فشل الاختبارات الميدانية لأحدث دباباته من طراز «تي 14 أرماتا»، حيث تم تدميرها على يد مقاتلين سوريين في وقت سابق من هذا العام.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».