زعيم «الحركة الشعبية» المغربية يحمل وزير الرياضة المسؤولية بشأن «فضيحة الملعب»

العنصر: لم نهدد بالانسحاب من الحكومة.. وقرار الملك كان صائبا

محند العنصر خلال اللقاء الذي نظمه منتدى وكالة الأنباء المغربية في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
محند العنصر خلال اللقاء الذي نظمه منتدى وكالة الأنباء المغربية في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

زعيم «الحركة الشعبية» المغربية يحمل وزير الرياضة المسؤولية بشأن «فضيحة الملعب»

محند العنصر خلال اللقاء الذي نظمه منتدى وكالة الأنباء المغربية في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
محند العنصر خلال اللقاء الذي نظمه منتدى وكالة الأنباء المغربية في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)

حمل محند العنصر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية ووزير التعمير المغربي المسؤولية السياسية لمحمد أوزين وزير الشباب والرياضة المنتمي إلى حزبه بشأن «فضيحة الملعب». وقال العنصر إن المسؤولية السياسية للوزير في هذه القضية ثابتة، مضيفا أنه إذا ما ثبت وجود تورط مقصود لأوزين فيما حدث أو سوء نية، فإن الحزب لن يقف بجانبه، وسيتخذ القرار الملائم في حقه. ونفى العنصر، الذي كان يتحدث أمس خلال لقاء صحافي نظم من قبل منتدى وكالة الأنباء المغربية تهديده رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران بالانسحاب من الحكومة إذا ما أعفي أوزين من منصبه. وأضاف أنه «ليس من خصال الحركة الشعبية الابتزاز». وعد العنصر قرار تعليق أنشطة أوزين في الدورة الـ11 لبطولة العالم للأندية التي احتضنها المغرب، واختتمت السبت الماضي بمراكش، بأنه كان قرارا صائبا رحب به الحزب. وأضاف أنه لا أحد «بإمكانه اتخاذ قرار من هذا القبيل إلا الملك محمد السادس ونحن ممتنون للملك بهذا القرار حتى لا يكون الوزير سببا في أي حرج لأن وجوده في الملعب لحضور المباراة النهائية قد تنتج عنه أحداث تسيء لصورة المغرب عبر العالم».
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد أعطى الجمعة الماضي تعليمات تقضي بتعليق أنشطة أوزين، ذات الصلة بالدورة الـ11 من بطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم، حيث غاب الوزير عن المباراة النهائية للبطولة التي جرت السبت الماضي بمراكش. كما أمر بفتح تحقيق بشأن الاختلالات التي ظهرت على أرضية المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط الذي تحول إلى بركة مياه في إحدى المباريات.
وردا على ما أثير بشأن مطالب تقدم بها نواب ومستشارو الحزب في غرفتي البرلمان لإحالة أوزين على التأديب ومن ثم إقالته من منصبه، قال العنصر إنه لا أحد من نواب الحزب طلب منه إقالة أوزين لا سيما وأن نتائج التحقيقات لم تظهر بعد، مشيرا إلى أن الحزب لا يمكنه اتخاذ قرار متسرع بشأن هذه القضية لأنها قد تؤثر على سمعته، إذ سيظهر على أنه يتخلى عن وزرائه بسهولة، مشيرا إلى أن وزير الرياضة يواصل عمله في مكتبه، «وإن كان ليس من السهل ممارسة عمله بشكل عادي نظرا للضغوط التي يتعرض لها». وتأجل الإعلان عن نتائج التحقيقات بشأن هذه القضية التي كانت مقررة أمس إلى وقت لاحق، ولمح العنصر إلى إمكانية تشكيل لجنة جديدة للتحقيق إذا ما تطلب الأمر ذلك.
من ناحية أخرى، رجح المسؤول الحزبي أن يكون لهذه القضية تأثير على موقع «الحركة الشعبية» في الانتخابات المقبلة، مشيرا إلى أن حزبه يسعى لاسترجاع المكانة التي كان عليها قبل الانتخابات البلدية التي جرت عام 2009، وأن الحزب سيدخل غمار الانتخابات المقبلة و«هو يحظى بقاعدة جغرافية ومجتمعية واسعة». وعزا تراجع «الحركة الشعبية» في الانتخابات الأخيرة لعدة أسباب منها ما يرتبط بالوضع الداخلي للحزب.
وفي السياق ذاته، وردا على تشكيك أحزاب في المعارضة والغالبية وتوجسها من التلاعب بنتائج الانتخابات المقبلة، قال العنصر إن ضمانات شفافية ونزاهة الانتخابات متوفرة، بيد أن الرهان الأساسي يتمثل في إقناع الشباب بالتسجيل في سجلات الناخبين ورد الثقة في العمل السياسي. إذ إن نسبتهم فيها لا تتعدى 7 في المائة.
وبشأن موقفه من مطلب المعارضة المتمثل في إنشاء هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات، قال العنصر إن التحضير للانتخابات المقبلة ليس موضوعا معزولا بل يندرج ضمن سيرورة مرتبطة بشكل عام بتنزيل الدستور، وإنه يتعين بعد الانتخابات المقبلة إعادة النظر في كثير من القواعد التي تؤطر هذه الانتخابات.
وردا على الانتقادات التي توجه إليه بشأن بقائه مدة 32 عاما أمينا عاما للحزب، قال العنصر إنه يعتز بذلك لأنه دليل على ثقة «الحركيين» فيه. مؤكدا عدم نيته الترشح لولاية جديدة.
وبخصوص موقف الحزب من قضية الأمازيغية، قال المسؤول المغربي إن «الحركة الشعبية» لم يستعمل قط الأمازيغية كورقة للمزايدات السياسية، بل إنه يضعها بمرتبة القضايا الوطنية التي عليها إجماع، مضيفا أن حزبه يؤيد إنشاء لجنة استشارية موسعة تعمل على هذه القضية حتى لا تستغل سياسيا ويجري التوصل إلى «شيء قابل للتطبيق».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.