تركيا تعزز قواتها في إدلب وترفض «الانسحاب من سوريا»

TT

تركيا تعزز قواتها في إدلب وترفض «الانسحاب من سوريا»

رفضت تركيا مطالبة وزراء خارجية الجامعة العربية لها بوقف تدخلاتها في الدول العربية والانسحاب منها، في وقت واصل جيشها تعزيز قواته في إدلب.
وأكدت تركيا «رفضها التام» لجميع القرارات الصادرة عن الاجتماع الأول للجنة متابعة التدخلات التركية في المنطقة، الذي عقد أول من أمس.
وقالت الخارجية التركية، في بيان أمس (الخميس)، إن أنقرة تدعو جامعة الدول العربية لتبني دور إيجابي يهدف إلى إحلال الأمن والاستقرار في المنطقة، لافتة إلى أن أعضاء جامعة الدول العربية يتعمدون توجيه اتهامات «باطلة» لتركيا.
وأضاف البيان أن تركيا تولي اهتماما كبيرا لوحدة أراضي الدول العربية ووحدتها السياسية، ولاستقرار المنطقة. وزاد البيان: «تركيا ستواصل مواقفها «البناءة» لإحلال الاستقرار في المنطقة.
ودعا البيان جامعة الدول العربية إلى التخلي عن مواقفها العدائية تجاه تركيا و«التحرك وفق إملاءات بعض أعضائها»، وتبني مواقف إيجابية لإحلال الاستقرار في المنطقة.
كان وزراء خارجية دول الجامعة العربية، اتهموا تركيا بالتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا والعراق وليبيا، وطالبوها بسحب قواتها من تلك الدول.
في المقابل، أكدت تركيا وإيران التزامهما «الثابت» بوحدة سوريا وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها.
جاء ذلك في بيان مشترك صدر مساء الثلاثاء في ختام اجتماع المجلس الاستراتيجي الأعلى التركي - الإيراني الذي عقد عبر الفيديو كونفرنس برئاسة الرئيسين رجب طيب إردوغان وحسن روحاني، حيث أكد البلدان ثقتهما بإمكانية حل النزاع السوري عبر عملية سياسية تتوافق مع اتفاقات مسار آستانة وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
ورغم الاختلاف الجوهري في التدخل التركي والإيراني في سوريا من حيث دعم أنقرة المعارضة السورية المسلحة ودعم إيران النظام السوري، بدا خلال اجتماع المجلس أن هناك رؤية مشتركة بين تركيا وإيران تقوم على فكرة أن كليهما في مرمى المؤامرات الخارجية وأنهما «كقوتين عظميين» في منطقة الشرق الأوسط يواجهان حالة من الاستياء من تحركاتهما، وأن ذلك يفرض عليهما التنسيق وتعزيز التعاون فيما بينهما.
وأعلن البلدان اتفاقهما على التعاون والتنسيق في مجال مكافحة الإرهاب والتصدي المشترك لحزب العمال الكردستاني وامتداداته في العراق وسوريا ومكافحة ذراعه في إيران (منظمة بيجاك) والقيام بعمليات عسكرية مشتركة حال اقتضى الأمر للتصدي لمختلف التنظيمات الإرهابية في المنطقة، في خطوة تعكس تطوير التعاون بينهما في المرحلة المقبلة.
في غضون ذلك، دفعت تركيا بتعزيزات عسكرية جديدة إلى إدلب في شمال غربي سوريا، حيث دخل رتل عسكري يضم سيارات ومدرعات من معبر كفرلوسين الحدودي شمال إدلب، تألف من ناقلات جند ومصفحات وشاحنات وسيارات تضم ضباطا من الجيش التركي، توجهت نحو النقاط العسكرية التركية في منطقة خفض التصعيد في إدلب.
وسيرت القوات التركية والروسية دورية مشتركة جديدة في ريف الحسكة، حيث انطلقت الدورية المؤلفة من 4 عربات عسكرية روسية قادمة من مدينة القامشلي، برفقة 4 عربات عسكرية تركية عبرت إلى الأراضي السورية من معبر شيريك الحدودي، وتجولت في قرى وبلدات ريف الدرباسية ورافقتها مروحيتان روسيتان.
في سياق آخر، أحالت السلطات الأمنية التركية أرجان باياط، أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي في «ريحانلي» بولاية هطاي الحدودية مع سوريا جنوب تركيا، الذي وقع في 11 مايو (أيار) 2013 وأسفر عن مقتل 53 شخصا، إلى المحكمة أمس.
كانت قوات حرس الحدود التركية ألقت القبض على باياط المدرج ضمن اللائحة الزرقاء للمطلوبين، الثلاثاء قرب الحدود مع سوريا. وأعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو نبأ القبض عليه وتسليمه إلى مديرية الأمن في هطاي.
وقالت مصادر أمنية إنه تم العثور بحوزته على رخصة حمل سلاح صادرة صادرة عن «القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة - شعبة المخابرات» التابعة للنظام السوري. وتتضمن معلومات حول السلاح المرخص حمله وتنبيها بأن هذه البطاقة شخصية و«سرية» ويمنع استخدامها لغير حاملها، وأنه يتعين على كل من يعثر عليها إعادتها إلى شعبة المخابرات أو أقرب مخفر للشرطة والأمن.
كان جهاز المخابرات التركي جلب، في مطلع سبتمبر (أيلول) 2018 المدعو يوسف نازيك، الذي تم تعريفه بأنه مخطط تفجير «ريحانلي» إلى تركيا، عبر عملية خاصة في مدينة اللاذقية السورية. واعترف بأن هجوم ريحانلي نفذ بتعليمات من مخابرات النظام السوري.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.