«رؤية 2030» تعتمد نهجاً مزدوجاً لإصلاح نظام التعليم السعودي

دراسة أكدت أنها حققت قدراً من النجاح بالتعاون مع المؤسسة الدينية

«رؤية 2030» تعتمد نهجاً مزدوجاً لإصلاح نظام التعليم السعودي
TT

«رؤية 2030» تعتمد نهجاً مزدوجاً لإصلاح نظام التعليم السعودي

«رؤية 2030» تعتمد نهجاً مزدوجاً لإصلاح نظام التعليم السعودي

قالت دراسة حديثة تناولت «رؤية 2030» في إصلاح التعليم الديني في السعودية، إن الرياض تعتمد نهجاً مزدوجاً لإصلاح نظام التعليم، فمن ناحية، تعمل على استئصال الخطاب المتطرف مباشرة؛ من خلال تشجيع المؤسسة الدينية على تبني وتعزيز تفسير معتدل للخطاب الإسلامي، ومن ناحية أخرى، تعمل الحكومة على إدخال محتوى حديث للمناهج الدراسية؛ مثل: العلوم والفلسفة والموسيقى واللغة الصينية؛ مما سيساعد المملكة في بناء اقتصاد حديث يقوده القطاع الخاص.
وأشارت الدراسة الصادرة عن مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية في سبتمبر (أيلول) الحالي، وأعدتها الدكتورة نجاح العتيبي الباحثة السعودية ومحللة السياسات المقيمة في لندن، إلى أن إصلاح نظام التعليم قُدم في «رؤية 2030» بوصفه وسيلة لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، مبينة أن هذا المسار حقق قدراً من النجاح، لا سيما عندما اقترن بعمليات تطهير تستهدف المعلمين المتطرفين الذين رفضوا تنفيذ التغييرات.
وبحسب الدراسة، فإن نهج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إصلاح التعليم يختلف عن أسلافه؛ الذين ركزت مناهجهم بالكامل على الجهاز التربوي، فيما أظهر التركيز الإصلاحي للأمير محمد بن سلمان أنه مستعد للعمل مع مؤسسات خارج جهاز التعليم؛ مثل المؤسسات الدينية.
ولفتت الدراسة إلى أن معالجة القضية الأوسع للمؤسسات الدينية، والدور الذي اضطلعت به في التعليم والمجتمع، يجعل نهج الأمير محمد بن سلمان الجديد أكثر احتمالية للنجاح من الجهود السابقة.
وتطرقت الدراسة إلى حديث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال مبادرة مستقبل الاستثمار، في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 في الرياض، حيث أوضح أنه يعتزم معالجة التطرف الديني بشكل مباشر، قائلاً: «لن نقضي السنوات الثلاثين القادمة من حياتنا في التعامل مع الأفكار المتطرفة، سوف ندمرها اليوم». كما وضع رؤية جديدة للمملكة، قائلاً «نريد فقط العودة إلى حيث كنا، الإسلام المعتدل المنفتح على العالم، والمنفتح على جميع الأديان».
ومع ذلك، فإن الإصلاح الحالي للتعليم في السعودية في إطار «رؤية 2030» يشير إلى أنه ذو شقين، كما تورد الدراسة، حيث يتضمن الشق الأول تعديل محتوى الكتب والمناهج الدينية من أجل تقليل التركيز على الموضوعات الدينية، والتركيز بشكل أكبر على المهارات الفنية والإبداعية والتفكير النقدي؛ وفحص المعلمين من كَثَب، وتقليل الرقابة الدينية على النظام التعليمي من خلال صياغة سياسات للحفاظ على تعليم ديني معتدل في المناهج.
فيما يركز الشق الثاني على تجربة أشكال جديدة وأكثر توجهاً نحو السوق من التعليم والسياسات التعليمية؛ بهدف تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تسعى إلى تحقيق التنويع الاقتصادي وتوفير التوظيف للسعوديين.
وتعتقد الباحثة أن نظام التعليم قد وُضِعَ في الركاب الوطني للنمو الاقتصادي والتغيير المجتمعي؛ مما سيسمح في هذه العملية للخطاب الديني المعتدل بالتطور.
ورغم العواقب السلبية الحتمية على السعودية بسبب تحديات وباء كورونا المستجد (كوفيد - 19)، والانخفاض الحاد في أسعار النفط، تفيد الدراسة بأن هناك موجة من التفاؤل بتخطي هذا كله من خلال اتباع «رؤية 2030».
وأضافت الباحثة: «لقد بدأت الرياض بالفعل في التغلب على بعض من المشكلات التعليمية؛ فقد دفع الضغط نحو تنويع الاقتصاد، في أقل من عقد من الآن بقليل، البلاد إلى اتباع نهج أكثرَ جدية وجرأة في معالجة سياستها التعليمية الشاملة، وإعادة ترتيب النظام بناء على الضرورات الاقتصادية، وليس الدينية، لدعم خطط المستقبل».
وتؤكد الدراسة أن «محاولات السعودية الحالية لإصلاح نظام التعليم محاولات استراتيجية، ليس فقط في محاولات تقليل العدد الهائل من المفاهيم المتطرفة في سياق تطويرها للمزيد من المواد الدراسية المُوَجَّهة نحو السوق، ولكن أيضاً من خلال تمكين رجال الدين المعتدلين من الانضمام إلى النهج التاريخي تجاه إصلاح التعليم وتعزيز مفاهيم إسلامية إنسانية ومعتدلة».


مقالات ذات صلة

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

الاقتصاد إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

ما زال التضخم في السعودية الأقل ضمن مجموعة العشرين، وذلك بعد تسجيل معدل 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب.

أسماء الغابري (جدة)
الاقتصاد افتتاح منتجع «ديزرت روك» في وجهة البحر الأحمر (الشرق الأوسط)

«صندوق الاستثمارات» يواصل استكشاف مكامن الفرص السياحية بالسعودية

يواصل «صندوق الاستثمارات العامة» استكشاف مكامن الفرص في قطاع الضيافة والسياحة السعودية، بعد إطلاق عدد من الشركات المتخصصة والمشاريع العملاقة.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد أحد فنادق الضيافة في السعودية (الشرق الأوسط)

«الاستثمارات العامة» يطلق شركة تطَور علامات ضيافة سعودية جديدة

أطلق صندوق الاستثمارات العامة، الثلاثاء، شركة إدارة الفنادق (أديرا) التي تتخصص بإدارة وتشغيل الفنادق، مع المزج بين أعلى المعايير للقطاع وأصالة الضيافة السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد عدد من الزوار في منطقة العلا التابعة للمدينة المنورة (الشرق الأوسط)

المدينة المنورة ضمن أفضل 100 وجهة سياحية عالمية

تصدرت المدينة المنورة المدن السعودية المدرجة ضمن قائمة أفضل 100 وجهة سياحية عالمية لعام 2024، وفق تقرير منظمة «يورومونتر إنترناشونال».

«الشرق الأوسط» (المدينة المنورة)

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
TT

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت» خلال «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة، الذي تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد، وحتى 19 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بمركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض، وبتنظيم من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، وهيئة الحكومة الرقمية.

وعلى هامش المنتدى، أعلنت «منظمة التعاون الرقمي» التي تتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقرّاً لها، إطلاق المبادرة، بمصادقة عدد من الدول على بيان مشترك بهذا الإعلان وهي: السعودية، والبحرين، وبنغلاديش، وقبرص، وجيبوتي، وغامبيا، وغانا، والأردن، والكويت، والمغرب، ونيجيريا، وعُمان، وباكستان، وقطر، ورواندا.

وأكدت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الرقمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المبادرة التي تقودها وترعاها الكويت، وتم تقديمها خلال الجمعية العامة الثالثة لمنظمة التعاون الرقمي، تهدف إلى تعزيز احترام التنوع الاجتماعي والثقافي، ومكافحة المعلومات المضللة عبر الإنترنت، من خلال جهود الوساطة والتنسيق بين الشركات والحكومات والجهات الأخرى ذات الصلة، مثل المنظمات الدولية والمجتمع المدني.

وتضمّن الإعلان، إنشاء «لجنة وزارية رفيعة المستوى» تتولّى الإشراف على تنفيذ مبادرة «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت» التابعة للمنظمة، فيما جدّدت الدول المُصادقة على الإعلان، التزامها بالدعوة إلى «إنشاء اقتصاد رقمي شامل وشفاف وآمن يُمكن الأفراد من الازدهار».

وأكّد الإعلان على رؤية الدول إلى أن القطاع الخاص، وخصوصاً منصات التواصل الاجتماعي، «شريك في هذه الجهود لتعزيز التأثير الاجتماعي الإيجابي بدلاً من أن تكون وسيلة لنشر التأثيرات السلبية أو عدم الوعي الثقافي».

ودعا الإعلان، إلى بذل جهود جماعية من شأنها دعم القيم الوطنية، والتشريعات، وقواعد السلوك في منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب تأكيد «منظمة التعاون الرقمي» التزامها بتحسين الثقة في الفضاء السيبراني من خلال معالجة التحديات الأخلاقية والخصوصية المرتبطة بالتقنيات الناشئة.

وفي الإطار ذاته شدّد الإعلان على الأهمية البالغة للحوار النشط والتعاون بين منصات التواصل الاجتماعي والدول التي تعمل فيها، وعَدّ التعاون القائم على الثقة المتبادلة «مفتاحاً لضمان احترام المشهد الرقمي لحقوق وقيم جميع الأطراف ذات الصلة».

من جهتها، أشارت ديمة اليحيى، الأمين العام لـ«منظمة التعاون الرقمي»، خلال حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن استطلاعات للرأي شملت 46 دولة، أظهرت أن أكثر من 59 في المائة قلقون من صعوبة التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف عبر الإنترنت.

وأضافت أن ما يزيد على 75 في المائة من مستخدمي الإنترنت قد واجهوا أخباراً زائفة خلال الأشهر الستة الماضية، وتابعت: «تنتشر المعلومات المضللة على المنصات الاجتماعية بمعدل يصل إلى 10 أضعاف سرعة انتشار الحقائق»، الأمر الذي من شأنه، وفقاً لـ«اليحيى»، أن يسلّط الضوء على مفارقة مزعجة بأن «المنصات التي أحدثت ثورة في الاتصال والتقدم أصبحت أيضاً قنوات للانقسام، وتزعزع الثقة، وتزيد من حالة الاستقطاب في المجتمعات».

ونوّهت اليحيى إلى أن المعلومات المضلّلة «لم تعد قضية هامشية، بل جائحة رقمية مخيفة تتطلب تحركاً عاجلاً ومشتركاً»، وأضافت: «الدراسات بيّنت أن المعلومات المضللة قد تؤدي إلى إرباك الانتخابات في العديد من الدول خلال العامين المقبلين، مما يهدد الاستقرار العالمي». على حد وصفها.

وعلى جانب آخر، قالت: «بالنسبة للأجيال الشابة، فإن التأثير مقلق بشكل خاص، إذ يقضي المراهقون أكثر من 7 ساعات يومياً على الإنترنت، ويؤمن 70 في المائة منهم على الأقل بأربع نظريات مؤامرة عند تعرضهم لها». وخلال جائحة كورونا «كوفيد - 19»، أدت المعلومات المضللة حول القضايا الصحية إلى انخفاض بنسبة 30 في المائة في معدلات التطعيم في بعض المناطق، مما عرض ملايين الأرواح للخطر.

وأردفت: «أكّدت خلال كلمتي أمام منتدى حوكمة الإنترنت على أننا في منظمة التعاون الرقمي ملتزمون بهذه القضية، بصفتنا منظمة متعددة الأطراف، وكذلك معنيّون بهذه التحديات، ونستهدف تعزيز النمو الرقمي الشامل والمستدام».

جدير بالذكر أنه من المتوقع أن يشارك في فعاليات المنتدى أكثر من 10 آلاف مشارك من 170 دولة، بالإضافة إلى أكثر من ألف متحدث دولي، وينتظر أن يشهد المنتدى انعقاد نحو 300 جلسة وورشة عمل متخصصة، لمناقشة التوجهات والسياسات الدولية حول مستجدات حوكمة الإنترنت، وتبادل الخبرات والمعلومات وأفضل الممارسات، وتحديد التحديات الرقمية الناشئة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني والقطاع غير الربحي.