أميركا وألمانيا تخفضان قواتهما في العراق

ترمب خلال زيارة للقوات الأميركية بقاعدة «عين الأسد» في العراق عام 2018 (أ.ب)
ترمب خلال زيارة للقوات الأميركية بقاعدة «عين الأسد» في العراق عام 2018 (أ.ب)
TT

أميركا وألمانيا تخفضان قواتهما في العراق

ترمب خلال زيارة للقوات الأميركية بقاعدة «عين الأسد» في العراق عام 2018 (أ.ب)
ترمب خلال زيارة للقوات الأميركية بقاعدة «عين الأسد» في العراق عام 2018 (أ.ب)

أعلن قائد «القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط» الجنرال كينيث ماكينزي، أمس، أن الولايات المتحدة قررت تخفيض عديد قواتها في العراق من 5200 إلى 3000 جندي، فيما أعلنت ألمانيا قراراً مماثلاً.
وقال الجنرال ماكينزي في بغداد: «بعد الاعتراف بالتقدم الكبير الذي أحرزته القوات العراقية، والتشاور والتنسيق مع الحكومة العراقية وشركائنا في التحالف، قررت الولايات المتحدة تخفيض وجودها العسكري في العراق من نحو 5200 إلى 3000 جندي خلال هذا الشهر».
وأكد البيت الأبيض، أول من أمس، أنه سيجري الإعلان في وقت قريب جداً عن تخفيض جديد لعديد القوات الأميركية في العراق، حيث يتعرض جنود أميركيون يلاحقون خلايا «داعش» النائمة لاعتداءات متزايدة من جانب ميليشيات تابعة لإيران.
وفي خطاب ألقاه بمناسبة تسليم القائد الجديد لتحالف مكافحة تنظيم «داعش» الجنرال بول كالفير مهامه، أوضح الجنرال ماكينزي، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن الولايات المتحدة ستواصل دعم الجيش العراقي في معركته ضد آخر عناصر ناشطة للتنظيم في البلاد، وأنها ستُبقي وجوداً عسكرياً محدوداً في سوريا. وقال: «علينا مواصلة تعاوننا ضد تنظيم (داعش) مع شركائنا في العراق وسوريا». وأضاف أن «هذا الوجود المحدود يتيح لنا مواصلة تقديم النصائح والمساعدة لشركائنا العراقيين في استئصال آخر بقايا التنظيم في العراق»، مشيراً إلى ثقة واشنطن «بقدرة القوات العراقية على العمل بشكل مستقل». وأشار إلى أن «المسار كان صعباً، والتضحية كانت هائلة، لكن التقدم كان كبيراً... لا يزال هناك كثير من العمل يجب إنجازه».
وأكدت الولايات المتحدة والعراق في يونيو (حزيران) الماضي التزامهما خفض القوات الأميركية الموجودة في البلاد في الأشهر المقبلة مع عدم اعتزام واشنطن الإبقاء على قواعد دائمة أو وجود عسكري دائم.
وفي عام 2016، دعت حملة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانتخابية إلى إنهاء «حروب أميركا التي لا تنتهي»، لكن القوات الأميركية ما زالت موجودة في دول مثل العراق وأفغانستان وسوريا، وإن كانت بأعداد أقل. وأثناء اجتماعه مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في واشنطن الشهر الماضي، جدد ترمب وعده بسحب القوات الأميركية من العراق.
ونشرت الولايات المتحدة الآلاف من القوات في العراق في عام 2014 لقيادة تحالف عالمي يقاتل تنظيم «داعش» الذي اجتاح بعد ذلك ثلث أراضي البلاد. وبعد إعلان بغداد هزيمة التنظيم أواخر عام 2017، استمرت القوات الأميركية وقوات التحالف الأخرى في عملها بتدريب القوات المحلية وتنفيذ ضربات جوية وعمليات مراقبة بطائرات من دون طيار لمنع عودة «داعش».
وبحلول أواخر عام 2018، كان هناك ما يقدر بنحو 5200 جندي أميركي في العراق، وكانوا يشكلون الجزء الأكبر من قوات التحالف البالغ عددها آنذاك 7500، وفقاً لمسؤولين أميركيين.
وتسببت عشرات الهجمات الصاروخية ضد هذه القوات وضد السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء شديدة التحصين ببغداد منذ بداية السنة، في مقتل ما لا يقل عن 3 عسكريين أميركيين وجندي بريطاني وجندي عراقي. واتهم مسؤولون أميركيون ميليشيات قريبة من طهران بتنفيذ الهجمات.
وبدأ التحالف منذ مارس (آذار) الماضي سحب قواته بهدوء، بينما قلّص وجوده في عشرات القواعد بجميع أنحاء العراق إلى 3 فقط. وقال مسؤولون أميركيون إنه أعيد نشر بعض القوات في القواعد الرئيسية في بغداد وأربيل في الشمال وعين الأسد في الغرب، لكن معظمها نُقل إلى خارج العراق. وأشاروا إلى أن التقليص كان مخططاً له منذ فترة طويلة بعد هزيمة «داعش»، لكن جرى تسريع الجدول الزمني بسبب الهجمات الصاروخية والخوف من انتشار فيروس «كورونا».
وبالمثل؛ أعلنت الحكومة الألمانية اعتزامها خفض عدد جنودها المشاركين في مهمة العراق إلى 500 جندي حداً أقصى. ووافق مجلس الوزراء الألماني، أمس، على هذا الحد الأقصى الجديد الذي كان يبلغ في السابق 700 جندي.
وعقب سحب طائرات الاستطلاع «تورنادو»، يمكن لألمانيا خفض قواتها حالياً في المهمة التي تساهم فيها ضمن التحالف الدولي لمكافحة «داعش». وقالت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب كارنباور إن «تنظيم (داعش) يواصل أنشطته الإرهابية أيضاً خلال جائحة (كورونا)، لذلك يتعين الإبقاء على الضغط العسكري عليه».
وأشارت إلى أن الحكومة العراقية ترغب في استمرار تدريب قوات الأمن العراقية عبر مهمة «حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، وأن بلادها «ستوفي بمساهمتها على نحو مناسب» بالحد الأقصى الجديد للقوات المشاركة في المهمة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».