تقرير حقوقي يتحدث عن «تكدس» السوريين على حدود لبنان

بعد قرار دمشق فرض تصريف 100 دولار أميركي للعائدين

تقرير حقوقي يتحدث عن «تكدس» السوريين على حدود لبنان
TT

تقرير حقوقي يتحدث عن «تكدس» السوريين على حدود لبنان

تقرير حقوقي يتحدث عن «تكدس» السوريين على حدود لبنان

أفادت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» أمس، بأن «النظام السوري يمنع مئات المواطنين السوريين من العودة من لبنان إلى وطنهم. وذكرت أن الانتهاكات أدت إلى تشريد قرابة 13 مليون مواطن سوري ما بين نازح ولاجئ».
وأوضحت الشبكة في تقرير، أن الظروف القاهرة التي يمرُّ بها بعض اللاجئين في دول اللجوء دفعتهم نحو العودة، كما حصل مع عدد من اللاجئين السوريين إثر التداعيات الاقتصادية التي وقعت على لبنان بعد انفجار ميناء بيروت في الشهر الماضي، وأكَّد التقرير أنه رغم الظروف المأساوية التي يعيشها كثير من اللاجئين السوريين في لبنان فما يزال الغالبية العظمى منهم يرفضون العودة، وطبقاً للتقرير فإن نسبة الذين عادوا تقدر بقرابة 12 في المائة من إجمالي اللاجئين السوريين في لبنان، وهي الأعلى بين الدول التي عاد منها لاجئون سوريون، أما النسبة الإجمالية للعائدين من كل دول العالم فهي لا تتجاوز 7 في المائة غالبيتهم من لبنان ثم الأردن.
أشار التقرير إلى إصدار النظام السوري قراراً تعسفياً في 22 مارس (آذار) الماضي قضى بإغلاق المعابر البرية بين لبنان وسوريا، ورصدَ إثر ذلك اكتظاظ وتكدس المئات من المواطنين السوريين ومن ضمنهم نساء وأطفال، في المنطقة الحدودية لأسابيع. وأوضحَ التقرير أن هذا القرار التعسفي أجبر العشرات من المواطنين السوريين على دخول وطنهم بطريقة غير نظامية عبر عمليات التهريب بين الحدود، الأمر الذي شكَّل خطراً على أمنهم وحياتهم.
جاء في التقرير أن رئاسة مجلس الوزراء العاملة لدى النظام السوري، أصدرت في 8 يوليو (تموز) قراراً تعسفياً يشكل عملياً قرار سطو بالقوة والإجبار على أموال المواطنين الراغبين في العودة إلى بلدهم، وينتهك العديد من مبادئ حقوق الإنسان الأساسية، ويُشرعن عملية نهب الأموال، حيث يُلزِم القرار جميع السوريين العائدين إلى سوريا بصرف مبلغ 100 دولار أميركي أو ما يُعادلها من العملات الأجنبية التي يقبل بها مصرف سوريا المركزي حصراً إلى الليرات السورية. وبحسب التقرير، فإن كثيرا من اللاجئين السوريين في لبنان قد تأثرت أعمالهم بسبب جائحة كوفيد - 19 وكذلك بعد الانفجار المروع لميناء بيروتما دفع المئات منهم للعودة إلى وطنهم، والغالبية العظمى من هؤلاء هم من فئة من يعملون بنظام الساعة أو اليوم، وليس لديهم مدخرات تصل إلى 100 دولار أميركي.
سجَّل التقرير منذ مطلع عام 2020 ما لا يقل عن 62 حالة اعتقال قامت بها قوات النظام السوري، استهدفت العائدين من لبنان إلى مناطق إقامتهم في سوريا، وقد أفرج النظام السوري عن 25 حالة منها، بينما لا يزال 37 شخصاً قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، وأضاف التقرير أن النظام السوري قام بإعادة اعتقال عدد ممن أفرج عنهم، وأجبرهم على الالتحاق بالتجنيد العسكري في صفوف قواته التي ترتكب أسوأ أنواع الانتهاكات.
ورصد التقرير حرمان النظام السوري مواطنين سوريين من دخول بلدهم ما لم يقوموا بتصريف 100 دولار أميركي أو ما يعادلها من العملات الأجنبية، وفق سعر الصرف الذي يحدده البنك المركزي، مشيراً إلى قيام النظام السوري باعتقال أو إخفاء ما لا يقل عن 37 مواطناً سورياً عادوا من لبنان منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم