عقوبات جديدة تنتظر شخصيات لبنانية وواشنطن لن تعرقل تشكيل الحكومة

TT

عقوبات جديدة تنتظر شخصيات لبنانية وواشنطن لن تعرقل تشكيل الحكومة

تؤكد أوساط سياسية في واشنطن أن العقوبات الأميركية «المحدودة» والمفاجئة باستهدافها وزيرين لبنانيين فقط، هما يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل، هي رسالة أولية من الإدارة الأميركية تجاه داعمي «حزب الله» في لبنان. وهذا ما أكده ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى الذي قال إن حزمة عقوبات جديدة ستصدر قريباً جداً، وستستهدف شخصيات لبنانية أخرى، واعداً بأن تسرع الإدارة الأميركية إجراءاتها الإدارية كي لا تأخذ وقتاً طويلاً. وتقول تلك الأوساط إن واشنطن لن تعرقل تشكيل حكومة لبنانية جديدة، على الرغم من أن ذلك في مصلحة «حزب الله» المحشور سياسياً. فالحزب يرغب في مواصلة الدور الذي تقوم به فرنسا؛ لأنه يطمع في عقد مقايضة سياسية تحصن موقعه في إدارة البلد مقابل تنازلات شكلية.
وتضيف أن عدم إدراج اسم الوزير جبران باسيل لم يكن بسبب عدم توفر الدلائل والمعطيات عن تورطه في علاقات مع «حزب الله» أو في صفقات الفساد والمحسوبيات؛ بل كان فرصة أخيرة لرئيس الجمهورية ميشال عون لاستدراك ما يمكن استدراكه. لكن تلك الأوساط تعبر عن أسفها ويأسها من احتمال أن يغير «التيار العوني» موقفه بين ليلة وضحاها؛ خصوصاً أن ملفاته مع «حزب الله» كبيرة.
وترى تلك الأوساط أن استهداف «حركة أمل» و«تيار المردة»، هو مقدمة لاستهداف كل شخصيات الطبقة السياسية اللبنانية. فالفساد «جامع مشترك فيما بينها، في حين أن مصلحة الشعب اللبناني ليست على أجندته». وما استخدام وزارة الخزانة الأميركية في بيانها الثلاثاء لشعار «كلن يعني كلن» إلا دلالة على جدية الولايات المتحدة في استكمال ضغوطها على «حزب الله» والمتعاملين معه، وأنها لم تعد في وارد التمييز بينهم، بعدما تبين أن التمايز ليس سوى خطأ وهمي، في ظل تداخل عمليات التهريب وتبييض الأموال وتوقيع الصفقات المشبوهة، واستخدام الأدوات الحكومية للتغطية على نشاط الحزب.
وتضيف أن إصدار العقوبات تحت بند مكافحة الإرهاب يوجه ضربة كبيرة ليس فقط للوزيرين السابقين؛ بل لكل المتورطين في سرقة وتهريب أموال اللبنانيين إلى الخارج. فتصنيف «الإرهاب» سيؤدي إلى حرمان هؤلاء الأشخاص من سحب أو نقل أو التصرف بأموالهم؛ خصوصاً خارج لبنان. ويفتح الطريق أمام استدعاءات قضائية لكل ذي مصلحة في طلب استرداد الأموال التي هربت خارج لبنان، وتسببت في أكبر أزمة نقدية فيه. وتثق تلك الأوساط بأن العقوبات الجديدة قادمة فعلاً على شخصيات أخرى تحت بند «محاربة الإرهاب» نفسه، ما سيؤدي إلى تعطيل قدرتهم على التصرف بأموالهم أيضاً.
وترى تلك الأوساط أن ما تقوم به واشنطن لن يتحول إلى أزمة مع باريس، رغم أن البعض يرى أن العقوبات تنهي «المبادرة الفرنسية» عملياً؛ لكن واشنطن ليست مضطرة للدخول في جدال دبلوماسي أو سياسي مع الفرنسيين، أو حتى لتفسير ما تقوم به. فالفرنسيون يعلمون حقيقة الموقف الأميركي من «حزب الله»، وواشنطن لا تميز بين جناحيه العسكري والسياسي. كما يعلمون موقفها من الطبقة السياسية اللبنانية. وعلى الرغم من ذلك لن تقوم واشنطن بعرقلة ما تقوم به فرنسا في لبنان، إذا كان سيساهم في تعزيز تقديم المساعدات الإنسانية للشعب اللبناني، وخصوصاً بعد تفجير مرفأ بيروت.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.