العقوبات الأميركية تدفع «الثنائي الشيعي» إلى التصلُّب في مطالبته بوزارة المالية

مدير الأمن العام في باريس موفداً من عون للقاء الفريق المعاون لماكرون

TT

العقوبات الأميركية تدفع «الثنائي الشيعي» إلى التصلُّب في مطالبته بوزارة المالية

قالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع إن اللقاء الذي عُقد أول من أمس، بين رئيس الجمهورية ميشال عون، وبين الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة السفير مصطفى أديب لم ينتهِ إلى تفاهم حول الإطار العام للحكومة. وعزت السبب إلى أن الأول يصر على أن تتشكّل الحكومة من 24 وزيراً أو 20 وزيراً كحلٍّ وسط، فيما يتمسك الثاني بموقفه بأن تتألف من 14 وزيراً بذريعة أنْ لا مبرر لوجود حكومة فضفاضة عددياً ما دامت هناك إمكانية لإلغاء عدد من الوزارات ودمج وزارات بأخرى.
وكشفت المصادر أن لقاء الرئيسين الذي استبق القرار الذي أصدرته وزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات على الوزيرين السابقين النائب علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، على خلفيات التفافهما على العقوبات المفروضة على «حزب الله»، انتهى إلى التوافق على مبدأ المداورة في الحقائب بين الطوائف بما فيها تلك السيادية، لكنه يصطدم بإصرار الثنائي الشيعي على التمسُّك بوزارة المالية لأنه يتيح للشيعة الاحتفاظ بالتوقيع الثالث على المراسيم والقرارات المالية إلى جانب رئيس الجمهورية والحكومة والوزراء المختصين.
ولفتت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الرئيسين يعدّان تمسُّك الثنائي الشيعي بوزارة المالية من شأنه أن يعيق تطبيق مبدأ المداورة، مع أن مصادر شيعية تقول إنه لا مشكلة في تطبيقها شرط عدم المس بطائفة الوزير الذي يُفترض أن يشغل وزارة المالية.
ورأت أن عدم الاتفاق على الإطار العام يعود إلى أن مصادر رئاسية تؤيد حق رئيس الجمهورية في تعيين عدد قليل من الوزراء لأنه من غير الجائز أن يكون وحيداً في مواجهة حكومة من اختصاصيين مستقلين، خصوصاً في حال انعقاد جلسات مجلس الوزراء برئاسة الرئيس أديب وبغياب عون أو من يمثله من الوزراء لتفادي إقحام الحكومة في مشكلة إذا قوبلت القرارات التي تصدر عنها بتحفُّظ رئيس الجمهورية.
وأكدت أن التباين بين الرئيسين من شأنه أن يعيق ولادة الحكومة الجديدة المتوقّعة في مهلة أقصاها الأحد المقبل، أي قبل يومين من المهلة التي حددها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لولادتها والتي يتبنّاها على بياض الرئيس أديب، إضافةً إلى إصرار الثنائي الشيعي حتى إشعار آخر على النأي بوزارة المالية عن المداورة في توزيع الحقائب.
وقالت إن الثنائي الشيعي كان قد أبدى مرونة لكنه قد يضطر في ضوء العقوبات الأميركية المفروضة على خليل وفنيانوس إلى التصلُّب بموقفه مع أن مصادره تؤكد أن ثبات هذا الثنائي على موقفه لا يجوز أن يُفسّر كأنه رد مباشر على العقوبات الأميركية.
ومع أن هذه العقوبات ما زالت قيد الدرس لدى الثنائي الشيعي وتحديداً رئيس المجلس النيابي نبيه بري لأنها طاولت معاونه السياسي النائب خليل الذي يمثّله في اللقاءات التي تُعقد بعيداً عن الأضواء والتي يراد منها الإسراع في تهيئة الظروف لولادة الحكومة لأنه ليس هناك من يريد مشكلة سياسية مع ماكرون الذي كان قد هدّد بفرض عقوبات أوروبية على من يعيق تنفيذ المبادرة الفرنسية بكل بنودها، خصوصاً أنها تشكّل الإطار العام لمسودة البيان الوزاري للحكومة الذي يبقى محصوراً بشقه الإصلاحي لإنقاذ البلد ووقف انهياره مالياً واقتصادياً.
وبالنسبة إلى العقوبات الأميركية، فإن ردود الفعل عليها وإن كانت ما زالت إلى حد كبير مكتومة، لكنها لم تمنع بروز معالم أولى للتباين في قراءتها وتتأرجح هذه القراءة بين رأي يقول إنها تؤخّر ولادة الحكومة وإن واشنطن لم تكن مضطرة للإفراج عنها بالتزامن مع دعمها لمبادرة ماكرون، وبالتالي كأنها أرادت أن ترميها في وجهه، وبين رأي آخر يستبعد أن تدفع باتجاه عرقلة المساعي الرامية إلى تشكيل الحكومة ويؤكد أنها ستضع عملية التأليف على نار حامية.
وفي هذا السياق، رأت المصادر السياسية أن العقوبات لم تشكّل صدمة لماكرون الذي كان قد أُعلم بها، ولو من دون إحاطته بتفاصيلها، وعزت السبب إلى أن مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر، وصل إلى بيروت قبل أن يغادر ماكرون إلى بغداد، وبالتالي من غير الجائز أن لا يبلغه بموعد صدور العقوبات التي أُحيط بها لاحقاً عدد من النواب المستقيلين من البرلمان الذين التقاهم في مقر حزب «الكتائب» في بكفيا من دون أن يدخل في أسماء المشمولين بالعقوبات.
وكان عدد من النواب قد نقل عن شينكر أن العقوبات ستصدر الأسبوع الحالي وهذا ما حصل، وأنها لن تكون الأخيرة، وأن دفعة جديدة ستصدر، وأن مجرد تلويحه بها يعني أن الإدارة الأميركية تصر على توجيه رسائل لحلفاء «حزب الله» من خارج حركة «أمل» وتيار «المردة» كأنها تتطلع إلى الضغط عليهم لدفعهم إلى تحسين سلوكهم.
وعليه لا بد من رصد المواقف التي ستصدر تباعاً وتتعلق بردود الفعل وبعضها لن يتناغم مع العقوبات الأميركية، فيما علمت «الشرق الأوسط» أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، توجّه صباح أمس إلى باريس موفداً شخصياً من رئيس الجمهورية، في مهمة تتصل مباشرةً بالمشاورات الجارية حول تشكيل الحكومة في ظل التباين حول عدد الوزراء، إضافةً إلى استقراء الموقف الفرنسي من العقوبات الأميركية.
ويُفترض أن يلتقي إبراهيم الفريق المعاون لماكرون الذي يتولى مواكبة الاتصالات الفرنسية لتأمين ولادة طبيعية للحكومة، هذا في حال أنه لمس إصراراً على تزخيم المبادرة الفرنسية وعدم تشظّيها من التداعيات المترتبة على العقوبات من جهة، وضرورة تشكيل الحكومة ضمن المهلة التي حددها ماكرون من جهة أخرى، على أن ينقل وجهة نظر رئيس الجمهورية التي تميل إلى رفع عدد الوزراء في ضوء إصرار أديب على حكومة من 14 وزيراً.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.