قرر النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي البقاء في برشلونة، لكن بطريقة حزينة، فلم نرَ ابتسامة أو مصافحة أو مصالحة بينه وبين مسؤولي نادي برشلونة. لقد انتهى الأمر في الوقت الحالي فقط، لكن هذه القصة لم تنتهِ بشكل حقيقي، ولم يحصل أي طرف على ما يريد في حقيقة الأمر، بما في ذلك حتى رئيس النادي جوسيب ماريا بارتوميو، الذي ما زال يتشبث بالسلطة، لكن الشيء المؤكد هو أنه لن يترأس النادي مرة أخرى في ظل وجود أفضل لاعب في تاريخ النادي. ولا يمكن إعفاء بارتوميو من المسؤولية عن ذلك بكل تأكيد.
إنه لأمر سيئ للغاية أن يفكر ميسي في الرحيل عن برشلونة بعد 20 عاماً قضاها بين جدران النادي. ورغم تأجيل ذلك الأمر لمدة تسعة أشهر أخرى، فإن هذا لم يكن أسوأ ما في الأمر. لكن الأسوأ هو وصول الأمور إلى هذه النقطة التي جعلت النجم الأرجنتيني يفكر في الرحيل. ومن المؤكد أن المشكلة لم تُحل بإعلان ميسي بقاءه في النادي. لقد قال ميسي: «أردت أن أكون سعيداً، لكنني لم أجد السعادة في النادي».
ومن المؤكد أن الإبقاء على ميسي بالإكراه لن يجعله سعيداً على الإطلاق. كما أنه لم يتم التعامل مع هذه الأزمة بشكل جيد، سواء قبل اندلاعها أو أثناء حدوثها، ومن الواضح أيضاً أن المشكلة ستستمر لما هو أبعد من ذلك. لقد أعلن ميسي أنه سيبقى في النادي الذي «يحبه»، لكن لم يكن هناك صفقة جديدة بينه وبين النادي ولا وعود بالاستمرار لفترة أطول بعد انتهاء عقده الحالي.
وبدلاً من ذلك، كان من الواضح للجميع أن ميسي حزين للغاية أثناء الحوار الذي ظهر فيه، والذي لم يجرِه مع قناة النادي وإنما مع موقع «جول». وبعد ساعات من نشر هذا الحوار، لم يكن الموقع الرسمي لنادي برشلونة على شبكة الإنترنت قد نشر أي شيء عنه! كان من المفترض أن تكون هذه أخبار سعيدة للنادي، لكن موقع النادي تعامل مع الأمر كأن شيئاً لم يحدث!
لقد تحدث ميسي بصراحة كبيرة، ورفض التغطية على السلبيات الموجودة في النادي، ورفض تصوير الأمر على أن كل شيء على ما يرام وأنه قد تم حل الخلافات بينه وبين النادي. كان من الممكن أن يتراجع ميسي عن موقفه، وأن يقول إنه شعر بالتضارب والارتباك، وأن يطلب نسيان هذه القصة المؤسفة بأكملها، أو أن يحاول بناء جسور من الثقة مرة أخرى مع برشلونة، لكنه لم يفعل ذلك. كان يمكن أن يقول إن ما حدث هو لحظة من لحظات الجنون، لكنه لم يفعل ذلك أيضاً.
لقد اعترف ميسي بأنه يريد الرحيل عن برشلونة، واتهم بارتوميو بعدم الالتزام بالاتفاق معه على السماح له بالرحيل. وقال النجم الأرجنتيني إنه كان يخبر بارتوميو بذلك طوال العام، وإنه فكر في الأمر بعناية ورأى أن الوقت قد حان للرحيل. كان بإمكانه أن يقول إنه يريد أن يفيد النادي ويساعده من الناحية المالية، لكنه لم يفعل ذلك أيضاً، وأصر على أنه من حقه إلغاء عقده والرحيل مجاناً. وكان هناك شيء واحد فقط منعه من الرحيل، وهو خطر أن يقف أمام برشلونة في ساحات المحاكم.
إن كل ما أراد ميسي أن يتجنبه هو الدخول في نزاعات قضائية مع برشلونة، لكنه لم يتراجع عن معركته مع رئيس النادي الذي حمله مسؤولية وصول الأمور إلى هذه الدرجة من السوء. وفي اليوم الذي أعلن فيه ميسي استمراره مع النادي، أصدر والده بياناً يؤكد فيه حق ميسي القانوني في الرحيل مجاناً. صحيح أن ميسي تكلم خلال الحوار الذي أجراه عن حبه للنادي وعن بكاء أطفاله عندما علموا بأنه يريد الرحيل، لكنه لم يسمح باستغلال تلك الأمور لحماية رئيس النادي أو للتظاهر بأنه يرحب بما آلت إليه الأمور.
وفي الحقيقة، يتفق الكثيرون مع موقف ميسي، وكانوا يفضلون رحيله من أجل مصلحة هذا اللاعب الفذ، وليس مصلحتهم الشخصية، وكانت هناك ظاهرة غريبة تتمثل في أن الذين يساندونه يطالبون برحيله، في حين أن الذين انقلبوا عليه يطالبون ببقائه! لقد شعر أنصاره بالحزن والإحباط، لكنهم رأوا أنه كان لديه الحق في الرحيل وأن مسؤولي النادي لم يلتزموا باتفاقهم معه.
لقد قرر ميسي البقاء، وهو الشيء الذي يجب أن يشعر جمهور برشلونة بالسعادة من أجله، لكن لم ينتَبهم هذا الشعور في حقيقة الأمر، للعديد من الأسباب؛ من بينها أن النجم الأرجنتيني لن يكون سعيداً. وفي بعض الأحيان عندما يقرر بعض اللاعبين الرحيل عن أنديتهم فإنهم يتسببون في انهيار العلاقة بين الطرفين، لكن ميسي دمر هذه العلاقة عندما قرر البقاء، وعندما تحدث بكل صراحة وصدق عن الانقسامات الحادة الموجودة في النادي.
ولكي ندرك ذلك، يتعين علينا أن نقرأ هذه السطور جيداً التي قال فيها ميسي: «سأبقى لأن رئيس النادي قال إن السبيل الوحيدة للرحيل هو دفع مبلغ 700 مليون يورو، وهو أمر مستحيل، وكان الحل الآخر هو الذهاب إلى المحكمة». وأضاف: «لفترة طويلة الآن، لم يكن هناك مشروع أو أي شيء داخل النادي. إنهم يؤدون عملاً غير واضح، ويسدّون الثقوب ومواطن الخلل فقط».
وأضاف ميسي: «كنت بحاجة إلى الرحيل، وكان النادي بحاجة لذلك، وكان هذا هو الحل الأفضل للجميع». لكن بارتوميو لم يكن قادراً على السماح له بالرحيل، ولم يكن بإمكانه حقاً إجباره على البقاء، لكنه فعل ذلك في نهاية المطاف.
وبعدما باءت محاولات الساحر الأرجنتيني ميسي للرحيل بالفشل وإجباره على البقاء، فإن من المحتمل أن يحصل على وداع مناسب من الفريق. يستحق ميسي ختاماً مناسباً بعد حقبة رائعة قضاها داخل جدران برشلونة، شهدت تتويجه بعشرة ألقاب للدوري الإسباني وستة ألقاب في كأس ملك إسبانيا وأربعة ألقاب بدوري أبطال أوروبا، من بين ألقاب أخرى.
واستعانت إدارة النادي بالمدرب الهولندي رونالد كومان لإحداث ثورة في الفريق بعد الانهيار الذي عانى منه تحت قيادة مدربه المقال كيكي سيتين، الذي أخفق برشلونة تحت قيادته في الاحتفاظ بلقب الدوري الإسباني، الذي توج به الغريم التقليدي ريال مدريد. وسيشكل ميسي الآن جزءاً من عملية إعادة بناء الفريق حتى لو بلغ سن 33 عاماً في نهاية مسيرته مع برشلونة، وربما يقنعه رئيس جديد بالبقاء مع إجراء انتخابات رئاسة النادي المقرر إجراؤها في مارس (آذار) القادم، ولكن اعتباراً من يناير (كانون الثاني) القادم، يتمتع ميسي بحرية التفاوض على الانتقال إلى أي نادٍ آخر، مع انتهاء عقده في يونيو (حزيران) 2021.
وعاد ميسي إلى التدريبات. وقال النجم الأرجنتيني عن ذلك: «الحقيقة هي أنني لا أعرف ماذا سيحدث الآن. هناك مدير فني جديد، وفكرة جديدة. لكنني سأبذل قصارى جهدي». وسيكون في انتظاره زملاؤه الذين التزموا الصمت، والمدير الفني الجديد للفريق، رونالد كومان، الذي قال: «أريد فقط اللاعبين الذين يريدون الوجود هنا وتقديم كل شيء». ولم يتظاهر ميسي بأن كل شيء أصبح على ما يرام، ومن المؤكد أن الأمور لن تعود إلى ما كانت عليه أبداً.
إن إجبار ميسي على البقاء رغماً عنه هو مجرد ثقب آخر تتم تغطيته، لكنه على الأقل يحصل على فرصة توديع مناسبة، خصوصاً إذا تم السماح للجماهير بالعودة إلى الملاعب في وقت ما خلال الموسم المقبل.
7:49 دقيقة
العلاقة بين ميسي وبرشلونة لن تعود كما كانت
https://aawsat.com/home/article/2496331/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%85%D9%8A%D8%B3%D9%8A-%D9%88%D8%A8%D8%B1%D8%B4%D9%84%D9%88%D9%86%D8%A9-%D9%84%D9%86-%D8%AA%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D9%83%D9%85%D8%A7-%D9%83%D8%A7%D9%86%D8%AA
العلاقة بين ميسي وبرشلونة لن تعود كما كانت
لا يوجد فائزون في المعركة بعد تصريح اللاعب أنه سيبقى فقط لتجنب مواجهة فريقه في المحاكم
- لندن: سيد لوي
- لندن: سيد لوي
العلاقة بين ميسي وبرشلونة لن تعود كما كانت
مواضيع
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة