أظهرت «الفئران القوية» المُعدلة وراثيًا والتي كانت جزءًا من تجربة صحية في محطة الفضاء الدولية أن حجب مسار الإشارات الجزيئية يمكن أن يحمي من فقدان كثافة العضلات والعظام في حالة عدم وجود الجاذبية.
وكشفت الدراسة الجديدة أيضًا أن هذا العلاج شجع على استعادة كتلة العضلات والعظام بمجرد عودة الفئران إلى الأرض، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
وتعتبر النتائج واعدة للباحثين لأنه يمكن استخدامها لتطوير علاجات قد تساعد رواد الفضاء في التخفيف من فقدان العضلات ومشاكل العظام التي يعانون منها أثناء رحلات الفضاء طويلة المدى.
ويمكن أيضًا استخدام استهداف هذا المسار لمساعدة الأشخاص على الأرض الذين يعانون من فقدان العضلات والعظام بسبب حالات مختلفة مثل الحثل العضلي وهشاشة العظام والأمراض التي تسبب هزال العضلات مثل السرطان وأمراض القلب والإنتان والإيدز.
وضمت الدراسة رواد فضاء وكالة «ناسا» درو مورغان وكريستينا كوخ وجيسيكا مي، الذين شاركوا في التجربة أثناء وجودها في المحطة الفضائية، كمؤلفين وباحثين في الدراسة.
*فئران في الفضاء
تم التلاعب جينيًا بالفئران الإناث الأربعين، التي قدمها مختبر جاكسون في ولاية ماين، بهدف نمو العضلات في تجربة لفهم كيفية تأثير انعدام الجاذبية على جسم الإنسان بشكل أفضل.
وأطلقت الفئران إلى المحطة الفضائية في ديسمبر (كانون الأول)، وعادوا في كبسولة «سبيس إكس دراغون» في 7 يناير (كانون الثاني) إلى المحيط الهادئ.
وتُعتبر مركبات الشحن «سيبس إكس» فريدة من نوعها من حيث قدرتها على جلب مواد وتجارب جديدة إلى المحطة الفضائية والعودة إلى الأرض بعد 30 يومًا. وقال مورغان، الذي يعمل أيضًا كطبيب طوارئ في الجيش الأميركي، إن هذا يعني أنه يمكن إعادة العينات إلى الأرض في الوقت المناسب، مما مكن الفئران الحية من العودة إلى الأرض.
وهذه الفئران هي مجرد واحدة من مجموعات عديدة من القوارض التي وصلت إلى محطة الفضاء على مر السنين بهدف إجراء أبحاث.
وأُطلق على التجربة اسم «رودينت رسيسرش 19»، واستخدمت لدراسة كل من «ميوستاتين» و«أكتيفين»، وهما مسارات الإشارات الجزيئية التي يمكن أن تؤثر على كثافة العظام وكتلة العضلات والهيكل العظمي وتنظمهما، وفقًا لوكالة «ناسا».
ويعتقد الباحثون أن هذه المسارات يمكن أن تكون أهدافًا لمنع فقدان العضلات والعظام أثناء المهمات والمساعدة في جهود التعافي بمجرد عودة رواد الفضاء إلى الأرض.
وأثناء وجودها في المحطة الفضائية، عولجت بعض الفئران بعامل، وهو مستقبل «إيه سي في آر تو بي»، والذي قام بالفعل بسد المسارات لمعرفة كيف أثر ذلك على فقدان العظام والعضلات. من المعروف أيضًا أن سد هذه المسارات يحفز نمو العضلات والعظام.
ونظرًا لأن بعض هذه الفئران تم تصميمها وراثيًا لتفتقر إلى الميوستاتين، فقد كان لديها ضعف متوسط كتلة العضلات - ومن ثم أطلق عليها لقب «الفئران القوية».
وتمت مقارنة الفئران التي وصلت إلى المحطة الفضائية بمجموعة تحكم مكونة من 40 أنثى من الفئران التي بقيت على الأرض.
والفئران الموجودة في الفضاء وعلى الأرض التي تلقت العلاج بالمستقبلات حافظت إلى حد كبير على كتلة عضلاتها وعظامها وزادتها مقارنة بالفئران غير المعالجة. وفي الوقت نفسه، عانت الفئران غير المعالجة من خسارة كبيرة في كتلة العضلات والعظام.
وبعد العودة إلى الأرض، أظهرت الفئران التي تلقت العلاج بالمستقبلات أيضًا تعافيًا معززًا لكتلة العضلات. وتمت مقارنة هذه النتائج مع الفئران التي لم يتم إعطاؤها العلاج عند العودة إلى الأرض.
وقال مؤلفا الدراسة سي جين لي وإيميلي جيرمين-لي: «الفئران التي برز لديها كمية مفرطة من العضلات نتيجة لوجود طفرة في جين الميوستاتين كانت قادرة على الاحتفاظ بمعظم، إن لم يكن كل، تلك العضلات الإضافية أثناء رحلات الفضاء».
ويمارس رواد الفضاء في المحطة الفضائية الرياضة كل يوم للتخفيف من فقدان العضلات والعظام، لكن تجارب كهذه يمكن أن تساعد العلماء على فهم كيفية حدوث الخسارة وإنشاء طرق أفضل لإدارتها.
وقد لا تكون الإجراءات المضادة التي يستخدمها رواد الفضاء، والتي تشمل ساعتين من التدريب على المقاومة وتمارين القلب والأوعية الدموية، ممكنة دائمًا أثناء رحلات الفضاء طويلة المدى.
وقال مورغان: «إن إمكانية العلاج بالعقاقير التي يمكن أن تمنع فقدان العظام والعضلات تظهر الكثير من الأمل في الرحلات الفضائية طويلة الأمد».