مقاضاة وزير جزائري وصف معارضين بـ«عملاء الاستعمار»

مظاهرة في العاصمة للمطالبة بالإفراج عن الصحافي درارني

جانب من المظاهرة التي نظمها إعلاميون أمس وسط العاصمة الجزائرية للمطالبة بالإفراج عن الصحافي خالد درارني (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرة التي نظمها إعلاميون أمس وسط العاصمة الجزائرية للمطالبة بالإفراج عن الصحافي خالد درارني (أ.ف.ب)
TT

مقاضاة وزير جزائري وصف معارضين بـ«عملاء الاستعمار»

جانب من المظاهرة التي نظمها إعلاميون أمس وسط العاصمة الجزائرية للمطالبة بالإفراج عن الصحافي خالد درارني (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرة التي نظمها إعلاميون أمس وسط العاصمة الجزائرية للمطالبة بالإفراج عن الصحافي خالد درارني (أ.ف.ب)

بينما أعلن محامون وناشطون بالجزائر متابعة وزير التجارة بسبب نشره شعارا اعتبر مسيئا لمعارضين ولشهداء ثورة التحرير، نظم صحافيون أمس مظاهرة بالعاصمة للمطالبة بإطلاق سراح خالد درارني، مراقب «مراسلون بلا حدود»، الذي ستنظر اليوم محكمة الاستئناف في قضيته. علما بأن المحكمة الابتدائية أدانت درارني بثلاث سنوات سجنا نافذا.
وذكر المحامي المعروف مقران آيت العربي، في بيان أمس، أن وزير التجارة كمال رزيق نشر على حسابه بـ«فيسبوك»، بأن «من لم يشاهد في حياته (الحركى) فلينظر إلى هذه الوجوه العفنة، التي تمثل أبناء الحركى». و«الحركى» لقب يطلق على مئات الجزائريين الذين تعاونوا مع الاستعمار ضد ثورة الاستقلال، ومن عاش منهم ظل منبوذا رغم مرور 58 سنة على رحيل الاستعمار، وأغلبهم يعيش في فرنسا حاليا، في حين بقي بعضهم في الجزائر.
وأكد آيت العربي أن الوزير أرفق منشوره بصور خمسة محامين وناشطين معارضين معروفين، وهم مصطفى بوشاشي الذي كان يوصف بـ«أيقونة الحراك الشعبي»، وزبيدة عسول وكريم طابو وسمير بلعربي إضافة إلى صورته هو. مشيرا إلى أن «والدي ووالد مصطفى بوشاشي من شهداء الثورة التحريرية الذين ضحوا بكل ما يملكون، بدءا بحياتهم. وآباء زبيدة عسول وكريم طابو وسمير بلعربي لم يكونوا حركى كما وصفهم الوزير». وأضاف محتجا «من حق الوزير، باعتباره يساند النظام، أن ينتقدنا لأننا نمثل المعارضة الفعلية، التي أثبتها كل واحد منا في مسيرته النضالية. ولكن ليس من حق أحد أن يصف شهداء الثورة التحريرية، الذين استشهدوا لتبقى الجزائر خالدة، بالحركى... وفيما يخصنا، سنتخذ بعد التشاور موقفا جماعيا في إطار القانون ضد هذا الشخص». في إشارة إلى إيداع شكوى ضده في القضاء.
وعرف رزيق قبل أن يصبح وزيرا بحدة معارضته لأعضاء بـ«الحراك الشعبي» بذريعة أن «جهة خارجية تحركهم، وتستهدف مصالح الجزائر». وحتى بعد أن التحق بالحكومة إثر انتخابات الرئاسة، التي جرت نهاية العام الماضي، بقي على نفس الموقف.
إلى ذلك، نظم أمس عشرات الصحافيين مظاهرة بـ«دار الصحافة» بالعاصمة، وذلك للأسبوع الثالث للمطالبة بإطلاق سراح الصحافي درارني. وارتدى بعض المتظاهرين قميصا عليه صورة مراقب «مراسلون بلا حدود» ومراسل الفضائية الفرنسية «موند 5»، مرددين شعارات منددة بسجنه.
واتهم درارني بـ«المس بالوحدة الوطنية» و«التحريض على مظاهرات غير مرخصة». وقد اعتقل في مارس (آذار) الماضي خلال احتجاج في الشارع ضد السلطة، رفقة الناشطين سمير بلعربي وسليمان حميطوس، المتابعين هما أيضا. وبعد استئناف الحكم الابتدائي سينظر القضاء في القضية اليوم.
وقالت «لجنة الإفراج عن الصحافي خالد درارني»، في وقت سابق، إنه «يقدم كل الضمانات من أجل المثول أمام المحكمة وهو حرّ، فقد توجه بشكل طوعي للشرطة في مارس الماضي عندما تم إلغاء الرقابة القضائية في حقه وإيداعه الحبس المؤقت من طرف غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف». وأكدت على أن المحاكمة المرتقبة اليوم «يجب أن تعيد الاعتبار له، وتبرئته من جميع التهم والمتهمين الآخرين». كما أكدت أن «الصحافة ليست جريمة، والحكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات على خالد درارني بسبب عمله هو سابقة خطيرة للغاية، تقرب الجزائر قليلاً من الممارسات الستالينية ضد الحريات وحرية الصحافة على وجه الخصوص».
وأثناء محاكمته الأولى، سألت القاضية الصحافي عن سفرياته إلى فرنسا وعن تحويلات مالية كانت تصله من قناة «موند 5»، نظير تعاونه معها بالأخبار. وقد أثارت هذه الأسئلة استغراب المحامين والناشطين الذين حضروا المحاكمة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».