الجدل في العراق حول قانون الانتخابات يهدد إمكانية إجرائها

بسبب بطاقة الناخب وتقسيم الدوائر

TT

الجدل في العراق حول قانون الانتخابات يهدد إمكانية إجرائها

حين صوّت البرلمان العراقي تحت وطأة المظاهرات الكبرى خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي على قانون الانتخابات، رغم انسحاب الكرد، لم يكن يدور في خلد النواب المتعاطفين مع المتظاهرين أو المضطرين منهم للانحناء أمام تلك الموجة أن شيطان التفاصيل لم تكن تهمه الكليات في ذلك القانون والتي تكاد تتلخص في عبارة واحدة هي «الانتخابات المبكرة». وحين صوّت البرلمان أواخر ذلك الشهر من ذلك العام على استقالة حكومة عادل عبد المهدي لم يكن يدور في خلد أي من أعضائه أو زعماء كتله أن البحث عن بديل سوف يستمر 5 أشهر ونصف الشهر. واليوم وبعد يومين من استئناف البرلمان جلساته من أجل مناقشة ما عرف بـ«ملحق قانون الانتخابات» بهدف إقراره وإرساله إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه، بدا أن المشكلات الرئيسية التي يتسلل إليها شيطان التفاصيل لا تكمن في القانون؛ بل في ملاحقه التي حملت كل إشكالات وأمراض العملية السياسية، وملخصها، طبقاً للنقاشات الدائرة، هو بطاقة الناخب البايومترية بدلاً من الإلكترونية، والدوائر المتعددة بدلاً من الدائرة الواحدة. المفارقة اللافتة أن بطاقة الناخب البايومترية التي يرون أنها الضمانة الوحيدة التي يمكن أن تقلل من عمليات التزوير واسعة النطاق وحدت كتلاً مختلفة على كل شيء، مثل «جبهة الإنقاذ والتنمية» بزعامة أسامة النجيفي، و«ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي. «جبهة» النجيفي أكدت في بيان أنه «ليس من سبيل لذلك سوى إجراء انتخابات حرة ونزيهة وفقاً لقانون انتخابي حقيقي وبأيدي مفوضية تتمتع بالحرفية والحيادية تحت إشراف ومساعدة بعثة (يونامي)، (الأممية)، والمنظمات الدولية المتخصصة بالانتخابات». وأضافت أنه لكي يتم وضع حد لعمليات التزوير، فقد بات من الضروري «إقرار استخدام البطاقة البايومترية حصراً وإلغاء البطاقة الإلكترونية القديمة، ليتم وضع حد لعمليات التزوير والتلاعب التي شوهت نتائج الانتخابات السابقة وطعنت بمصداقيتها محلياً ودولياً، فضلاً عن إقرار ترسيم الدوائر الانتخابية بعيداً عن ضغوط الجهات المتنفذة واستجابة لطلبات أبناء شعبنا من المتظاهرين، وكذلك إقرار قانون المحكمة الاتحادية، لتكتمل مستلزمات إجراء الانتخابات كافة والمصادقة على نتائجها».
من جهتها؛ أكدت عضو البرلمان العراقي عن «ائتلاف دولة القانون» انتصار الغريباوي أن أي محاولة لإبعاد النظام البايومتري عن الانتخابات ستؤدي إلى مصادرة إرادة الناخبين في العراق. وعدّت الغريباوي هذا النظام أمراً بالغ الأهمية، مضيفة: «نشدد على مفوضية الانتخابات في هذا الإطار، خصوصاً مع وجود قوى متنفذة تحاول الالتفاف على هذا الأمر من أجل تحقيق مصالح معينة».
الرئيس الأسبق للدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات عادل اللامي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «التسجيل البايومتري ضروري وأكثر أماناً من البطاقة الإلكترونية التي لا تحتوي على عناصر أمان مثل بصمات الأصابع وبصمة العين والصورة الشخصية للناخب، حيث تم بيع هذه الأخيرة إلى مرشحين استخدموها نيابة عن أصحابها». ورداً على سؤال بشأن الجدل حول الدوائر المتعددة، يقول اللامي إن «جدل الدوائر المتعددة يعود إلى أن معظم الكتل القابضة التقليدية تريد المحافظة على الدائرة الانتخابية الواحدة، والحراك الشعبي يريد دوائر مفردة بعدد مقاعد مجلس النواب»، مبيناً: «يوجد الآن شبه اتفاق بين الكتل على تقسيم المحافظة إلى دوائر عدة حسب نفوس المحافظة، وخطورة هذا التقسيم هو أن يكون تقسيماً طائفياً كما في بغداد والبصرة، أو تقسيماً إثنياً كما في كركرك والموصل، أو تقسيماً على أساس مناطق نفوذ الأحزاب كما في كردستان».
أما التركمان، وعلى لسان نائب رئيس «الجبهة التركمانية»، حسن توران، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإنهم «مع الدائرة الواحدة لكل محافظة؛ لأننا نراها الأفضل لعدم تشتت صوت المكون، وكذلك لدينا خشية من أن يتم تقسيم الدوائر بناء على مصالح الكتل وليست على معايير إدارية أو سكانية». وأضاف توران أن «بعض الكتل تتخوف من تقسيم الدوائر لأنها غير مطمئنة إلى معايير تقسيم الدوائر». وأوضح: «إننا ندعم وبقوة أن تقتصر المشاركة في الانتخابات على حملة بطاقة الناخب البايومترية المحدثة؛ لأن القديمة عرضة للتزوير، كما أنه يمكن شراؤها من قبل البعض بهدف تزوير الانتخابات».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.