ليبرمان والمتدينون اليهود يتمردون على إجراءات «كورونا»

TT

ليبرمان والمتدينون اليهود يتمردون على إجراءات «كورونا»

تحولت قضية مكافحة «كورونا» في إسرائيل والتعاطي مع تعليمات وزارة الصحة بفرض العزل التام على المناطق المنكوبة بالفايروس، إلى قضية سياسية وحزبية. فأعلن قادة الأحزاب الدينية ورؤساء البلديات اليهودية المتدينة والبلديات العربية التمرد على قرارات الحكومة. وانضم إليهم رئيس حزب اليهود الروس، أفيغدور ليبرمان، فدعا هو أيضاً إلى التمرد؛ كون قرارات الحكومة متناقضة، واتهم رئيس الوزاري، بنيامين نتنياهو، بالرضوخ إلى حلفائه السياسيين وتغليب مصالحه الحزبية على صحة الجمهور. بينما تراجع نتنياهو عن التعليمات المقررة. وباشر حواراً لإرضاء المتمردين، خصوصاً المتدينين اليهود.
وجاءت هذه العاصفة إثر قرار طاقم مكافحة «كورونا» الرسمي، بقيادة البروفسور روني جمزو، تفعيل سياسة «الشارات الضوئية»، الذي تم بموجبه تقسيم البلدات الإسرائيلية إلى ألوان عدة: أخضر، للمنطقة الخالية من الإصابة، وأصفر للمنطقة التي توجد فيها إصابات قليلة، وبرتقالية، التي توجد فيها نسبة عالية من الإصابة ولكنها تسيطر على الوضع، وأحمر، للمنطقة التي فلتت فيها الأمور ووقعت فيها إصابات كثيرة، وأحمر قانٍ للمناطق التي توجد فيها نسبة إصابات ووفيات عالية وأخطار كبيرة.
وتبين من هذا التقسيم، أن هناك نحو 40 بلدة مصنفة بالحمراء وتقرر فرض إغلاق عليها. ووافق نتنياهو على الخطة وترأس جلسة لطاقم «كورونا» على مستوى الوزراء. وقد اتضح أن غالبية هذه البلدات يهودية متدينة أو عربية. فهبّ رؤساء البلديات يعارضون هذا التقسيم واعتبروه عنصرياً. وهدّد المتدينون نتنياهو بالرضوخ إلى «أعداء الدين الذين لا يهمهم أن نؤدي فرض الصلوات». وهدّدوا بالتوقف عن التحالف مع نتنياهو في تكتل اليمين. وقال رئيس حزب «شاس» لليهود الشرقيين، وزير الداخلية أريه درعي، إن فرض الإغلاق على هذه البلدات غير ضروري، وهو مجرد استضعاف للناس الفقراء من اليهود المتدينين والعرب. وأكد أن جمهوره سيتمرد على القرار وسيؤدي صلوات الأعياد اليهودية التي ستبدأ بعد عشرة أيام. وكشف درعي، عن أن الطاقم المهني لمكافحة «كورونا» سوف يفرض إغلاقاً على كل إسرائيل في مرحلة ما، باعتراف معظم العلماء. وصاح «فلماذا تجرون إغلاقاً جزئياً الآن؟». وأعلن رئيس كتلة «يهدوت هتوراة» للأحزاب الدينية الاشكنازية، يعقوب ليتسمان، أن جمهوره قرر التمرد، وحذر نتنياهو من فك الشراكة معه إذا لم يلغ الإغلاق.
وفي ضوء هذه التهديدات، أوقف نتنياهو الإجراءات وقلّص حجم الإغلاق إلى الحد الأدنى، من الثامنة ليلاً حتى الخامسة فجراً. ولكن هذا أيضاً لم يرضهم. فقرر تأجيل فرض الإجراءات إلى حين يحصل تفاهم. واعتبر ليبرمان هذا التراجع رضوخاً للمتدينين المتشددين. وقال إن نتنياهو سيفرض الإغلاق على إسرائيل كلها فقط لكي يرضي حلفاءه المتدينين، ويضرب عرض الحائط الأوضاع الاقتصادية. ولذلك؛ دعا الجمهور الواسع إلى التمرد على قرارات الحكومة وإجبارها على العودة إلى السياسة الصحيحة، بفرض الإغلاق فقط على البلدات الحمراء التي لم يلتزم سكانها بالتعليمات فانتشرت بينهم الفيروسات بشكل كبير.
وقال رئيس حزب ميرتس المعارض، نيتسان هوروفتش، إن نتنياهو لا يتصرف كرئيس حكومة بل كخرقة، بلا عمود فقري. كل من يريد يستطيع الضغط عليه.
وفي نهاية المطاف، قرّرت الحكومة الإسرائيليّة تأجيل الإغلاق الليلي الشامل الذي كان مقرّراً أمس (الاثنين)، إلى مساء اليوم (الثلاثاء)، وإلغاء قائمة البلدات التي سيشملها الإغلاق وإعداد قائمة ثانية. وقالت وزارة الصحة، إن المشاورات متواصلة مع رؤساء السلطات المحلية التي سيشملها قرار الإغلاق الليلي.
وحددت الوزارة القيود الجديدة التي ستفرضها، على النحو التالي: • تقييد الحركة حتى 500 متر من مكان السكن من السابعة مساءً حتى الخامسة فجراً، •إغلاق المؤسسات التعليمية باستثناء التعليم الخاص، •إغلاق المصالح التجارية باستثناء «الحيوية» (محال بيع المنتجات الغذائية والصيدليات) خلال فترة الإغلاق الليلي. • منع التجمهر لأكثر من 20 شخصاً في أماكن مفتوحة و10 أشخاص في أماكن مغلقة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.