ترتيبات لاجتماع فلسطيني في موسكو

انتقادات في روسيا لبيان الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية

TT

ترتيبات لاجتماع فلسطيني في موسكو

راوح الموقف الروسي حيال نتائج اجتماعات القيادة الفلسطينية أخيراً، بين ترحيب رسمي حذر ببعض ما ورد في البيان الفلسطيني الختامي، وتجديد الدعوة للفصائل الفلسطينية لاستكمال نقاشاتها في العاصمة الروسية. وعلمت «الشرق الأوسط»، أن ترتيبات تجري حالياً لعقد اجتماع جديد للفصائل الفلسطينية في العاصمة الروسية أواخر الشهر الحالي.
وكان اللافت في الموقف الروسي، بروز تعليقات ومقالات لشخصيات بعضها قريب من الدوائر الرسمية الروسية، وجهت انتقادات لاذعة لنتائج اجتماعات الأمناء العامين للفصائل والبيان الختامي الذي صدر في ختام أعمالهم. وواكبت الخارجية الروسية التطورات الداخلية الفلسطينية بشكل حثيث، وفي اليوم التالي بعد الاجتماعات الفلسطينية، استقبل نائب الوزير ميخائيل بوغدانوف سفير فلسطين لدى روسيا عبد الحفيظ نوفل، كما تلقى اتصالات هاتفية من عدد من ممثلي الفصائل والقياديين الفلسطينيين. كما أصدرت الوزارة بياناً لفت إلى أن «العنصر الأساسي في الاتفاقات الفلسطينية هو التأكيد على عدم وجود بديل لحل الدولتين، وكذلك رفض أي خطوات أحادية الجانب». ولفت البيان إلى تأييد موسكو «الإشارة الواردة (في بيان الفصائل)، إلى أن مفتاح الحل الناجح والنهائي للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، هو عملية سلام يقودها وينفذها الطرفان بأنفسهما». وجددت الخارجية التأكيد على «أهمية إعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية سريعاً في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، شرطاً أساسياً لبدء المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية المباشرة». وزاد البيان «تماشياً مع جهودنا للمساعدة في التغلب على الانقسام الفلسطيني، ومن أجل ترسيخ الاتجاه الإيجابي الناشئ، نعيد تأكيد استعدادنا لتنظيم اجتماع جديد للفصائل الفلسطينية في موسكو».
وحمل هذا العرض قناعة روسية بأن لقاء الأمناء العامين للفصائل، ليس كافياً لإنهاء الانقسام، وإطلاق مرحلة جديدة، وهو أمر تكرس من خلال تكرار الدعوة الروسية أكثر من مرة خلال الفترة الأخيرة. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الأطراف الفلسطينية أبدت استعداداً لتلبية الدعوة الروسية، وأن ترتيبات تجري حالياً لعقد اجتماع جديد للفصائل الفلسطينية في العاصمة الروسية أواخر الشهر الحالي.
في غضون ذلك، برزت تعليقات ومقالات في وسائل الإعلام شككت بـ«قدرة الفلسطينيين على تجاوز الوضع الراهن، بالآليات ذاتها التي تعاملوا بها سابقاً».
وكان لافتاً أن واحدة من هذه المقالات كتبها الدبلوماسي السابق القريب من وزارة الخارجية الروسية، رامي الشاعر، وحملت انتقادات قوية للإدارة الفلسطينية لإدارة الفلسطينية لملف المصالحة. وقال فيها، إن اجتماع الأمناء العامين للفصائل لا يدعو للتفاؤل؛ «لأنهم، وخلال عام ونصف العام مضت، لم يستغلوا فرصة مبادرتين طرحتهما موسكو لاستضافتهم من أجل تجاوز الخلافات واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية»، لافتاً إلى أن «الانقسام الفلسطيني هو الذي مهّد لصفقة القرن، وهو الذي أضعف الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو تحديداً ما مثّل طعنة مؤلمة في ظهر الشعب الفلسطيني».
وتساءل الكاتب «ما الذي يمكن أن تقدمه اللجنة المشكّلة من تصور عن إمكانية استعادة الوحدة، وما هو ذلك (الأمر الغامض) الذي نحتاج إلى 5 أسابيع كي تضع له اللجنة تصوراً له»؟ كما أشار إلى أن تسمية اللقاء بأنه «تاريخي»، «تثير الدهشة». مشيراً إلى استغراب لاستخدام مصطلح «الحدث التاريخي» لوصف تشكيل لجنة لاستعادة الوحدة الفلسطينية، أو اجتماع للقيادات الفلسطينية. كما لفت إلى غرابة إعلان القيادة الفلسطينية، أن مبدأ «لا دولة في غزة ولا دولة من دون غزة»، يعد إنجازاً للاجتماع. وتساءل «هل يدرك القادة الفلسطينيون وجود قرار دولي ثابت ومؤكد، صادر عن هيئة الأمم المتحدة يحدد ما هي الدولة الفلسطينية»؟ معرباً عن تشاؤم حيال قدرة الفصائل الفلسطينية بهذه الآليات، على تحقيق تقدم على صعيدي استعادة الوحدة أو مواجهة المشروع الأميركي في فلسطين.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.