4 نصائح روسية إلى «الحليف السوري الصعب»

وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والرئيس السوري بشار قبل اجتماعهما في دمشق (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والرئيس السوري بشار قبل اجتماعهما في دمشق (أ.ف.ب)
TT

4 نصائح روسية إلى «الحليف السوري الصعب»

وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والرئيس السوري بشار قبل اجتماعهما في دمشق (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف والرئيس السوري بشار قبل اجتماعهما في دمشق (أ.ف.ب)

قبل أسابيع، قال مسؤول أميركي، إنه على الرئيس فلاديمير بوتين أن يسأل نفسه بعد مرور خمس سنوات على التدخل المباشر لجيشه: هل يريد أن تكون سوريا في 2025 كما كانت في 2020؟
لا شك أن زيارة الوفد الروسي إلى دمشق، تأتي انطلاقاً من هذا السؤال، حيث حمل معه إغراءات اقتصادية ونصائح دبلوماسية إلى «حليفنا الصعب»، على أمل الوصول إلى إجابات مختلفة عما يريده بعض المسؤولين السوريين. عليه، كما كانت زيارة وزير الخارجية سيرغي لافروف ومسؤولين استخباراتيين في بداية 2012، بداية حماية «الحلفاء» في دمشق بالوسائل الدبلوماسية والاقتصادية، وكما كان التدخل في نهاية سبتمبر (أيلول) 2015، بداية التدخل العسكري لـ«إنقاذ النظام» ودمشق، فإن «الزيارة المفصلية» الراهنة أمس، هي بداية الانتقال من العمل العسكري في الأطراف السورية إلى السياسة والاقتصاد والدبلوماسية في قلب دمشق، وتمهيد الطريق إلى مخرجات مختلفة في سوريا.
قبل أن يغادر الوفد الروسي بلاده، أجرى في الأيام والأسابيع الأخيرة سلسلة مشاورات للوقوف على حصيلة الموقف من الملف السوري كي يحمل معه أربع نصائح روسية إلى «الحليف الصعب»:

«سيف أميركي»

بداية، أظهرت الاتصالات مع الجانب الأميركي نقاطاً عدة. دخلت واشنطن في مرحلة الثبات الانتخابي، وهي بصدد مرحلة معقدة بسبب الانتخابات الرئاسية في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لكن ليست هناك مؤشرات جدية إلى انسحاب الجيش الأميركي من شمال شرقي سوريا، بما في ذلك لو فاز جو بايدن بالانتخابات.
كل المؤشرات الآتية إلى موسكو، تدل على أن الأسابيع المقبلة ستشهد صدور قوائم جديدة من العقوبات الأميركية بموجب «قانون قيصر». كانت شملت الرئيس بشار الأسد وزوجته وابنه وكبار مساعديه ورجال الأعمال، وستشمل رجال أعمال ونواباً ومسؤولين عسكريين في قوائم ستصدر قريباً وفق ما بات يعرف بـ«سيف قيصر». أيضاً، «قانون قيصر» هو قانون تشريعي وعليه إجماع من الكونغرس والمؤسسات السياسية والعسكرية في واشنطن. أي، أن العقوبات هي أمر واقع في الفترة المقبلة. لذلك؛ فإن التنسيق بين موسكو ودمشق ضروري لمواجهتها. هنا، تشير معلومات إلى أن الجانب الروسي حمل في جعبته إغراءات مالية واقتصادية بينها قروض أو منح بمليارات الدولارات الأميركية لإعطاء اوكسجين إلى دمشق يساعدها في الفترة المقبلة ويخفف عبء الأزمة الاقتصادية وسعر صرف الليرة السورية.

«هلال إيراني»

مقابل هذه الإغراءات، «نصحت» موسكو دمشق بضرورة «مساعدتنا كي نساعدكم» بكسر العزلة الدبلوماسية - السياسية وبدء عملية إعادة الإعمار. كيف؟ الإقدام على بعض الخطوات الملموسة المتعلقة بترتيب البيت الداخلي وإجراء إصلاح دستوري وفق القرار 2254. لكن أيضاً، إعادة تموضع جيو - سياسي يتعلق بالعلاقة مع إيران وتخفيف دور سوريا في «الهلال الإيراني» الذي يمتد من طهران إلى بغداد، ودمشق وبيروت ويتعرض لضربات إسرائيلية بموافقة أميركية وصمت روسي. بين ذلك، ضمان تنفيذ الاتفاق الروسي - الأميركي الذي تضمن إبعاد إيران عن جنوب سوريا. كل هذا، يمهد الطريق أمام دول عربية وأوروبية لـ«تطبيع» العلاقات والمساهمة في أعمار سوريا.
أيضاً، يتضمن ذلك، أن تقبل دمشق التفاهمات بين موسكو وواشنطن حول شرق الفرات وبين موسكو وأنقرة حول شمال غربي سوريا. أي، أن ترضخ الرغبات السورية لسقف التفاهمات الاستراتيجية الكبرى بين تركيا وروسيا، التي تخص ملفات أكبر بكثير من خطوط التماس في شمال غربي سوريا. أغلب الظن، بمجرد فتح طريق حلب - اللاذقية وطريق حلب - دمشق، بفضل الدوريات العسكرية الروسية - التركية والتدريبات المشتركة، فإن الجمود سيستمر في «مثلث الشمال» على الأقل، هذا ما تريده موسكو. هي كانت استعدت لزيارة لافروف السورية، بأن استقبلت وفداً تركياً للوقوف على آخر مستجدات هذا الملف وتطبيق اتفاق موسكو الذي أبرم في بداية مارس (آذار) الماضي.

اللامركزية

ضمن جمع أدوات «الإقناع» إلى «الحليف الصعب»، استضافت موسكو توقيع اتفاق بين إلهام أحمد رئيسة «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من أميركا، وقدري جميل رئيس «حزب الإرادة الشعبية» المدعوم من موسكو. بعد الاتفاق التقى لافروف أحمد وجميل. اللافت، أن الاتفاق نص على أن «سوريا الجديدة... دستورها ديمقراطي يحقق صيغة متطورة للعلاقة بين اللامركزية (...) والمركزية في الشؤون الأساسية (الخارجية، الدفاع، الاقتصاد)» والتأكيد على «حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية». كما نص على أن «الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية العامة التي ينحصر بها حمل السلاح ولا تتدخل بالسياسة. وينبغي على أن تكون «قوات سوريا الديمقراطية» منخرطة ضمن هذه المؤسسة على أساس صيغ وآليات يتم التوافق عليها».
هذا الاتفاق، الذي تضمن عنصري «اللامركزية» وعلاقة «قوات سوريا الديمقراطية» بالجيش السوري، أبلغ لافروف، أحمد وجميل دعمه الكامل له، وأنه سينقل مضمونه إلى دمشق.

سوريا الجديدة

«سوريا الجديدة» التي تحدث عنها الاتفاق بين حليفي موسكو وواشنطن، تريد روسيا الوصول إليها عبر تنفيذ القرار 2254. بوابة تنفيذ هذا القرار، هي اللجنة الدستورية. لكن الواضح، أن دمشق لم تكن بصدد الانخراط الجدي في هذا المسار. في الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة في جنيف قبل أسبوعين، غيّر وفد الحكومة من شكليات ممارساته، لكنه لم يغيّر من جوهرها. الوفد، رفض أن يسمي نفسه بـ«وفد الحكومة» أو «المدعومة من الحكومة»، بل إنه انقلب على الاتفاق السابق مع «هيئة التفاوض» المعارضة حول «القواعد الاجرائية»، وأكد أنه «كيان مستقل»، ضمن سياسة ترمي إلى شراء الوقت وصولاً إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في منتصف 2021. دمشق تريد أن تجرى الانتخابات وفق الدستور الحالي؛ لتؤجل النقاش حول الدستور إلى ما بعدها. كما أنها متمسكة بعرض نتائج عمل اللجنة على استفتاء عام.
المبعوث الأممي غير بيدرسن ذهب إلى موسكو بعد الجولة الثالثة وأطلع لافروف ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو على نتائج اجتماعات اللجنة التي كان شاهداً على عملها مستشار روسي من داخل القاعة، أسلوب عمل وفد الحكومة السورية. أيضاً، وعد لافروف بنقل ذلك إلى «حليفنا الصعب» في دمشق. ويُعتقد أن «النصيحة الروسية» ستكون بتغيير أسلوب التعاطي مع اجتماعات اللجنة الدستورية وتسريع عملها لتحقيق اختراقات قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
عليه، ستكون الأيام والأسابيع المقبلة اختباراً لمدى استماع دمشق إلى «النصائح» الروسية وما إذا كان سلوكها سيكون مختلفاً عما قاله دبلوماسي روسي سابق «دمشق تأخذ منا كل شيء إلا النصيحة».



إلحاق مهاجرين أفارقة بمعسكرات تجنيد حوثية

المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
TT

إلحاق مهاجرين أفارقة بمعسكرات تجنيد حوثية

المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)

ألحقت جماعة الحوثيين مئات المهاجرين الأفارقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء بمعسكراتها التي تقيمها للتعبئة العسكرية، ضمن حملات تجنيد تستهدف جميع الفئات؛ استعداداً لإشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

ودفعت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة بأكثر من 220 مهاجراً أفريقياً، بينهم أطفال وكبار سن للالتحاق بدورات عسكرية سرية أُقيمت في مناطق عدة في صنعاء وريفها تحت اسم دورات «طوفان الأقصى»، حسب ما ذكرته مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

أفارقة استقطبهم الحوثيون في صنعاء (إعلام محلي)

ويسعى الحوثيون إلى تدعيم صفوفهم بمقاتلين جُدد، عبر تنفيذ عمليات ملاحَقة وخطف واستقطاب وغسل أدمغة وإجبار على الالتحاق بدورات طائفية وعسكرية.

ووفقاً للمصادر، فإن مئات المهاجرين الأفارقة المستهدفين بعملية التجنيد الأخيرة هُم ممن جرى القبض عليهم قبل فترة، ونقلهم على دفعات من محافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة إلى معسكرات تدريب تعبوية وعسكرية أُنشئت بعيداً عن متابعة المنظمات الدولية ورقابتها.

واتهمت المصادر جماعة الحوثي بالقيام بمساومة أعداد من المهاجرين بين الالتحاق بصفوفها للقتال أو ترحيلهم قسراً إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية. وذكرت أن ذلك الاستهداف يُعد ترجمة لتوجيهات كان أصدرها زعيم الجماعة الحوثية، تحضّ على إنشاء معسكرات تعبئة المهاجرين.

وجاءت هذه الممارسات متوازية مع إقرار الجماعة بشنّ حملات تعقب ومطاردة للمهاجرين الأفارقة في محافظة صعدة أسفرت خلال شهر واحد عن اعتقال 1694 شخصاً من مناطق عدة بالمحافظة، واقتيادهم إلى مراكز احتجاز، بعضها يتبع ما تُسمّى «مصلحة الهجرة»، وفق ما بثّه مركز الإعلام الأمني الحوثي.

مهاجرون أفارقة في إحدى المناطق اليمنية (إكس)

كما أقرت الجماعة الحوثية، عبر تقارير أخرى صادرة عن أجهزتها الأمنية في صنعاء، بتنفيذها، منذ مطلع العام الحالي، حملات تعقب وملاحَقة وخطف، أسفرت عن اعتقال ما يزيد على 3480 مهاجراً في صعدة ونقلهم إلى صنعاء.

انتهاك مستمر

يأتي الاستهداف الحوثي للمهاجرين الأفارقة مع استمرار تعرّض المئات منهم لشتى صنوف الانتهاك والابتزاز، وفق ما ذكرته مصادر حقوقية وتقارير دولية.

وتبرّر الجماعة الحوثية عملياتها الاستهدافية المستمرة ضد اللاجئين بسبب ما تزعمه من «خطورتهم على المجتمع»؛ حيث ترحّلهم من معقلها الرئيسي في صعدة، ومن مدن أخرى، وتجميعهم في مراكز تابعة لها في صنعاء، ثم إلحاقهم بمعسكرات تجنيد واستخدامهم في مهام تجسسية وتهريب ممنوعات.

وسبق أن اتّهم ناشطون يمنيون الجماعة الحوثية باستحداث معسكرين تدريبيين جديدين؛ أحدهما بمحافظة صعدة، وآخر قرب مزارع «الجر» غرب مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة؛ حيث تستقطب الجماعة إليهما مئات المهاجرين الأفارقة الواصلين تباعاً إلى الأراضي اليمنية؛ بهدف إلحاقهم بجبهات القتال، واستخدامهم بمهام استخباراتية وتنفيذ مخططات استهدافية.

المهاجرون الأفارقة يتدفقون إلى الأراضي اليمنية عبر شبكات التهريب (الأمم المتحدة)

وكانت الحكومية اليمنية ندّدت غير مرة باستمرار الجماعة الحوثية في تجنيد اللاجئين الأفارقة للقتال في صفوفها، وعدّت ذلك جريمة حرب وانتهاكاً للقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية.

وفي تقرير سابق لها، اتّهمت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات الحوثيين بإخفائهم قسرياً نحو 2406 يمنيين من مختلف الفئات والأعمار، مضافاً إليهم 382 لاجئاً أفريقياً في 17 محافظة، في الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 2017 حتى منتصف العام الماضي.