يرفض المسؤولون عن قطاع الصحة في فرنسا الحديث عن وصول «الموجة الثانية» من وباء كورونا، رغم تصاعد أرقام الإصابات بشكل مثير للقلق، بالتوازي مع ارتفاع أعداد الأشخاص الذين يدخلون إلى المستشفيات. وفي منتصف الأسبوع الماضي، كان معدل الإصابات اليومية يدور حول 7 آلاف إصابة، إلا أنه قفز إلى 9 آلاف إصابة مع نهاية الأسبوع، وهو أعلى معدل منذ أوج الموجة الأولى، في نهاية أبريل (نيسان) وبداية مايو (أيار). والأمر الجدير بالإشارة أن إيطاليا التي تعد ثاني بلد أوروبي في أعداد الوفيات أعلنت، على لسان وزير خارجيتها، أول من أمس، عن استعدادها لمد يد العون لفرنسا لمواجهة تزايد الإصابات، رغبة منها في «رد الجميل» لباريس التي أبقت حدودها مفتوحة مع إيطاليا، وأمدتها بالمعدات والمساعدات عندما كانت بأمس الحاجة لها.
وثمة من يعد أن تزايد الإصابات سببه الأول ارتفاع أعداد الفحوصات التي أخذت فرنسا تجريها على نطاق واسع، بحيث إنها تخطت حاجز المليون اختبار والمليون فحص في الأسبوع. إلا أن هذا النهج في التقييم يعد ناقصاً، إذ إن المؤشر الأهم يتناول نسبة الإصابات التي زادت على 4.5 في المائة، الأمر الذي يدل على تسارع تفشي الوباء، رغم التدابير الاحترازية التي فرضتها السلطات الحكومية والمحلية على السواء. أما النتيجة الثانية لتعميم الفحوصات ومجانيتها، فهو أن المختبرات تجهد للتعامل مع دفق الراغبين بإجراء فحص (PCR) الذين تطول صفوفهم أمام مداخلها. وقال وزير الصحة أوليفيه فيران، أول من أمس، إن فترة انتظار إجراء الفحص تزيد على 3 أيام. كذلك، فإن فترة انتظار النتائج التي كانت سابقاً من 48 ساعة استطالت حالياً، خصوصاً في المدن الكبرى، لتصل إلى أربعة أيام.
وفي حين وعد الوزير الفرنسي بتحسن الأوضاع في الأسبوعين المقبلين، فإنه أشار إلى أنه يتعين توفير الأفضلية للذين تبدو عليهم مؤشرات الإصابة بـ«كوفيد - 19». كذلك، يريد الوزير الفرنسي اختصار فترة «الحجر» للأشخاص الذين كانوا على احتكاك بمصابين بالفيروس التي هي حالياً من أسبوعين، ولذلك طلب من المجلس العلمي الذي يقدم المشورة للحكومة في كيفية التعامل مع الوباء أن يعطي رأيه بهذا الطلب.
وحقيقة الأمر أن السلطات لا تريد إخافة المواطنين، وهي حريصة على الاستمرار في تطبيع الوضع الصحي والاجتماعي، خصوصاً الاقتصادي. إلا أن الواقع يدعوها إلى الحذر، حيث تفيد آخر الأرقام أن نسبة الفحوصات الإيجابية وصلت إلى 4.7 في المائة، وأن أعداد البيئات المسهلة لانتشار الوباء بلغت 484 بيئة، بزيادة 53 بيئة في 24 ساعة. وإدارياً، هناك 61 مقاطعة تعاني من انتشار سريع للوباء، ويفترض الحذر الشديد بشأنها، والتزام أعلى درجات الوقاية. أما المؤشر الآخر المثير للقلق، فعنوانه ارتفاع أعداد الداخلين إلى المستشفيات، إذ وصلت إلى 1661 في الأيام السبعة الأخيرة، بينهم 285 في أقسام الرعاية الفائقة. يضاف إلى ذلك أنه بعد أسبوع واحد على عودة التلامذة إلى صفوف الدراسة، عمدت وزارة التربية إلى إغلاق العشرات من المدارس والصفوف التي تحولت إلى «بيئة» ينتشر فيها ومنها الوباء.
ويوماً بعد يوم، تتغير الخريطة الفرنسية التي تعكس انتشار الوباء، وتزداد كثافة الألوان الحمراء التي تبين انتشاراً متسارعاً للفيروس. وتبين آخر خريطة نشرتها أن باريس ومنطقتها والشاطئ المتوسطي وجزيرة كورسيكا بكليتها ومناطق في شمال فرنسا ووسطها، ومدن رئيسية مثل ليون ومرسيليا، تندرج في إطار المناطق التي تحتاج إلى رقابة، خاصة وقد أعطي المحافظون فيها الذين يمثلون السلطة المركزية كامل الحرية لفرض التدابير التي يرونها مناسبة لمجابهة الوباء.
وبانتظار أن تنجح المختبرات في توفير لقاح فعال ضد الوباء، اندلعت معركة الأسعار بين مختبر «سانوفي» الفرنسي ومختبر «جي إس كاي» اللذين يعملان معاً لإنتاج لقاح لم يجهز بعد، وبين مختبر «أسترازينكا» المنافس. وفي حين يقدر رئيس شركة «سانوفي فرنسا» سعر اللقاح بنحو 10 يورو، فإن الشركة المنافسة سوف تقترحه بنحو 2.5 يورو؛ أي أقل من «سانوفي» بـ4 أضعاف. وبحسب أوليفيه بوجيللو، رئيس «سانوفي فرنسا»، فإن الفرق في الأسعار يعود لكون «سانوفي»، ومعها المختبر الشريك، تقوم بنفسها وبخبرائها وبأموالها الخاصة بتطوير اللقاح، بينما الشركة المنافسة تعمل على تكليف شركات خارجية ضعيفة الكلفة بجزء من عملها. وأكد بوجيللو أن الأميركيين والأوروبيين سيحصلون في الفترة نفسها على اللقاحات، وقد التزمت الشركة المذكورة بذلك للرئيس إيمانويل ماكرون.
حكومة ماكرون «تتجنب» إخافة الفرنسيين رغم ارتفاع الإصابات
جدل حول كلفة اللقاحات المنتظرة بين الشركات والمختبرات المتنافسة
حكومة ماكرون «تتجنب» إخافة الفرنسيين رغم ارتفاع الإصابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة