تعرُّض آلاف المهاجرين في ليبيا لـ«التعذيب ونقص الطعام»

مسؤول إغاثي لـ «الشرق الأوسط» : مراكز الإيواء غير مؤهلة لاستضافة البشر

إنزال مهاجرين إلى الشاطئ الليبي بعد ضبطهم في البحر نهاية الشهر الماضي (المنظمة الدولية للهجرة)
إنزال مهاجرين إلى الشاطئ الليبي بعد ضبطهم في البحر نهاية الشهر الماضي (المنظمة الدولية للهجرة)
TT

تعرُّض آلاف المهاجرين في ليبيا لـ«التعذيب ونقص الطعام»

إنزال مهاجرين إلى الشاطئ الليبي بعد ضبطهم في البحر نهاية الشهر الماضي (المنظمة الدولية للهجرة)
إنزال مهاجرين إلى الشاطئ الليبي بعد ضبطهم في البحر نهاية الشهر الماضي (المنظمة الدولية للهجرة)

تصاعدت التحذيرات المحلية والأممية المطالبة بوضع حد لمأساة آلاف المهاجرين غير النظاميين المحتجزين في مقرات للإيواء في ليبيا، وسط تقارير تشير إلى أن هذه المراكز تشهد انتهاكات واسعة تصل إلى حد «التعذيب البدني»، فضلاً عن أنها تعاني «نقصاً في الغذاء».
يأتي ذلك في وقت رحب حقوقيون ومعنيون بملف المهاجرين في ليبيا، بالدعوة التي وجهها الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش، إلى السلطات الليبية بضرورة إغلاق مراكز احتجاز المهاجرين في البلاد، لكنهم تساءلوا عن بديل الاحتجاز الذي توفّره الأمم المتحدة في ظل تدفق من المهاجرين على البلاد بطرق غير مشروعة؟
وقال رئيس منظمة التعاون والإغاثة العالمية (Iocea) جمال المبروك، في حديث إلى «الشرق الأوسط» إن مراكز الإيواء التي تضم آلاف المهاجرين تعاني بالفعل من «أوضاع إنسانية سيئة للغاية، وتدار بطريقة أسوأ»، مشيراً إلى أنها أيضاً «غير مؤهلة لإيواء البشر، نظراً لأن غالبيتها كانت عبارة عن مقرات لمصانع ومدارس ومخازن قديمة البناء، وبالتالي تفتقر إلى المعايير الدولية، وبالتالي فإن احتجاز المهاجرين فيها أمر غير مقبول أخلاقياً وإنسانياً».
وتتكدس مراكز الإيواء التي تشرف عليها سلطات طرابلس، بآلاف من المهاجرين غير النظاميين، من جنسيات أفريقية وآسيوية عديدة، وتشير التقارير المحلية والأممية إلى أن العديد منها «تديرها ميليشيات مسلحة وتُرتكب فيها جرائم بحق المهاجرين بدايةً من الضرب والابتزاز المالي، وصولاً إلى الاعتداءات الجنسية».
وسبق للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين القول مطلع أغسطس (آب) الماضي، إن 46823 لاجئاً وطالب لجوء مسجلون لديها، منهم نحو 45% رجالاً، و22% نساءً، و33% أطفالاً.
وفي تقرير رفعه نهاية الأسبوع الماضي إلى مجلس الأمن الدولي، ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بالانتهاكات الشديدة التي يتعرّض لها آلاف المهاجرين المحتجزين بمراكز الإيواء، قبل أن يدعو السلطات إلى سرعة إغلاقها، متحدثاً عن «الظروف المروّعة والمعاملة السيئة» التي يعاني منها اللاجئون والمهاجرون هناك في ظل تعرض العديد منهم للتعذيب والاختفاء القسري والعنف الجنسي، بالإضافة إلى نقص في الغذاء والرعاية الصحية.
وأفاد التقرير بأن «الرجال والفتيان يتعرّضون بشكل روتيني للتهديد بالعنف عندما يتّصلون بعائلاتهم للضغط عليهم لإرسال أموال فدية. لقد تعرّض مهاجرون ولاجئون لإطلاق نار عندما حاولوا الفرار، مما أدّى إلى وقوع إصابات ووفيات. عندما يُعتقد أنّ المهاجرين واللاجئين هم أضعف من أن يتمكنّوا من البقاء على قيد الحياة، غالباً ما يتم نقلهم إلى مستشفيات قريبة وتركهم هناك أو يُتركون في الشوارع ليموتوا».
وأمام دعوة الأمم المتحدة إلى ضرورة إغلاق مقرات احتجاز المهاجرين، تساءل رئيس منظمة التعاون والإغاثة العالمية في ليبيا: «إذا قررت السلطات المحلية في ليبيا إغلاق هذه المقرات، فما البديل؟ أيُتركون هكذا في ظل ظروف بلد يعاني من الصراعات وعدم الاستقرار، لتزيد مأساتهم ويتعرضوا إلى مزيد من الانتهاكات والتجنيد كمرتزقة وغير ذلك من صنوف التعذيب؟».
واستكمل المبروك: «قبل أن يطالبوا بإغلاق مراكز الإيواء عليهم التفكير في حلول بديلة وسريعة»، مقترحاً أن تتم «إعادة من يرغب منهم بشكل طوعي إلى بلدانهم سريعاً»، بالإضافة إلى «نقل اللاجئين وطالبي اللجوء إلى مراكز استقبال في الدول المستقرة، وإتمام عمليات توطينهم في الدول القابلة لذلك».
واستدرك رئيس منظمة التعاون والإغاثة العالمية: «أمّا ليبيا فلن تكون بلداً قابلاً للتوطين، في ظل حالة من عدم الاستقرار الذي تعانيه».
لكن التقرير الأممي أكد أنه «ما من شيء يمكن أن يبرّر الظروف المروّعة التي يُحتجز فيها اللاجئون والمهاجرون في ليبيا»، لافتاً إلى أن عملية إغلاق المقرات ستكون «بتنسيق وثيق مع هيئات الأمم المتحدة».
ونوه إلى أنّه في مراكز الاحتجاز التي تحتوي على مخازن أسلحة وذخيرة «يتم تجنيد قسم من اللاجئين والمهاجرين قسراً، بينما يُجبر قسم آخر على تصليح أو تذخير أسلحة تابعة لجماعات مسلّحة»، وحسب التقرير فإنّ تقديرات الأمم المتّحدة تشير إلى أنّه «في 31 يوليو (تموز) الماضي، كان هناك أكثر من 2780 شخصاً، 22% منهم من الأطفال، محتجزين في مراكز مخصصة لاحتجاز المهاجرين»، وهو ما دفع غوتيريش إلى القول: «لا يجوز بتاتاً احتجاز الأطفال، لا سيّما عندما يكونون غير مصحوبين أو منفصلين عن ذويهم».
وعادت موجات الهجرة غير المشروعة تجتاح سواحل ليبيا مجدداً، كما سبق وأعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في ليبيا، أن خفر السواحل الليبي أنقذ 6588 لاجئاً ومهاجراً من الغرق، أو تم اعتراضهم في البحر، منذ بداية العام وحتى الخامس من أغسطس الماضي.
ونقلت وكالة «آكي» الإيطالية عن مصادر أمنية إيطالية رسوّ مجموعة مهاجرين على سواحل لامبيدوزا ببلدية أغريجنتو الصقلية، قادمين من السواحل الليبية. وأضافت المصادر أنه «تم اعتراض قارب يقل 107 مهاجرين قبالة سواحل الجزيرة من دورية لرجال قوات حماية الميناء وعناصر الشرطة المالية».
وذكرت المصادر أن «المهاجرين الذين يحملون جنسيات مختلفة، والذين غادروا من السواحل الليبية، تم نقلهم إلى النقطة الساخنة في منطقة إمبرياكولا، التي تستضيف حالياً 1239 شخصاً».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.