عدة أسباب تجعل المكسيك وجهتك المقبلة

مدن تاريخية وشواطئ ساحرة وأسواق تنتظر السياح

عدة أسباب تجعل المكسيك وجهتك المقبلة
TT

عدة أسباب تجعل المكسيك وجهتك المقبلة

عدة أسباب تجعل المكسيك وجهتك المقبلة

لا تظهر المكسيك ضمن البرامج السياحية العربية في مواسم الشتاء على الرغم من أنها ثالث أكبر دولة سياحية في قارتي أميركا الشمالية والجنوبية، وربما كانت عوامل المسافة الطويلة وندرة الرحلات الجوية إليها بالمقارنة مع الولايات المتحدة وكندا، من العوامل التي لم تشجع على السياحة العربية إلى المكسيك، ولكنها تستحق الزيارة لمشاهدة الكثير من مدنها التاريخية التي تجمع بين الحضارة الإسبانية والحضارة الأميركية للسكان الأصليين التي تسمى «ميسو أميركان».
هناك أيضا الكثير من الشواطئ الخلابة التي تجذب معظم سياح المكسيك مثل كانكون، وأكابلكو، ولكن لائحة الشواطئ السياحية في المكسيك تشمل نحو 15 شاطئا تنتظر الاستكشاف. وهناك أيضا آثار مكسيكية منها أهرامات يعود تاريخها إلى ما قبل اكتشاف الإسبان للمكسيك.
ورغم غياب العرب، يقبل على المكسيك ملايين السياح سنويا معظمهم من أميركا الشمالية ودول أميركا اللاتينية، كما تنتشر السياحة الداخلية بين الطبقات الوسطى في المكسيك، ويعتبر فصل الشتاء هو موسم الذروة في المكسيك، وإن كان قطاع الطلبة والشباب من أميركا يفضل الذهاب إلى المكسيك في عطلة الصيف.
العاصمة هي مكسيكو سيتي، وهي المدخل الأول لزيارة المكسيك؛ حيث يتطلب زيارة المدن الأخرى رحلات داخلية أرضية أو جوية. وتعد العاصمة من الوجهات السياحية المتميزة في المكسيك. وهناك بالطبع عشرات المدن الأخرى التي يحوي بعضها آثارا تستحق الزيارة.
ولكن لا بد من تخطيط الرحلات جيدا لتجنب بعض المواقع التي يعتبرها البعض غير آمنة، وهي جميعا تقع بالقرب من الحدود الشمالية للبلاد وتتعلق بتهريب المخدرات وجهود القضاء عليها.
العاصمة مكسيكو سيتي تضم نحو 21 مليون نسمة، ولكنها مع ذلك تتمتع بنسبة عالية من الأمان؛ حيث لا يزيد معدل الجرائم فيها على ثلث السائد في العاصمة الأميركية واشنطن. وهي مدينة احتفلت أخيرا بعيد ميلادها المئوي الثاني بحملة نظافة وتجديد للمباني التاريخية فيها والميادين العامة مثل ميدان «غاريبالدي بلازا»، وبينت المدينة على أنقاض مدينة قديمة من حضارة الأزتيك.
التسوق أيضا يعد من معالم العاصمة؛ حيث الأسعار أرخص منها في الولايات المتحدة، وأشهر منطقة تسوق في العاصمة مكسيكو سيتي هي «لا زونا روزا» وميدان الزوكالو، وهو يعد أحد أكبر الميادين في العالم. وتحتوي المدينة أيضا على أكبر حلبة مصارعة ثيران في العالم اسمها «بلازا دو توروس مكسيكو»، وفيها أيضا القصر الوطني الذي بني مكان قصر تاريخي في الموقع نفسه. وبالمدينة أيضا واحد من أكبر متاحف العالم، ويقال إن المتحف وحده جدير بزيارة خاصة إلى العاصمة المكسيكية.
ويمكن مشاهدة آثار القنوات المائية القديمة التي كان سكان حضارة الأزتيك يستخدمونها للتجول في المدينة التي بنيت في موقع بحيرة قديمة. كما توجد أهرامات الأزتيك على مقربة 50 كيلومترا من المدينة باتجاه الشمال الشرقي، ويتم تنظيم رحلات ثقافية وحضارية إلى المدينة من الكثير من الشركات السياحية كما تنظم الشركات رحلات إلى نيومكسيكو مدتها 3 أيام.
وبخلاف العاصمة هناك الكثير من الوجهات السياحية التي يختار من بينها السائح وفقا لما يفضله من شواطئ أو مدن أو منتجعات. والنخبة التالية تمثل أشهر المواقع السياحية التي يفضلها السياح في المكسيك:
- أكابلكو: وهي الوجهة السياحية الأصلية في المكسيك واشتهرت منذ خمسينات القرن الماضي، واكتسب الموقع الساحر اسم «لؤلوة المحيط الهادئ»، وأقبل عليها المشاهير مثل إليزابيث تيلور، وفرانك سيناترا، والرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي. وظهرت شواطئ أكابلكو في أفلام كلاسيكية ظهر فيها إلفيس بريسلي، ولكن السمعة الذهبية للمدينة تراجعت مع مرور الوقت. وساهم في تراجع سمعة أكابلكو الازدحام المتزايد والتلوث والعمران العشوائي وتجارة المخدرات، ولكن المدينة تحاول الآن استعادة رونقها بتشجيع السياحة المحلية المكسيكية أولا قبل الانطلاق إلى استعادة السائح الدولي. ويمكن للزائر استعادة بعض معالم سحر أكابلكو والاستمتاع بإحدى الوجهات السياحية العالمية المشهورة. وفي أكابلكو يمكن التفاوض على الأسعار عند شراء السلع والهدايا في المحلات، وكذلك يتعين التفاوض مع سيارات الأجرة قبل دخول السيارة، ويمكن التفاوض على استخدام السيارة وسائقها بالساعة للتجول واستكشاف بعض معالم المدينة القديمة، ولكن سحر أكابلكو الأصلي يبقى في الاستمتاع بالشواطئ الرملية الخلابة.
- شيشن إيتزا: وهي أكبر مدن حضارة مايا في شبه جزيرة يوكاتان، وأحد أبرز الوجهات السياحية في المكسيك، ويتوجه السياح لمشاهدة هرم الكاستيلو، وهو هرم بدرجات يبلغ عددها 91 درجة إلى قمته من الجهات الأربع، بالإضافة إلى الدرجة الأخيرة؛ مما يجعل مجموع درجاته 365 درجة، وهو عدد أيام السنة. وهناك الكثير من الآثار الأخرى في المنطقة التي تحكي قصة انتعاش واندثار حضارة مايا.
- تولوم: وهي مدينة تقع على الساحل الشرقي نشأت منذ ألف عام مع تراجع حضارة مايا، وهي منطقة ساحلية خلابة ويتوجه إليها السياح من أجل الاسترخاء في جو استوائي هادئ، ويمكن السكن فيها في أكواخ بسيطة على الشاطئ أو في فنادق 5 نجوم.
- لوس كابوس: وهي منطقة ساحلية تمتد إلى نحو 20 ميلا وتقع جنوب شبه جزيرة كاليفورنيا في غرب المكسيك، وتشتهر المنطقة بين السياح الأميركيين لانتشار المنتجعات والمطاعم الفاخرة في أرجائها، وأشهر منتجعات المنطقة اسمه «كابو سان لوكاس» بينما يعتبر منتجع «سان خوزيه ديل كابو» من أشهر المنتجعات وأكثرها هدوءا في المنطقة، وتشتهر المنطقة بالرياضات المائية وصيد الأسماك، وفي فصل الشتاء يمكن مشاهدة الحيتان في المحيط الهادئ، وتنتشر في المنطقة الكثير من الطيور الاستوائية والبحرية مثل طائر البيليكان الذي يهبط أحيانا إلى سطح الماء للسباحة مع السياح.
- سان ميغيل دو الينيدي: وهي من الوجهات المشهورة أميركيا ويقيم بها عدد كبير من المغتربين الأميركيين، وتقع المدينة شمالي العاصمة مكسيكو سيتي، وعانت المدينة في الماضي من سمعة سلبية بسبب تجارة المخدرات، ولكنها الآن تبدو مختلفة تماما عما كانت عليه في الماضي، وهي مدينة تدخل ضمن تصنيف اليونيسكو كتراث إنساني منذ عام 2008. وظهرت المدينة في الكثير من أفلام الكاوبوي، لأنها تعبر عن فكرة الغرب الأميركي، ويذهب الكثير من السياح إلى هذه المدينة للبقاء فيها بعض الوقت وتعلم اللغة الإسبانية وأنواع الطهي المكسيكي.
- كانكون: وتقع جنوب شرقي المكسيك على الساحل في شبه جزيرة يوكاتان، وتعد المدينة من الوجهات السياحية الرئيسية في المكسيك ومنطقة البحر الكاريبي، وبدأ المد السياحي في المدينة في منتصف سبعينات القرن الماضي، وهي تضم كل شيء يمكن أن يبحث عنه السائح في المكسيك من الشواطئ الخلابة إلى الآثار القديمة، وبالمنطقة الكثير من الفنادق الفاخرة ومطاعم الأكلات المكسيكية، كما توجد بالقرب منها مدينة ملاهي توفر اختلاطا عن قرب مع أهالي المكسيك في حياتهم اليومية، ويمكن قضاء يوم كامل في أكبر حديقة أسماك طبيعية في العالم اسمها «زيل ها». من الرياضات المفضلة على شاطئ المدينة السباحة والغوص بين الشعب المرجانية وبين الكهوف البحرية، وبالمنطقة الكثير من ملاعب الغولف التي صممها كبار اللاعبين من أمثال جاك نيكلاوس. ويصف البعض كانكون بأنها مكسيك مصغرة تقدم أفضل ما في هذا البلد اللاتيني.
- بلايا ديل كارمن: وهو ساحل سياحي من الطراز الأول يمتاز بمناطق مخصصة للمشاة فقط وشوارع بمحازاة الشاطئ مليئة بالمطاعم ومحلات الهدايا، وتمتاز مياه المنطقة بالنقاء وتصلح للسباحة والغوص، ويلجأ بعض السياح إلى استئجار الزوارق للإبحار بها إلى جزيرة كوزوميل القريبة، ويتاح استئجار سيارة استكشاف السواحل القريبة. من أجمل المناطق في الساحل حي لا كوينتا المزدحم الذي يتعين الحرص فيه على المتعلقات الشخصية، خصوصا في ساعات الليل المتأخرة. من الفنادق المميزة في المنطقة فندق كينبي الذي يديره إيطالي مقيم في المكسيك، وهو يتيح جلسة متميزة على سطحه؛ حيث النسيم العليل وتحيطه حدائق منمقة خضراء.
- غوادا لاجارا: وهي واحدة من أكبر المدن المكسيكية وتوفر الكثير من المشاهد السياحية وفرص التسوق والتنزه، وهي تتمتع بعدد كبير من المتاحف والحدائق، ومن المدينة نشأت فكرة الفرق الموسيقية المتجولة التي تسمى مارياشي، وهي قريبة من بحيرة تشابالا، أكبر بحيرات المكسيك التي توفر للمدينة طقسا معتدلا معظم فصول العام.
وتوفر المكسيك في موقع واحد إحدى أكبر حضارات العالم القديم التي ما زالت آثارها باقية حتى الآن، بالإضافة إلى خليط التعداد بين السكان الأصليين والمستعمرين الإسبان، وهي ثاني أكبر دولة لاتينية بعد البرازيل، وتتميز بالتنوع وامتداد الشواطئ بين المحيطين الأطلنطي شرقا والهادئ غربا، وهي أيضا ثرية بأكلاتها المتنوعة وشعبها المضياف الذي يقدر قيمة السياح ويستضيفهم من جميع أنحاء العالم.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».