الإدارة الذاتية شرق الفرات تتخلص من نفاياتها الطبية

أنشأت مكباً خاصاً بها بالتزامن مع ارتفاع إصابات «كورونا»

جانب من مشفى «كوفيد - 19» بمدينة الحسكة (الشرق الأوسط)
جانب من مشفى «كوفيد - 19» بمدينة الحسكة (الشرق الأوسط)
TT

الإدارة الذاتية شرق الفرات تتخلص من نفاياتها الطبية

جانب من مشفى «كوفيد - 19» بمدينة الحسكة (الشرق الأوسط)
جانب من مشفى «كوفيد - 19» بمدينة الحسكة (الشرق الأوسط)

تجري الاستعدادات في مقر بلدية القامشلي، الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا، للبدء بيوم عمل جديد لجمع مخلفات النفايات الطبية، وإتلافها في مكب مخصص. كان عناصر الفريق يرتدون زياً أحمر اللون ورسم شعار طبي على ظهورهم للدلالة على طبيعة عملهم، تقلهم سيارة شحن كتب عليها «مخصصة لنقل النفايات الطبية».
يدخل الفريق المشافي ومراكز الحجر الصحي، الواحد تلو الآخر، وتشمل جولتهم أربعة مشافي في مدينة القامشلي، إلى جانب مشافي بلدة عامودا المجاورة ومراكز العزل، ويتم توزيع بقايا النفايات من علب الأدوية ومصلات الإبر والمواد الطبية و«الشاش» المستخدم التالفة في صناديق مخصصة كل منها لمواد معينة، وذلك لنقلها إلى مكب خاص يقع غرب القامشلي بهدف حرقها.
ومع ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، بعد أن سجلت الإدارة الذاتية، شرق الفرات، أمس، إصابة 15 حالة، ليرتفع العدد الكلي إلى 624 حالة، ووفاة 40 حالة، فيما شفي منها 158 حالة، وخشية من انتشار الوباء وحفاظاً على السلامة الصحية، نفذت الإدارة المحلية والبيئة في إقليم الجزيرة ومنظمة «الهلال الأحمر الكردي» بالتعاون مع هيئة الصحة، «مشروع التخلص السليم من المخلفات الطبية».
وأوضحت ميديا بوزان، رئيسة «هيئة الإدارات المحلية والبيئة»، أن الخطوة تعد أول مشروع على مستوى المنطقة للتخلص من النفايات الطبية بالشكل السليم. وقالت: «يعد الأول من نوعه، عبر تجميع مخلفات المشافي، وإتلافها في المكان المخصص لها بعيداً عن اختلاطها بالنفايات التي تخص المدنيين، كون المخلفات الطبية لها آثار سلبية على الأهالي وعمال النظافة».
وحرص أعضاء الفريق على ارتداء الأقنعة الواقية وكفوف لحماية اليدين ولباس مخصص لهذه المهمة. وبعد دخول مبنى المشفى، يعطون التعليمات لعمال النظافة والممرضين بضرورة فرز المخلفات وتصنفيها لسهولة نقلها وحملها، واتباع التدابير الصحية لحماية أنفسهم وحالات المرضى التي تتوافد بكثرة جراء انتشار جائحة «كوفيد - 19».
ويقول دجوار بيزي، المسؤول الإداري في قسم النظافة ببلدية القامشلي، إنهم يسعون إلى التخلص السليم من المخلفات الطبية لمنع انتشار الأوبئة. و«قامت البلدية بتدريب الفريق وعمال المشافي، ليتمكنوا من معرفة كيفية توزيع المخلفات الطبية المختلفة على أساس اختلاف طبيعتها، صلبة كانت أو سائلة أو مواد قابلة للكسر»، ويتم العمل بشكل يومي ومنتظم، ويتم فرز المواد حسب نوعها وتصنيفها، ودرجة خطورتها، على حد قوله. ويضيف بيزي أن «المواد الجارحة كشفرات العمليات وغيرها، وكذلك المواد القابلة للكسر يتم تحطيمها وجمعها في أحواض خاصة، أما المواد القابلة للحرق فيتم حرقها ضمن محرقة خاصة». أما تحاليل فيروس كورونا والمواد السائلة وتحاليل الدم والتهاب الكبد الوبائي، فقد «تم تجهيز حاوية خاصة بها لمنع انحلال هذه المواد السائلة ضمن مجاري الصرف الصحي، وبالتالي التأثير بشكل سلبي في صحة الأهالي»، حسب المسؤول الإداري ببلدية القامشلي.
واختارت البلدية، بالتنسيق مع هيئة الصحة والإدارة المحلية، منطقة تقع غرب القامشلي بالقرب من مكب للنفايات، لكنها حددت نقطة ثانية مخصصة للمخلفات الطبية. ونوّهت ميديا بوزان بأن سبب اختيار المكان يعود إلى «بعده عن المدينة والأهالي والمساكن، وبالأساس توجد فيها مكب خاص للنفايات العادية». وحذرت المسؤولة الكردية من خطورة النفايات الطبية، قائلة إنه «من المحتمل أن تكون معدية أو قابلة للتحلل، وتشمل النفايات الناتجة من منشأ طبي أو مختبر ومراكز ومختبرات الأبحاث، تحتوي على الجزيئات الحيوية أو الكائنات العضوية، التي لا يسمح بإطلاقها بالبيئة».
وشرحت روجين أحمد من هيئة الصحة أن الطرق العالمية المتبعة للتخلص من النفايات الطبية، تتلخص «في الحرق والتطهير الكيماوي والمعالجة الحرارية الرطبة، أي التعقيم البخاري، والأشعة ذات الموجات القصيرة، ثم ردم النفايات». وذكرت أنهم اتخذوا إجراءات السلامة للفريق الذي سيقوم بإتلاف النفايات الطبية الذي سيقوم بحرقها، «حيث سيرتدون ثياباً خاصة، وهي القناع الواقي وقفازات العمل وخوذة وأفرولاً (سترة) وأحذية السلامة»، وشددت على أن المشروع يهدف إلى حماية سكان المنطقة بعد ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، واختمت حديثها لتقول: «سابقاً كانت النفايات الطبية يتم التخلص منها بالمكب المخصص لقمامة المدينة، لكن النفايات الطبية لها تبعات وآثار على البيئة والصحة. لذا قررنا التخلص منها عبر طرق خاصة، وأنشأنا هذا المشروع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».