«كورونا» والجوع يهددان بقتل عشرات الملايين في العالم

الأمم المتحدة: حوالي 10 % من سكان العالم قد لا يجدون الطعام الكافي

«كورونا» والجوع يهددان بقتل عشرات الملايين في العالم
TT

«كورونا» والجوع يهددان بقتل عشرات الملايين في العالم

«كورونا» والجوع يهددان بقتل عشرات الملايين في العالم

يتجه العالم إلى أزمة جوع غير مسبوقة، حيث يتوقع الخبراء وفاة أكثر من 132 مليون شخص بسبب الجوع في العالم خلال العام الجاري، وهو ما يزيد عن التقديرات السابقة، وبمعدل زيادة تصل إلى ثلاثة أمثال متوسط معدل الزيادة السنوية خلال الفترة التي مضت حتى الآن من القرن الحادي والعشرين، وفق وكالة الأنباء الألمانية.
وبحسب وكالة بلومبرج للأنباء، أدت جائحة فيروس كورونا إلى اضطراب سلاسل توريد المواد الغذائية، والأنشطة الاقتصادية، وتقويض القدرة الشرائية للمستهلكين. وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد الوفيات يوميا في العالم بسبب الجوع الناجم عن تداعيات جائحة كورونا سيزيد عن عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بالفيروس.
وما يجعل هذا الأمر غير مسبوق، هو أن الجوع يحصد الأرواح في الوقت الذي تزداد فيه فوائض الغذاء في العالم بنسب مرتفعة. كما أن هذا يحدث في شتى بقاع العالم، مع توقع مستويات غير مسبوقة من انعدام الأمن الغذائي في الدول التي اعتادت الاستقرار النسبي في التوريدات.
ففي مدينتي كوينز ونيويورك، يضطر الجوعى إلى الوقوف لمدة تصل إلى 8 ساعات أمام أحد بنوك الطعام للحصول على صندوق أغذية يحتوي على كمية تكفي استهلاكهم لمدة أسبوع، في حين يحرث المزارعون في كاليفورنيا الخس مع الأرض، وفي واشنطن تركوا الفاكهة تتعفن على الأشجار بسبب انخفاض الأسعار.
وفي أوغندا، تتراكم كميات الموز والطماطم في الأسواق المفتوحة، في حين أن الأسعار الزهيدة ما زالت تعد مرتفعة بالنسبة لكثيرين من الزبائن المحتملين، العاطلين عن العمل. كما تم ترك كميات الأرز واللحوم في الموانئ في وقت سابق العام الجاري، بعد تكدس الإمدادات في الفلبين والصين ونيجيريا. وفي أميركا الجنوبية، تقف فنزويلا على أعتاب مجاعة.
ونقلت بلومبرج عن ماريانا تشيلتون، مديرة مركز «مجتمعات خالية من الجوع» في جامعة دريكسل، القول: «ستظل تداعيات هذه الأزمة على مدى أجيال... في عام 2120 (أي بعد مائة عام من الآن) سنظل نتحدث عن هذه الأزمة».
وفضحت جائحة كورونا عمق انعدام المساواة في العالم، كما أنها تمثل قوة حاسمة لتحديد من سيحصل على الطعام ومن لن يحصل عليه، مما أظهر بقوة الانقسامات الاجتماعية في العالم حيث يواصل الأغنياء التمتع بتراكم ثرواتهم بوتيرة متسارعة. وفي المقابل، فقد ملايين العمال وظائفهم، ولا يملكون من المال ما يكفي لإطعام عائلاتهم، رغم تريليونات الدولارات التي ضختها الحكومات في شكل حزم تحفيز ساهمت في زيادة التفاوت العالمي إلى أعلى مستوياته.
وإلى جانب الأزمة الاقتصادية، أدت إجراءات الإغلاق إلى تحطم سلاسل التوريد، وخلق مشكلة خطيرة في ما يتعلق بتوزيع الطعام. كما أن الجائحة أدت إلى تحول مفاجئ عن تناول الطعام في المطاعم، والتي اعتاد الأميركيون تناول أكثر من نصف وجباتهم بها، وهو ما يعني تراجع الطلب على إنتاج المزارعين الذين اضطروا إلى التخلص من إنتاجهم من الحليب والبيض في ظل غياب أي وسائل بديلة لتوصيل هذا الإنتاج إلى متاجر البقالة أو إلى المستهلكين.
وفي منطقة تيرانوفا رانش بولاية كاليفورنيا الأميركية، تكبد المزارع دون كاميرون خلال العام الحالي خسائر بلغت 55 ألف دولار في محصول الكرنب بسبب انخفاض الأسعار. وجاء نصف الخسائر تقريبا، حوالي 24 ألف دولار، من قراره التبرع بجزء من المحصول لصالح بنوك الطعام المحلية بعد تراجع الطلب على الإنتاج من جانب العملاء التقليديين. وبالإضافة إلى ذلك، كان على كاميرون دفع أجور عمال الحصاد وتحميل الشاحنات.
ويقول كاميرون: «نعرف أن هناك مناطق أخرى في بلدنا تحتاج إلى المنتجات الموجودة لدينا، لكن البنية التحتية ليست كافية لنقلها. هناك أوقات تتوافر فيها الأغذية، ولكن بسبب العوامل اللوجيستية لا يمكن نقلها إلى الأماكن التي تحتاجها».
واضطر كاميرون إلى تدمير حوالي 50 ألف طن من محصول الكرنب لديه، لأن بنوك الطعام المحلية لم تقبل جميع الكميات التي أراد التبرع بها.
وفي أسوأ السيناريوهات المتوقعة، تقول الأمم المتحدة إن حوالي 10 في المائة من سكان العالم قد لا يجدون الطعام الكافي خلال العام الحالي، وربما يزداد هذا الرقم، فهناك ملايين أخرى من البشر ستعاني من أشكال أخرى من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك عدم القدرة على دفع ثمن الطعام الصحي وهو ما يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالسمنة وسوء التغذية.
ومن المتوقع أن تستمر تبعات أزمة الغذاء الحالية في مناطق عدة من العالم لسنوات طويلة. فحتى في أفضل التوقعات، ترى الأمم المتحدة أن أزمة الجوع ستكون أشد من التقديرات السابقة خلال السنوات العشر المقبلة. وقد يصل عدد الذين يعانون من نقص التغذية في العالم بحلول 2030 إلى حوالي 909 ملايين إنسان، في حين كانت التقديرات قبل جائحة كورونا تشير إلى حوالي 841 مليون إنسان.
وبحسب تقديرات منظمة أوكسفام الخيرية الدولية، فإنه بنهاية العام الحالي سيصل عدد الأشخاص الذين يتوفون نتيجة الجوع المرتبط بتداعيات جائحة كورونا في العالم إلى 12 ألف شخص يوميا، وهو ما يزيد عن عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بالفيروس.
ولن تكون الزيادة في حدة أزمة الجوع في العالم خلال السنوات الخمس الماضية شيئا يذكر مقارنة بالتوقعات الآن. فحتى في أفضل الحالات، تتوقع الأمم المتحدة ارتفاع عدد الجوعى في العالم خلال العام الحالي بأكثر من الزيادة الكلية له خلال السنوات الخمس الماضية.
ويقول نيت موك، الرئيس التنفيذي لمنظمة «وورلد سنترال كيتشن» الخيرية: «من المستحيل النظر في الموقف الراهن، وعدم الاعتقاد بأن هناك مشكلة... هذه الجائحة أظهرت بشكل حقيقي مدى الشروخ في النظام العالمي ومن أين يبدأ انهياره».


مقالات ذات صلة

ما هو قرار مجلس الأمن «2254» للتسوية السياسية في سوريا؟

المشرق العربي رجل يسير بالقرب من البنك المركزي السوري في دمشق (أ.ف.ب)

ما هو قرار مجلس الأمن «2254» للتسوية السياسية في سوريا؟

يجدد القرار 2254 الذي أقره مجلس الأمن الدولي في العام 2015 الالتزام «القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)

مبعوث أوروبي يتوجه إلى سوريا للتباحث مع القيادة الجديدة

قالت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، اليوم الاثنين، إن مبعوث الكتلة إلى سوريا سيزور دمشق للتحدث مع القيادة الجديدة للبلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع يلتقي المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسن (قناة القيادة العامة في سوريا عبر تلغرام)

بيدرسن يشدد للشرع على «انتقال سياسي شامل» في سوريا

ناقش أحمد الشرع مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، ضرورة إعادة النظر في خريطة الطريق التي حددها مجلس الأمن الدولي في عام 2015.

سعاد جروس (دمشق)
المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».