> هل اقترب الموعد الذي ظلت تتحيّن له ميليشيات مدينة مصراتة طيلة تسع سنوات وأكثر؟ أم أنه لم يحن بعد؟
هذا السؤال طرحه بعض الساسة الليبيين عقب تأزم الأمور بين فتحي باشاغا وفائز السراج، وأبدوا مخاوفهم عقب خروج التظاهرات المؤيدة لوزير داخليته (الموقوف عن العمل مؤقتاً) في مواجهة قوات طرابلس، ظناً منهم أن الأمور مرشحة للتصعيد.
يقول أحدهم لـ«الشرق الأوسط» إن «الدور الذي لعبته ميليشيات مصراتة على مختلف تنوعاتها الآيديولوجية في صد «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، عن دخول طرابلس، أصبح يصوّر لها ولغيرها الآن أنها صاحبة الفضل. وبالتالي، تسارع لتتسيد المرحلة الجديدة راهناً، تأسيسياً على اقتراب أمرائها من القيادة العسكرية التركية، فضلاً عن زيارتهم الأخيرة للمدينة».
وتذّكر السياسي الليبي، الذي ينتمي إلى المدينة ذاتها، الليلة التي قُتل فيها العقيد معمّر القذافي، على يد (ثوار) من عدة مدن بينها مصراتة، ويقول: «حتى الآن يظنون أنهم أصحاب الثورة... إنهم هُم مَن خلصوا البلاد من الطاغية»، وبالتالي يرون أنهم «دافعوا عن ليبيا مرتين الأولى بمقتل القذافي، والثانية بصدّ حفتر عن دخول مناطقهم».
وذهب السياسي الليبي - الذي رفض ذكر اسمه لدواعٍ أمنية - إلى أن «خطيئة الرئيس الراحل تتمثل في أنه راكم السلاح في البلاد من دون داعٍ، وشوّنه بغير حساب؛ فسقط جانبا كبيراً من هذه الترسانة المتنوعة في يد ميليشيات مصراتة، التي أجهزت عليه في مسقط رأسه سرت، وذهبت لتستقوي بسلاحها وكتائبها».
والحاصل أن هذه الترسانة العسكرية التي استولت عليها ميليشيات مصراتة من المخازن التابعة لوزارة الدفاع الليبية في مدينة الجفرة، وكانت تتكون حينها من منظومة صواريخ وأسلحة ثقيلة ومجنزرات، ستظل حاضرة في أي خلافات تتصدرها المدينة، وهو ما جرى التلويح به أخيراً، وهذا بجانب الميليشيات والكتائب التي تشكلت هناك منذ عام 2011 ولعل أهمها ما يُعرف بـ«لواء الصمود» الذي يتزعمه صلاح بادي، المعاقب دولياً، وسبق لوزارة الخزانة الأميركية أن فرضت عليه عقوبات في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2018 بتهمة تقويض الأمن عبر توجيه هجمات على جماعات موالية لـ«حكومة الوفاق الوطني الليبية» المدعومة أممياً.
وبجانب قوات صلاح بادي، هناك الكتيبة (301) المعروفة بـ«ميليشيات الحلبوص» وتتخذ من طريق المطار وبعض طرق الهضبة والكريمية مقراً لها، بالإضافة إلى بعض المواقع جنوب غربي العاصمة منذ نهاية حرب «فجر ليبيا» في نهايات عام 2014.
وتوصف هذه الميليشيات بأنها من أقوى الكتائب المسلحة بمصراتة وأكثرها تجهيزاً وتأتمر بأمر القائد بشير عبد اللطيف، لكنها كانت تنتسب إلى محمد الحلبوص، أحد المسلحين الذين كان لهم دور في الإطاحة بنظام القذافي، وقُتل متأثراً بقذيفة هاون.
وبجانب ذلك، تأتي ميليشيا «الفاروق» وهي إحدى الكتائب التي كانت منضوية تحت لواء تحالف «فجر ليبيا»، وتعدّ من أخطر الكتائب في مصراتة، لما تمتلكه من قوة وعتاد، بجانب ميليشيا «درع ليبيا» القريبة من تنظيم «الإخوان» بالمدينة، وتضم بداخلها 3 ألوية أهمها «درع المنطقة الوسطى» الذي يتخذ من المدينة مقراً له.
ويرى متابعون وشهود عيان في مصراتة، أن منظومة الأسلحة التي كانت تحوزها هذه الميليشيات والكتائب المسلحة منذ سنوات تطورت كثيراً في الآونة الأخيرة، بعدما دخلت أنقرة الحرب دفاعاً عن «حكومة الوفاق»، مشيرين إلى أنهم يرصدون صغار المسلحين، وهم يتدربون على المدافع والمجنزرات الحديثة في ساحات المدينة.
وبهذه التشكيلات العسكرية اتخذت مصراتة لنفسها مكانة وسط المدن الليبية منذ الإطاحة بالرئيس السابق، الذي سبق وأمضى فترات من حياته في شوارعها نظراً لقضائه فترة الدراسة الثانوية بها.
في المقابل، تضم مصراتة تياراً مدنياً قوياً يسعى منذ سنوات إلى تغيير شكل المدينة التي تغوّلت فيها الجماعة «الليبية المقاتلة»، ومعها تنظيم «الإخوان» والتشكيلات المسلحة، من خلال الحوار سعياً منه إلى استعادة المدينة المخطوفة، والبحث عن حل لأزمات البلاد التي تعاني الحرب والفوضى.
8:18 دقيقة
دماء القذافي ومدافعه... «إرث الموت» الذي يطارد ميليشيات مصراتة
https://aawsat.com/home/article/2489046/%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B0%D8%A7%D9%81%D9%8A-%D9%88%D9%85%D8%AF%D8%A7%D9%81%D8%B9%D9%87-%C2%AB%D8%A5%D8%B1%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AA%C2%BB-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A-%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D8%B1%D8%AF-%D9%85%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%B4%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D8%A9
دماء القذافي ومدافعه... «إرث الموت» الذي يطارد ميليشيات مصراتة
دماء القذافي ومدافعه... «إرث الموت» الذي يطارد ميليشيات مصراتة
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة