الانقلابيون يكثفون استغلال المهاجرين غير الشرعيين للقتال وجني الأموال

وسط اعتراف إعلام الجماعة وتنديد الحكومة الشرعية

TT

الانقلابيون يكثفون استغلال المهاجرين غير الشرعيين للقتال وجني الأموال

أظهر ناشطون ووسائل إعلام تابعة الجماعة الحوثية أخيرا قيام الجماعة بتشييع عدد من المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين الذين قتلوا في صفوفها، وهو ما أثار تنديد الحكومة الشرعية والمنظمات الحقوقية التي عدت تجنيدهم جريمة حرب وانتهاكا للمواثيق الإنسانية.
وبحسب ما أفادت به مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» فإن الجماعة الانقلابية كثفت أخيرا من عمليات التجنيد في صفوف المهاجرين الأفارقة بالترغيب والترهيب، إلى جانب تسخيرهم وسيلة لجني الأموال مقابل السماح لهم بالتسلل غير المشروع نحو الأراضي السعودية.
وكدليل واضح على استنجاد الانقلابيين بلاجئين أفارقة للقتال بصفوفهم، أشارت المصادر إلى تشييع الجماعة مطلع الأسبوع الجاري لجثة أحد الأفارقة المجندين بصفوفها والذي لقي مصرعه في إحدى الجبهات، حيث اعترفت الجماعة عبر خبر مصور بثته وسائل إعلامها بتشييع عدد من قتلاها في محافظة حجة بينهم مهاجر إثيوبي.
وأكدت المصادر أن المجند الأفريقي، الذي شيعته الجماعة يدعى محمد حلم محمدو وقتل في المعارك المشتعلة بمحافظة الجوف، وهي الجبهة التي تلقت فيها الميليشيات مؤخرا ضربات موجعة كبدتها خسائر بشرية في عناصرها وقادتها الميدانيين.
وتحدثت المصادر أن من بين صور الصرعى التي رفعتها الجماعة أثناء عمليات التشييع اليومية بصنعاء وحجة وعمران بعضا من القتلى الأفارقة من إثيوبيا والصومال.
إلى ذلك كشفت مصدر محلي بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن استمرار الجماعة في ملاحقة واعتقال اللاجئين الأفارقة الموجودين في العاصمة والمدن الواقعة تحت سيطرتها مستخدمة كل وسائل التهديد والضغط والترهيب لإجبارهم على تسليم أبنائهم للتجنيد بالقوة.
وأرجع المصدر المحلي أسباب لجوء الميليشيات لتجنيد لاجئين أفارقة للقتال معهم إلى عزوف القبائل عن مدها بمقاتلين جدد، وكذا إلى النقص الحاد في عناصرها نتيجة الاستنزاف البشري الكبير الذي تعرضت له خلال الفترة الماضية في جبهات البيضاء ومأرب والجوف، ونهم.
وعلى صلة بالموضوع ذاته، تداول نشطاء يمنيون بمواقع التواصل الاجتماعي، في وقت سابق صورا لتشييع الجماعة بصنعاء لشابين أفريقيين يرتديان الزي العسكري ويحملان السلاح وعلى الجانب الآخر من الصورتين شعار «الصرخة الخمينية».
وأفاد الناشطون بأن الصريعين الأفريقيين يعدان من ضمن العشرات من المجندين الأفارقة الذين غررت بهم وجندتهم الجماعة للانخراط في حروبها ضد اليمنيين منذ أكثر من خمسة أعوام ماضية. وقالوا إن الجماعة لا تزال تواصل تجنيد المزيد من المهاجرين الأفارقة خصوصا الذين يصلون تباعا إلى اليمن بصورة غير شرعية.
وكانت تقارير دولية وأخرى محلية، كشفت في وقت سابق عن حملات تجنيد واسعة تقوم بها الجماعة بحق مهاجرين غير شرعيين قادمين إلى اليمن عبر البحر من دول أفريقية.
وحذرت التقارير من استمرار استغلال الميليشيات لأوضاع ومعاناة المهاجرين بمناطق سيطرتها وإجبارهم على القتال بصفوفها من خلال الزج بهم كدروع بشرية في الخطوط الأمامية للجبهات.
وفي تقرير حديث صادر عن منظمة الهجرة الدولية، أكدت فيه وصول 11 ألف شخص شهريّاً إلى اليمن على مدى العام الماضي، من منطقة القرن الأفريقي ليصل إجمالي الواصلين حتى نهاية العام 138 ألف أفريقي عبروا خليج عدن إلى اليمن.
وقالت المنظمة إن عدد المهاجرين الأفارقة في اليمن تجاوز خلال عامي 2018 و2019 عدد الذين عبروا البحر المتوسط نحو أوروبا رغم الحرب التي تعيشها اليمن حيث وصل إلى اليمن خلال العامين أكثر من 280 ألف أفريقي.
وتفيد تقارير أممية عدة بأن العديد من المهاجرين الأفارقة في اليمن باتوا يعيشون في ظل ظروف خطيرة مع توفر القليل من الغذاء والماء والرعاية الطبية. وتشير إلى أن الآلاف منهم أصبحوا اليوم معرضين لخطر الاحتجاز والاستغلال من قبل تجار البشر والمهربين وغيرهم.
وفي فعالية نظمتها الأمم المتحدة مطلع أغسطس (آب) المنصرم، أكدت منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن، ليز غراندي، أن المهاجرين الأفارقة في اليمن هم من بين الناس الأكثر ضعفا في المنطقة بأسرها. مؤكدة أنهم ضحايا «الغرق والإساءة والاستغلال».
وفي حين أفاد نائب الممثل الدائم لليمن بجنيف، السفير محمد الفقمي، في كلمة له بذات الفعالية، بأن تدفق المهاجرين من القرن الأفريقي إلى اليمن مستمر والقدرة على تلبية احتياجات المهاجرين محدودة للغاية. وقال أيضا إن الوضع الاقتصادي الصعب للغاية في اليمن ومعدل البطالة - لكل من اليمنيين والمهاجرين - والوضع السياسي وانعدام الأمن كل ذلك يؤدي إلى معاملة غير إنسانية واستغلال حقيقي للمهاجرين. في إشارة منه لاستغلال الانقلابيين لمعاناة المهاجرين الأفارقة.
على الصعيد نفسه، اتهم حقوقيون يمنيون الجماعة الحوثية باستغلال المهاجرين الأفارقة الواصلين إلى اليمن بجعلهم مصدرا لتمويل حربها من خلال تسهيلها تهريب الآلاف منهم إلى الأراضي السعودية مقابل دفع كل واحد منهم 500 دولار، بينما من يعجز عن التكاليف يتعرض للاحتجاز والمضايقة ثم الإفراج شريطة الانضمام إلى جبهات القتال.
كما كشفت مصادر عسكرية وتحقيقات مع أسرى أفارقة قاتلوا بصفوف الحوثيين في مأرب والجوف بمعارك سابقة عن وعود تمنحها الجماعة للمهاجرين بإعطائهم السلاح الذي سوف يحصلون عليه خلال المواجهات مع قوات الجيش اليمني.
وكانت المنظمة الدولية للبلدان الأقل نموا، قالت نهاية العام الماضي إنها وثقت قيام الميليشيات بتجنيد المرتزقة الأفارقة وتدريبهم وتجهيزهم للقتال خلال الفترة ما بين 2015 - 2018 وأدلى عدد من هؤلاء المرتزقة باعترافات تثبت ذلك. وأشارت المنظمة إلى أن الجماعة الحوثية لجأت للاستعانة بهؤلاء من الجزر الأفريقية المحاذية لليمن.
وعلى ذات المنوال، نددت الحكومة الشرعية بتجنيد الميليشيات للاجئين الأفارقة للقتال بصفوفها، واعتبرتها جريمة بحق الإنسانية، ومخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية.
وقال وزير الإعلام اليمني في حكومة تصريف الأعمال معمر الإرياني، في تغريدات على «تويتر» إن «قيام ميليشيات الحوثي بتجنيد اللاجئين الأفارقة والمهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول القرن الأفريقي واستغلالهم في أعمال قتالية تستهدف أمن واستقرار اليمن ودول الجوار وتهديد المصالح الدولية، تعد جريمة حرب مرتكبة ضد الإنسانية ومخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية».
ودعا الإرياني المنظمات الدولية المعنية باللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية وكافة نشطاء حقوق الإنسان لإدانة الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها ميليشيا الحوثي بحق اللاجئين والمهاجرين الأفارقة، والضغط لوقف استخدامهم في أعمال قتالية واستخدامهم وقودا للمخططات الإيرانية ومعاركها العبثية في المنطقة.
وأشار إلى أن الميليشيات تلجأ بكل وضوح إلى اللاجئين الأفارقة لتغطية عجزها في المقاتلين، بعد نفاد مخزونها البشري، جراء الخسائر الثقيلة التي تلقتها بمختلف جبهات القتال، وعلى وجه الخصوص (مأرب، الجوف، البيضاء)، وعزوف أبناء القبائل عن الرضوخ لضغوطها والاستجابة لدعوات النكف القبلي.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.