استعراض عضلات قد يجهض تفاهمات غزة

تقرير في صحيفة عبرية يربط التوتر الميداني بـ {معركة انتخابية} بين السنوار وهنية

مهرجون يرفهون عن اطفال خان يونس جنوب غزة فترة الاغلاق بسبب كورونا (رويترز)
مهرجون يرفهون عن اطفال خان يونس جنوب غزة فترة الاغلاق بسبب كورونا (رويترز)
TT

استعراض عضلات قد يجهض تفاهمات غزة

مهرجون يرفهون عن اطفال خان يونس جنوب غزة فترة الاغلاق بسبب كورونا (رويترز)
مهرجون يرفهون عن اطفال خان يونس جنوب غزة فترة الاغلاق بسبب كورونا (رويترز)

حذّرت أوساط الخبراء السياسيين من أن عمليات التهديد واستعراض العضلات المتبادلة بين كل من القيادة الإسرائيلية وقيادة «حركة حماس»، قد تؤدي إلى إجهاض التفاهمات التي توصل إليها الطرفان، وبفضلها عاد التيار الكهربائي إلى البيوت والمستشفيات، وعاد ضخ الماء إلى الأنابيب.
وجاءت هذه التحذيرات على إثر إعلان كل من إسرائيل و«حماس» أن مدة التفاهمات هي شهران فقط، واستخدام نفس اللهجة من الطرفين؛ «أمهلناهم شهرين». ومع أن هذا الخطاب موجه بالأساس، كلٌ لجمهوره، فإنه من الممكن تحويله إلى صدام يدهور الأوضاع الأمنية من جديد، بشكل لا يريده الطرفان. وكانت أوساط سياسية قد أكدت أن «حماس» وإسرائيل توصلتا إلى تفاهمات بوساطة قطر ومصر والأمم المتحدة، بشأن التهدئة في قطاع غزة. فراح الفلسطينيون يشكون من أن هذه التفاهمات التي حددت لشهرين، لن تغير شيئاً من معاناتهم بشكل جذري. وهذا مقلق بشكل خاص مع انفجار الإصابات بفيروس كورونا من جديد. وتساءلوا: «إذا كنا سنعود إلى الوضع الذي كنا عليه قبل شهر، فلماذا أطلقنا البالونات الحارقة وأي فائدة جنيناها من ذلك؟». وراح الإسرائيليون يشكون من أن جيشهم وحكومتهم توصلا إلى اتفاق يعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل شهر. ويترك زمام الأمور بأيدي «حماس». ولم يحل أي مشكلة لإسرائيل. ولم يعد الأسرى المحتجزون في قطاع غزة.
وفي سبيل تهدئة الجمهور من كل طرف، سارع عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، خليل الحية، إلى الإعلان أن «ما تم التوصل إليه مع الاحتلال من خلال الوساطة القطرية ليس المأمول، بل نتطلع إلى إنهاء الحصار والاحتلال، ويدنا ضاغطة دائماً على الزناد. لقد وعدنا شعبنا أنه لا توجد أي تفاهمات أو اتفاقيات يمكن أن تكبل يد المقاومة عن الدفاع عن شعبنا، ونحن ننتزع حقوقنا تحت ظل رماحنا». وأضاف: «نحن أمهلنا شهرين للاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ التفاهمات التي جرت برعاية قطرية، مؤكداً في الوقت نفسه أنه لم يجر الاتفاق على هدنة جديدة، بل تثبيت تفاهمات التهدئة، دون دفع أي ثمن سياسي. ففي هذه الجولة لم ندفع سوى مجموعة من البالونات، ولا ندفع أي أثمان، بل الاحتلال عليه أن يدفعها، ولم نقبل باشتراطات سياسية».
لكن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، نشر تقريراً يبيّن أن ما يعتبره القائد الحمساوي «لا ثمن» هو عبارة عن قصف 100 هدف (في قطاع غزة). وأرفق التقرير بخريطة تبين الأهداف التي قصفت، حتى يصدق الجمهور الإسرائيلي بأن الجيش ردّ على البالونات. فقال البيان: «خلال الأسابيع الأخيرة، رداً على إطلاق الصواريخ، وأعمال الشغب على السياج، وإطلاق البالونات الحارقة من قطاع غزة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، أغار جيش الدفاع الإسرائيلي على نحو 100 هدف إرهابي تابع لمنظمة (حماس) الإرهابية لمدة 19 ليلة. خلال الغارات، تم استهداف مواقع عسكرية في مبانٍ مركزية، وبنى تحتية تحت أرضية ومواقع عسكرية لمنظمة (حماس) الإرهابية. تشكل هذه الضربات ضرراً كبيراً للبنية التحتية والتكثيف العسكري لمنظمة (حماس) الإرهابية. جيش الدفاع على جاهزية تامة للعمل بقدر المستطاع لحماية سكان غلاف غزة والجنوب».
ونقل الصحافي أليكس فيشمان، المحرر العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، على لسان مسؤولين في الاستخبارات في جيشه، قوله، إن الجولة الأخيرة من التوتر تمت كجزء من المعركة الانتخابية الداخلية في «حماس». وقال إن قائد الحركة في قطاع غزة، يحيى السنوار، ينافس على رئاسة «حماس»، بدلاً من إسماعيل هنية الذي لم يثبت جدارته، ولكن خالد مشعل، رئيس الحركة السابق قرر خوض هذه المنافسة أيضاً. وقد أراد السنوار تحقيق مكسب ميداني، لكنه فشل. إذ إن «حماس» لم تحقق شيئاً في الصدام الأخير. وعندما دخلت المعركة مع إسرائيل ردت هذه بعنف شديد فكانت النتيجة أن معاناة أهل غزة زادت والرعب انتشر بسبب «كورونا» وتبعاتها.
وقال فيشمان: «إن السنوار وضع مطالب ذات سقف عالٍ مبالغ فيه، مقابل وقف إطلاق البالونات الحارقة ووقف التصعيد الأمني، من هذه المطالب زيادة كمية الكهرباء التي تزودها إسرائيل، وزيادة أنواع البضائع ثنائية الاستخدام (الإسمنت والأسمدة الكيماوية التي يمكن أن تستخدم أيضاً لصنع متفجرات)، وزيادة عدد العمال الفلسطينيين الغزيين في إسرائيل»، كما طلب من قطر منحه شيكاً مفتوحاً. وتابع: «رغم أن السفير القطري، محمد العبادي، أدخل 30 مليون دولار إلى غزة، فإن السنوار التقاه بحضور قادة الذراع العسكرية لـ(حماس)، وراح يصرخ عليه ويتهمه بأن قطر تتعمد إفشاله في الانتخابات الداخلية، بغرض تعزيز مكانة خالد مشعل، خصمه في الانتخابات».
يذكر أنه تطبيقاً للتفاهمات بين «حماس» وإسرائيل، تم في يوم أمس إدخال ماكينة تصنع اصطناعي و20 ألف أداة فحص «كورونا» من إسرائيل إلى غزة، وتم إعادة التيار الكهربائي وفتح باب الاستيراد والتصدير، وفتحت مساحة الصيد، والمنطقة الصناعية، مع استيعاب العمال، ومشروعات تحلية المياه.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.